مفاجآت قيادة “حزب الله” الجديدة في الفترة الانتقاليّة
بدء قيادة “حزب الله” الجديدة في الانتقال، وبقوّةٍ، إلى المرحلة الثانية من الحرب بإطلاق حواليّ 200 صاروخ في اليومين الماضيين على أهدافٍ في حيفا ونهاريا وصفد ما أدّى إلى قتل وإصابة 30 جُنديًّا، قد يأتي تمهيدًا للدّخول في حرب المُدُن، واستخدام أسلحة جديدة أبرزها الصّواريخ الدّقيقة والمُسيّرات الأكثر تطوّرًا وتوسيع حرب الاستنزاف للعدو وممّا يُؤدّي إلى تعاظُم خسائره البشريّة والماديّة والمعنويّة.
استهدف مُجاهدو المُقاومة الإسلاميّة اللبنانيّة اليوم تجمّعاتٍ للاحتلال وقواعده العسكريّة ومُستوطناته في الجليل المُحتل، بالتّزامن مع إفشال العديد من مُحاولات التسلّل للجيش الإسرائيلي عبر الحُدود اللبنانيّة في تصعيدٍ لافتٍ للمُواجهات، وفي إطار خطط استراتيجيّة عسكريّة مُحكمة الإعداد.
وسائل الإعلام الإسرائيليّة اعترفت اليوم باندلاع حرائق ضخمة في مِنطقة الجليل بفِعل الصّواريخ التي ضربت المِنطقة في مُحيط مدينة صفد، فشلت 15 فرقة إطفاء من السّيطرة عليها، والأهم من ذلك أنّ هذا القصف، والحرائق، التي نجمت عنه تسبّبت في رحيل، وبالأحرى هُروب، آلاف من المُستوطنين إلى ملاذاتٍ آمنة في الوسط، ممّا يعني أنّ الهُجوم الإسرائيلي على لبنان أعطى نتائج عكسيّة من حيث إفشال تعهّدات نتنياهو بإعادة النّازحين اليهود إلى مُستوطناتهم في الشّمال الفِلسطيني المُحتل، بل وزيادة أعدادهم وخسارة الخزانة الإسرائيليّة نِصف مِليار دولار يوميًّا طالما استمرّت الحرب، وستستمر.
مِن المُفارقة أنْ يخرج علينا الجنرال يوآف غالانت وزير الحرب الإسرائيلي اليوم بتصريحاتٍ يقول فيها “نحن لا نهزم العدو فقط بل نُدمّره على طُول الحُدود، وفي الأماكن التي خطّط حزب الله لاستخدامها منصّات لشن الهجمات ضدّ إسرائيل”، مُضيفًا “أنه في تلك المناطق التي أبعدنا حزب الله منها هُناك الآن وجود قويّ لقوّات جيش الدّفاع الإسرائيلي التي تسحق الإرهابيين”.
إنّها قمّة الكذب والتّهريج، فإذا كان الجيش الإسرائيلي نجح فعلًا في تدمير قوّات حزب الله، والسّيطرة على الحُدود اللبنانيّة، فمَنْ الذي أطلق 200 صاروخ في يومٍ واحد وأشعل الحرائق في عشرات الدّونمات، ودفع نتنياهو وغالانت إلى عقد اجتماع “حُكومة الحرب” تحت الأرض؟
نتنياهو الذي هرب من بيته في قيساريا في أطراف حيفا بعد قصفه بمُسيّرةٍ لبنانيّة انقضاضيّة فشلت كُل الدّفاعات الجويّة والأرضيّة والرّادارات في رصدها وإسقاطها، ولم يعد قادرًا على العودة إليه خوفًا ورُعبًا، فكيف سيُنفّذ وعده بإعادة ما يقرب من 150 ألف مُستوطن إلى بُيوتهم في الشّمال الفِلسطيني المُحتل؟
حرب الإبادة التي يُمارسها الجيش الإسرائيلي حاليًّا في شمال قطاع غزة، وفي مدينتيّ جباليا وبيت لاهيا تحديدًا، وأدّت إلى ارتقاء ما يقرب من 500 شهيد ومئات الجرحى مُعظمهم من الأطفال حتّى الآن، ليست دليل انتصار، وإنما تأتي تأكيدًا على اتّساع دوائر الهزائم على كُل الجبهات، فالشّهيدان حسام أبو غزالة وعامر قواس سارا على نهج الشهيد النشمي ماهر الجازي عندما اقتحما الحُدود وأطلقا النّار وأصابا جنديين إسرائيليين أحدهما إصابته خطيرة، وافتتحا الجبهة الأردنيّة الأطول مع الاحتلال، ومهّدا الطّريق لتدفّق المئات، وربّما الآلاف من شباب الأردن، للامتداد بآبائهم الذين سطّروا بدمائهم الطّاهرة ملحمة الكرامة.
آلاف من المُقاتلين الأشدّاء في المُقاومة الإسلاميّة العِراقيّة يتدفّقون الآن بالآلاف إلى سورية وجبهة الجولان، بينما تتواصل الهجمات الصّاروخيّة وبالمُسيّرات على القوّات العسكريّة في الهضبة المُحتلّة وقواعدها، ولعلّ المُرابطين على جميع الجبهات في اليمن وغزة والضفّة والعِراق وجنوب لبنان في انتظار ساعة الصّفر للهُجوم الجماعي بصواريخ ومُسيّرات جرى توفيرها لهذا اليوم التّاريخي الذي قد يكون الهُجوم الإسرائيلي المُتوقّع على إيران لتدمير مُنشآتها النوويّة والنفطيّة، والرّد المُتوقّع المُزلزل عليه لفتح أبواب جهنّم على العدو التاريخي.
عندما يصل عاموس هوكشتاين المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى لبنان يوم الاثنين، ونظيره الصّهيوني أنتوني بلينكن وزير الخارجيّّة إلى القاهرة الأربعاء فإنّ هذا الحِراك يأتي لإنقاذ دولة الاحتلال من هزائمها، وللاستعانة بجُهود “الحُلفاء” العرب في المِنطقة الذين يأتمرون بأمر واشنطن لإيجاد المخارج ووقف إطلاق النّار والضّغط على قيادات المُقاومة لتنفيذ المطالب والشّروط الإسرائيليّة.
بعد استشهاد المُجاهدين الكبيرين السيّد حسن نصر الله في لبنان، والمُجاهد يحيى السنوار في فِلسطين، لن يجد المبعوثان الصّهيونيان الأمريكيان إلا الاحتقار من فصائل المُقاومة على الأقل، فإذا كانت زيارتهما التي زادت عن 10 زيارات في أقل من عام إلى القاهرة وبيروت وجولات المُفاوضات التي كانت تحت رعاية دولتهما المُشاركة في حُروب الإبادة لم تُحقّق أيّ تقدّمٍ ومُنيت بالفشل، فهل سيكون الوضع مُختلفًا بعد استِشهادهما، وتولّي قيادات جديدة أكثر تشدّدًا، تضع الثّأر لأرواحهما قمّة أولويّاتها؟
المُقاومة لن تصرخ أو ترمش أوّلًا، وستكسر الذّراع الإسرائيلي في نهاية المطاف، وستظل تُقاتل فوق أرضها بشجاعةٍ وبُطولةٍ، أمّا نتنياهو فسيظل مِثل الجِرذ ينتقل من مخبأ إلى آخَر تحت الأرض حتّى يقع في المِصيدة، ولعلّ نجاح أبطال جباليا في قتل قائد اللواء الإسرائيلي 401 اليوم هو أحد بشائر النّصر، وتأكيدًا على ما نقول.. والأيّام بيننا.
لا تتبنى الإشراق بالضرورة الآراء والتوصيفات المذكورة