قبل 1 یوم
عبد الباري عطوان
27 قراءة

هل اقتربت الحرب “الكربلائية”؟

ان يوجه “الجنرال” يسرائيل كاتس وزير الحرب الإسرائيلي رسالة “مفتوحة” الى الرئيس اللبناني جوزيف عون مساء امس الجمعة، نشرت مضمونها القناة الـ12 الإسرائيلية، يؤكد فيها “ان الجيش الإسرائيلي سيعود الى الحرب في لبنان في حال حدوث أي اختراق لاتفاق وقف اطلاق النار، وان إسرائيل لن تسمح بعودة الأوضاع الى ما قبل السابع من تشرين اول (أكتوبر) عام 2023 (طوفان الأقصى)، وان الرئيس عون ورئيس وزرائه نواف سلام مسؤولان مسؤولية مباشرة عن فرض سيادة لبنان، والحفاظ على احترام قرار وقف اطلاق النار”، فهذا لا يجسد قمة الغطرسة والاستكبار والوقاحة فقط، وانما يعني ثلاثة أمور رئيسية أيضا:
ad
الأول: ان وزير الحرب الإسرائيلي نصب نفسه حاكما فعليا في لبنان، وان الرئيس اللبناني “موظف” او قائم بالإعمال عنده، وان كاتس هو الحاكم بأمره يصدر تعليماته وما على مرؤوسيه غير الطاعة والتنفيذ.
الثاني: ان دولة الاحتلال باتت تشعر بقلق شديد جدا، وبتهديد استراتيجي من جراء استعادة المقاومة الإسلامية المتمثلة في “حزب الله” لقوتها بعد اكتمال ترتيب بيتها الداخلي، السياسي، والعسكري، وباتت تملك جاهزية قتالية عالية لوقف العدوان الإسرائيلي وتحرير كل المناطق المحتلة في الجنوب اللبناني.
الثالث: تكثيف الضغوط على الثنائي اللبناني “الحاكم” أي الرئيس عون ونواف سلام، اللذين جاءا الى السلطة بترتيبات وضغوط أمريكية، لتنفيذ ما جاء في ورقة المبعوث الأمريكي توم براك للتسريع بإعطاء الضوء الأخضر للجيش اللبناني لنزع سلاح “حزب الله” بالقوة، في إطار جدول زمني لا يتجاوز نهاية العام الحالي.
هذه الرسالة الوقحة التي لم تلق أي رد سواء من الرئيس عون، او رئيس وزرائه سلام نواف حتى كتابة هذه السطور، جاءت بعد الخطاب الناري المتحدي للشيخ نعيم قاسم أمين عام “حزب الله”، الذي هدد فيه بشن حرب “كربلائية” في حال أقدم الجيش اللبناني على تنفيذ “الأوامر” الامريكية والإسرائيلية بنزع سلاح “حزب الله” الذي يعتبر تهديدا مبطنا من قبل الحكومة اللبنانية بإشعال فتيل الحرب الاهلية في البلاد.
الشيخ قاسم كان مصيبا عندما اتهم السلطات اللبنانية بتسليم لبنان لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وتنفيذها مشروعا انتدابيا إسرائيليا أمريكيا، والا لما قَبِل الرئيس عون وسلام بهذه اللغة الإملائية الفوقية التي وردت مفرداتها في رسالة كاتس، ولم يردا عليها مطلقا، بينما بادر الرئيس سلام بالرد خلال ساعات على خطاب الشيخ قاسم الذي القاه بمناسبة إحياء اربعينية الامام الحسيني في بعلبك.
منّ اخترق اتفاق وقف اطلاق النار “المقدس” بالنسبة الى السلطات اللبنانية ليس “حزب الله” وانما الجيش الإسرائيلي الذي لم يلتزم به مطلقا، واختراقه ما يقرب من 4000 مرة، واغتيال اكثر من 221 لبنانيا، واصابة 600 آخرين، ولم تتوقف الطائرات الإسرائيلية من التحليق في أجواء العاصمة اللبنانية وخرق حاجز صوتها طوال الأشهر السبعة الماضية من عمر الاتفاق.
بالأمس قام الجنرال أيال زامير رئيس هيئة اركان الجيش الإسرائيلي بتفقد قواته التي تحتل خمسة مواقع في جنوب لبنان، واعترف رسميا في حديث للصحافيين المرافقين في جولته بأن سلاح الجو الإسرائيلي شن 600 غارة على لبنان منذ تطبيق وقف اطلاق النار قبل سبعة أشهر، ونجزم بأن تصريحاته هذه لن تحظى أيضا بأي رد او ادانة من قبل الرئيسين اللبنانيين، ولا حتى قادة الميليشيات، او أعضاء البرلمان المؤيدين للمشروع الامريكي الإسرائيلي الاحتلالي في لبنان.
الشيخ نعيم قاسم يتعرض حاليا وحزبه لهجمات شرسة من قبل الجناح اللبناني الآخر المؤيد، بل المتحمس لمؤامرة نزع سلاح “حزب الله” في تعبئة مباشرة ومتسرعة، لإشعال فتيل الحرب الاهلية في البلاد، وكأن هؤلاء المؤيدين للانتداب الأمريكي الإسرائيلي لا يعرفون حجم الكارثة التي يمكن ان تترتب على مواقفهم المتهورة هذه، وقد تستمر لسنوات وتنتهي بإختفاء لبنان كدولة، واستشهاد مئات الآلاف من أهله من كل الأعمار، في تكرار لسيناريو حرب الإبادة في قطاع غزة.
***
لفت نظرنا ونحن نتابع هذه الهجمات الطائفية الطابع، تصريح للنائب غياث يزبك من كتلة الكتائب اللبنانية، الذي قال فيه “الشيخ نعيم قاسم يقاتل إسرائيل بالكلام ويدمر لبنان بالأفعال”، مؤكدا “ان الحرب الأخيرة أقعدت حزب الله وأخرجته من الخدمة”.
ربما يفيد تذكير النائب المحترم يزبك بأن “حزب الله” لم يحارب إسرائيل بالكلمات وانما بالصواريخ والرصاص ودماء الشهداء، وهزمها مرتين في حربين وحرر من خلالهما كل الجنوب اللبناني، وأجبر جيشها على الانسحاب ذليلا، الأولى عام 2000، والثانية اثناء التصدي الإعجازي في حرب تموز عام 2006، وكان موقف الجيش اللبناني موقف المتفرج ولم يطلق رصاصة واحدة، ومن دمر لبنان ليس “حزب الله” وانما الطائرات الإسرائيلية بغطاء امريكي.
ختاما نقول ان “حزب الله” لم يخرج من الخدمة، ولم ينتهي، وان الضربات الأخيرة ربما أفادته، وعززته، وجعلته ينهض من وسط ركامها، ليعود أقوى مما كان عليه في السابق، بعد ان استوعب كل دروس الازمة، وتجاوز كل الإخفاقات والمؤامرات، وأعاد ترتيب بيته الداخلي، والأهم من ذلك ان حاضنته الشعبية الولاّدة للأبطال باتت أكثر صلابة والتفافا حوله، وقارنوا بين مضمون خطاب الشيخ قاسم الأول بعد توليه القيادة وخطابه الأخير يوم امس الأول والصورة لا تكذب، والنصر الثالث بات وشيكا جدا.. والأيام بيننا.

لا تتبنى الاشراق بالضرورة الاراء والتوصيفات المذكورة.

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP