نيران الحرب باتت تقترب من تل أبيب!
في الثالث من أيلول (سبتمبر) عام 2015 خرج علينا المِلياردير المِصري نجيب ساويرس بفكرةٍ جهنّميّة عبّر عنها في تغريدةٍ على حسابه على “التويتر” فحواها استِعداده لشِراء جزيرة إيطاليّة، أو يونانيّة لاحتِضان المُهاجرين السوريين لتكون وطنًا جديدًا “مُؤقّتًا” لهم، ولكُل نُظرائهم التي قد تُواجه بلادهم موجات هجرة ونِزاعات مُماثلة، وناشد السّلطات اليونانيّة، والإيطاليّة أن يتجاوبوا مع اقتِراحه، وقال إنّه سيُوفّر لهم المساكن، والوظائف، في بلدهم الجديد.
الأمر المُؤكّد أنه لم يخطر في بالِ المِلياردير ساويرس، الذي واجه حملات سُخرية “شرسة” في حينها أنه بعد سبع سنوات من طرح هذه الفكرة “المجنونة” سيأتي ثريًّا إسرائيليًّا يُدعى أفري شتاينر، عُضو مجلس إدارة شركة “همنوتا يرواشيلم” التابعة للصندوق القومي اليهودي، ويتبنّاها حرفيًّا، ويُضيف عليها بالقول، وبعد إجرائه دراسات مُتعمّقة، أن هُناك 40 جزيرة يونانيّة خالية من السكّان، تتراوح قيمتها بين 10 إلى 100 مِليون دولار، يُمكن أن تكون “قبّة حديديّة” أُخرى لحِماية الشعب اليهودي من الصّواريخ التي يُمكن أن تهطل عليه مِثل المطر في المُستقبل، وضرب مثلًا بصواريخ “حزب الله” التي وصلت إلى مدينة نتانيا شمال تل أبيب أثناء حرب تمّوز عام 2006، ويُمكن أن تصل الآن إلى كُل المُدُن “الإسرائيليّة” في الشّمال والجنوب.
***
اقتِراح شتاينر قُوبِل بالرّفض بالإجماع من قبل أعضاء مجلس الإدارة لأنّه يتعارض مع أهداف الصندوق القومي اليهودي الذي تأسّس عام 1901 كوسيلة لجمع الأموال من يهود العالم من أجل شِراء الأراضي في فِلسطين العثمانيّة، لتمويل بناء المُستعمرات اليهوديّة ثمّ وبعد ذلك في فِلسطين تحت الانتِداب البريطاني وفي الضفّة والقِطاع المُحتلّين لاحقًا.
لا نستبعد أن يندم أعضاء مجلس إدارة هذه الشّركة والصّندوق القومي الإسرائيلي أشدّ النّدم على رفضهم هذا الاقتِراح في المُستقبل القريب لأنّهم سيُدركون أن شتاينر صاحبه، كان بمثابة “المُتبنّي اليهودي” المُتقدّم عليهم فكريًّا وسياسيًّا بعدّة عُقود، علاوةً على كونه يملك قُدرات عالية وذكيّة، على استِقراء مُستقبل قاتم لأبناء جِلدَته في فِلسطين المُحتلّة، ووضع الحُلول والخطط الإنقاذيّة، بالنّظر إلى الأخطار التي تُحيط بهم من كُل الجِهات وعُنوانها الأبرز مِئات الآلاف من صواريخ محور المُقاومة الدّقيقة والمُتطوّرة جدًّا.
لا بُدَّ أن شتاينر الذي سيُواجه حملات السّخرية والتّخوين مِثل نظيره المِلياردير ساويرس، صاحب حُقوق مُلكيّة هذا الاقتِراح، ولعلّ ما دفعه إلى إعادة إحيائه، ولكن بطبعة يهوديّة مُنقّحة، دروس معركة “سيف القدس” في أيّار (مايو) من العام الماضي، التي عزلت “إسرائيل” عن العالم لمُدّة 11 يومًا، وأرسلت ستّة ملايين من مُستوطنيها إلى الملاجئ، وأغلقت مطاريها المدنيين الوحيدين (اللّد ورامون) لأوّل مرّة مُنذ قيامها قبل 74 عامًا حيث فشلت القبب الحديديّة في حِمايتهم، واعتِراض 4200 صاروخ أطلقها رجال المُقاومة في قِطاع غزّة.
***
نيران الحرب، بأشكالها التقليديّة والسيبرانيّة باتت تقترب من تل أبيب، ففي أسبوعٍ واحد جرى تدمير مركز للموساد الإسرائيلي في أربيل بـ12 صاروخًا انطلقت من الأراضي الإيرانيّة، وشنّ الحرس الثوري الإيراني هُجومًا سيبرانيًّا هو الأضخم من نوعه أحدث شللًا في حواسيب الوزارات والإدارات الإسرائيليّة.
في الحرب القادمة، وربّما الوشيكة، ستنهال الصّواريخ (بمُعدّل ثلاثة آلاف صاروخ يوميًّا حسب التّقديرات الإسرائيليّة) من كُل الجِهات على “الدولة العبريّة”، ولن يكون أمام مُستوطنيها غير رُكوب البحر غربًا للنّجاة بأرواحهم، وهُنا تكمن عبقريّة اليهودي شتاينر عندما أراد تهيئة ملاذ آمِن لهم في الجُزُر اليونانيّة الأقرب، بأسْرعِ وَقتٍ مُمكن.
السيّد حسن نصر الله أمين عام “حزب الله” كان ناصِحًا صَدوقًا للمُستوطنين اليهود عندما طلب منهم تعلّم السّباحة لأنّ سِيناريو المُستقبل: “البحر من أمامهم والصّواريخ من خلفهم”.. واللُه أعلم.
لا تتبنى الاشراق بالضرورة الاراء و التوصيفات المذكورة.