أين سوريا التي نفخر بها؟
ان يقوم بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بزيارة لتفقد قواته في جنوب سورية على رأس وفد كبير يضم جدعون ساعر وزير الخارجية، ويسرائيل كاتس وزير الحرب، والجنرال ايال زامير رئيس هيئة الأركان، ورئيس الشاباك دافيد زيتي، فهذه خطوة استفزازية تؤكد ان هذا الجنوب السوري، ليس له علاقة بالشمال، وبات مستوطنة إسرائيلية كبرى محتلة، وكجزء من دولة الاحتلال أسوة بهضبة الجولان، وجبل الشيخ.
حكومة دمشق الجديدة اكتفت بإصدار بيان اعتبرت فيه هذه الزيارة بأنها انتهاك للسيادة السورية، وانهالت عليها بيانات الإدانة من داعميها في الأردن، وقطر، والكويت، بينما التزمت الولايات المتحدة الامريكية التي فرشت الأسبوع الماضي السجاد الأحمر للرئيس المؤقت أحمد الشرع الذي قام بزيارة “تاريخية” للبيت الأبيض الذي دخله متسللا من الباب الخلفي، او “باب الخدم” مثلما يحلو للبعض تسميته.
لا نعرف اين هي السيادة السورية التي اخترقها نتنياهو والوفد الكبير المرافق له، فالغارات الإسرائيلية على كل بقعة في سورية، سواء في الجنوب او الشمال او الوسط لم تتوقف على الاطلاق منذ سقوط حكم الرئيس بشار الأسد، بضوء أخضر امريكي، وبمباركة من تركيا وتواطؤ من قبل الحليف الروسي.
هذه الزيارة التي قام بها نتنياهو وسط “زفة إعلامية” مقصودة، وجرى استخدامها كذريعة للتهرب من الادلاء بشهادته امام المحكمة الإسرائيلية العليا التي كانت مقررة يوم امس الأربعاء، جرى الحاقها بإرسال 8 طائرات حربية إسرائيلية اليوم الخميس لاختراق الأجواء السورية ليس في العاصمة دمشق فقط، وانما أيضا فوق حلب وحمص وحماة.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو حالة الصمت المطبق التي تسود الدولة التركية العظمى والرئيس رجب طيب اردوغان، الحليف الأقوى للرئيس المؤقت احمد الشرع، الذي يتباهى دائما بأنه لعب الدور الأكبر في اطاحة النظام السوري السابق، وتحرير سورية، وإعادة سيادتها واستقلالها، فالقوات التركية ترابط على بعد بضع كيلومترات من هذه المدن الثلاث.
والأخطر من كل ما تقدم، ان أهم إنجازات زيارة الرئيس الشرع لواشنطن، هو تعهده، وبعد الانضمام الى التحالف الدولي للحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، بالعمل فورا من أجل تفكيك والقضاء على الجماعات الإرهابية في المنطقة وعلى رأسها “حزب الله” اللبناني، وحركة “حماس” أينما كانت، والحرس الثوري الإيراني.
***
كنا نتوقع في هذه الصحيفة ان يصدر بيان عن الحكومة السورية المؤقتة في دمشق ينفي هذا التعهد بالتورط في حرب ضد “الجماعات الإرهابية” المذكورة آنفا، وتكذيب صاحبها توم برّاك المبعوث الأمريكي الى وسورية ولبنان وسفير بلاده في أنقرة، ولكن خاب أملنا، وهي ليس المرة الأولى على أي حال، ويبدو انها لن تكون الأخيرة أيضا، وبتنا نترحم على الأيام التي كانت تتوعد فيها “سورية الأسد” بالرد في المكان والزمان المناسبين”، وهي العبارة التي كانت موضع سخرية وتندر من خصومها.
هذه ليست سورية التي نعرفها، ونعتز بها.. سورية التي خاض جيشها أربعة حروب للتصدي للتحديات والاحتلالات والاستفزازات الإسرائيلية، وندرك جيدا ان هذا الرأي لن يهبط بردا وسلاما على قلوب الذين يدسون رأسهم في التراب، ويتجاهلون هذه الحقائق، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
لا تتبنى الاشراق بالضرورة الاراء والتوصيفات المذكورة.