قبل 2 شهور
عبد الباري عطوان
48 قراءة

كيف انقلب سِحر الكذب على صاحبه؟

نستغرب هذا الاهتمام العربيّ الرسميّ والنخبويّ بخِطاب بنيامين نتنياهو في الكونغرس، وتسخير مُعظم وسائل الإعلام لتغطيته، وحشد عشرات المُحلّلين للتّعليق على مضمونه، وتحليل كلماته وعباراته في برامجٍ تلفزيونيّة استمرّت لساعاتٍ في الوقت الذي قاطعه نِصف النوّاب الديمقراطيين احتِقارًا وإهمالًا، وتظاهر الآلاف من الأمريكيين الشّرفاء احتجاجًا على حرب الإبادة التي يشنّها ضدّ الأطفال والمرضى وتجويع الملايين من المُحاصَرين من المدنيين في القطاع الصّامد المُقاوم البطل.
هذا الكونغرس الأمريكي الذي استقبل غالبيّة نوّابه مُجرم الحرب الإسرائيلي بالتّصفيق وقوفًا لأكاذيبه، ودعمًا لمجازره أكّد للمرّة المِليون أنّ الديمقراطيّة الغربيّة هي ديمقراطيّة القتل والإبادة وسفك الدّماء، وليس لها أي علاقة بالعدالة وحُقوق الإنسان والحُريّات بأشكالها كافّة.
***
نتنياهو الذي صفّق لهُ نوّاب العار وقوفًا في الكونغرس أهانَ أمريكا بحُضوره وغطرسته، عندما تطاول على شُرفائها المُتظاهرين ضدّ حرب إبادته وتطهيره العرقيّ في القطاعِ الصّامد، ووصفهم بأنّهم مُرتزقة عُملاء لإيران، والمُقارنة المُثيرة للسّخرية بين هجمات السّابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) وهجمات الحادي عشر من (سبتمبر) على مركز التّجارة العالمي في نيويورك، والادّعاء الرّخيص بأنّه سيُقاتل إيران دفاعًا عن إسرائيل وأمريكا، وهو الذي يرتعد خوفًا منها ويخشى المُواجهة المُباشرة معها خاصَّةً مُنذ هُجوم “الوعد الصّادق”، ووصف العرب والمُسلمين بالمُتوحّشين، والإسرائيليين بالحضاريين الذين يُقاتلونهم نيابةً عن العالم المُتمدّن الغربيّ.
هؤلاء المُتظاهرون الشّرفاء الذين تجمّعوا أمام الكونغرس أثناء خطاب هذا المُجرم الكذوب المُتغطرس والمَهزوم، هُم الذين يُمثّلون أمريكا المُستقبل، وليس النوّاب الفاسدون المُشتَرون بأموالِ اللّوبي الصّهيوني، وثوّار الجامعات الأمريكيّة هُم الجيل الجديد من الحكّام والسّياسيين والنّاخبين الذين سيُغيّرون وجْه بلادهم القبيح المُتواطئ مع آلَة الإجرام الإسرائيليّة وسفكها للدّماء إنْ عاجَلًا أو آجَلًا.
العرب والمُسلمون الذين يقفون في خندق المُقاومة، ويدعمون الانتِصارات التي تُحقّقها يوميًّا في الضفّة والقطاع واليمن وجنوب لبنان والعِراق وسورية، ويضحّون بفلذاتِ أكبادهم لا يهابون أمريكا، ولا يخافون من الجيش الإسرائيلي المهزوم بشَكلٍ مُهين على كُلّ الجبَهات، ولا يُتابعون خطابات هذا البهلوان المُهرّج الذي اسمه نتنياهو، وإنّما يُتابعون أبا عبيدة، والعميد يحيى سريع النّاطق باسم القوّات المُسلّحة اليمنيّة، وكُلّ النّاطقين والمُتحدّثين باسم الأبطال الذين يزفّون للعالم أنباء الهزائم الإسرائيليّة الأمريكيّة في جبَهاتِ القتال السّبع بكُلّ شفافيّةٍ وصِدق.
نتنياهو يتباهى بعلاقاته القويّة مع المُطبّعين، وقال في خطابه إنّه يتطلّع إلى تشكيلِ تحالفٍ معهم، وخاصَّةً أتباع منظومة “سلام أبراهام” للتصدّي لمحور المُقاومة وبُطولات أجنحته العسكريّة الضّاربة، ونقول له مباركون عليك، وتهانينا لك بهم، فهم يستحقّونك وأنت تستحقّهم، وقد “وافق شَنٌّ طبقة”.
***
ختامًا نقول، وبكُلّ ثقةٍ، إنّ قوم القسّام، وسرايا القدس، وكتائب الرّضوان، وألوية الصّمّاد ورجال الأنصار، الذين شِعارهم “الهُدهُد” المُبارك بنُسخه الثلاث، ورمزهم المُسيرّة اليمنيّة المُباركة “يافا” التي حقّقت مُعجزة الاختٍراق لكُلّ الرّادارات ووصلت إلى هدفها في قلبِ تل أبيب بعد طيرانٍ استمرّ 9 ساعات وقطعت مسافة 2000 كيلومتر، وانفجرت على بُعد بضعة أمتار من السّفارة الأمريكيّة، وأوقعت عددًا كبيرًا من القتلى والجرحى، وبثّت الرّعب في نُفوس ملايين المُستوطنين، هؤلاء سينتصرون حتمًا، أمّا نتنياهو ورهطه فستكون نهايتهم مِثل نهاية كُل النّازيين قتلة الأطفال الشّهداء الطّاهرين، ولن تنفعهم، أو تُنقذهم، هذه الخِطابات الوقحة، ولا التّصفيق وقوفًا من قِبَل المُرتزقة الذين باعوا ضمائرهم مُقابل حفنة من المال المُلوّث بدماءِ الأبرياء في فِلسطين المُحتلّة.. والأيّام بيننا.

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP