قبل 4 سنە
ليلى نقولا
495 قراءة

الانتخابات الإيرانية 2021: هل يتريّث بايدن في رفع العقوبات؟

في مؤشرات واضحة على رغبته في العودة إلى الاتفاق النووي، تحدَّث الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن عن رغبته في العودة إليه، معتبراً أنَّ الحد الأدنى الذي من المفترض الوصول إليه هو "منع إيران من امتلاك السلاح النووي"، معتبراً أنَّ خروج ترامب من الاتفاق كان خطيئة، فبدلاً من أن يمنعها من ممارسة أنشطتها النووية، وبدلاً من أن يدفعها بفعل الضغوط القصوى والعقوبات للعودة إلى طاولة المفاوضات، ساهمت سياساته في رغبة إيران في التخلي عن التزاماتها الدولية والعودة إلى التخصيب النووي فوق السقف المتفق عليه.

عملياً، باشتراط إيران العودة عن جميع العقوبات التي فرضت في هذه الفترة لقبولها بالعودة إلى اتفاق العام 2015، تدور الكثير من التكهنات حول تصرف إدارة جو بايدن ومدى سرعتها ومرونتها في العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وخصوصاً في ظل اتجاه الإيرانيين إلى انتخابات في حزيران/يونيو من العام القادم، وحيث تلامس الحماسة الانتخابية أوجها بدءاً من أواخر آذار/مارس 2021. وفي هذا الإطار، يمكن الحديث عن ثلاثة خيارات:

- الخيار الأول: أن ينتظر بايدن نتائج الانتخابات الإيرانية كما انتظر الإيرانيون نتائج الانتخابات الأميركية، فيقرّر على ضوئها، فليس من المنطقي منح مكاسب لسلطة إيرانية قد لا تبقى في الحكم.

- الخيار الثاني: أن يعمد إلى التسريع بالعودة إلى الاتفاق مع إيران، لاستغلال زخم رفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق للتأثير في نتائج الانتخابات الإيرانية الداخلية.

- الخيار الثالث: أن يعتمد سياسة "خطوة خطوة"، فيتدرج في رفع العقوبات في مرحلة أولى قبل الانتخابات، وصولاً إلى المفاوضات في فترة ما بعد الانتخابات الإيرانية.

عملياً، إن الظروف المحيطة بالعودة إلى الاتفاق النووي للعام 2015 قد تكون معقّدة ومتشعّبة ومرتبطة بظروف دولية وإقليمية، لعل أبرزها:

1-               ظروف الانتخابات الإيرانية القادمة، إذ سيكون أي أمر داخلي أو خارجي مثاراً للاستثمار انتخابياً من قبل المرشحين المتنافسين.

لقد أثار اغتيال العالم النووي الإيراني موجة من الانتقادات الداخلية للحكومة الإصلاحية، إذ أشار البعض إلى أنّ الاتفاق النووي وسماح طهران بمقابلات لوكالة الطاقة الذرية مع فخري زادة هو ما ساهم في كشفه ثم اغتياله، وهو الأمر الذي نفته السلطات الحكومية بشدة، نافية أن يكون فخري زادة قد قابل موظفي الوكالة.

وبالمثل، إنَّ مجيء بايدن إلى البيت الأبيض في الولايات المتّحدة وقيامه برفع العقوبات التي وضعها ترامب على إيران سوف يقوي موقف الإصلاحيين في الانتخابات القادمة، بينما وَضْع شروط تعجيزية، مثل التفاوض على الصواريخ الباليستية الإيرانية وبقاء العقوبات، وبالتالي بقاء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية على أشدها، سوف يدفع المحافظين إلى استغلال الوضع لمصلحتهم في الانتخابات القادمة.

2-               الموقف الإسرائيلي الذي سيضغط على إدارة بايدن لعدم التنازل في الموضوع الإيراني، ولاستثمار الضغوط القصوى التي فرضها ترامب من أجل إجبار إيران على تقديم التنازلات في ملف الصواريخ الباليستية، ولتقليص نفوذها الإقليمي ودعم قوى مثل حزب الله وحماس وغيرها.

هذا الموقف الإسرائيلي وجد صداه باكراً في تصريح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الذي اعتبر أن الاتفاق النووي السابق مع إيران لم يعد كافياً، ودعا إلى توسيعه ليشمل البرامج الباليستية الإيرانية والدور الإيراني في المنطقة، مؤكداً أنه تفاهم بشأن هذه النقاط مع نظيريه الفرنسي والبريطاني.

3-               الموقف الخليجي المدعّم إسرائيلياً بالمصلحة المشتركة وباتفاقيات التطبيع التي عزَّزت وضع الخليجيين مع أي إدارة أميركية مقبلة، إذ سيتذرّع الخليجيون بالقلق الأمني الذي تشكّله إيران عبر شبكة صواريخها وأسلحتها ووكلائها في المنطقة، وخصوصاً الحوثيين وحزب الله والحشد الشعبي في العراق.

وعلى هذا الأساس، ستجد إدارة بايدن نفسها مضطرة إلى الموازنة بين هذه الضغوطات، إذ ليس من مصلحة الغرب والأميركيين هزيمة الإصلاحيين في إيران وعودة التشدّد إلى السياسات الإيرانية، وخصوصاً في ظل وضع صعب انتخابياً عاشه الإصلاحيون بعد مجيء دونالد ترامب وتراجعه عن الاتفاق النووي والعودة إلى العقوبات، كانت مؤشراته واضحة في الانتخابات البرلمانية الإيرانية في العام 2020، التي فاز فيها المحافظون بأغلبية ساحقة، وتدنَّت نسبة المشاركة فيها إلى حوالى 40%، بينما لم تقل هذه النسبة عن 50% طيلة 40 عاماً.

ويحتاج التيار الإصلاحي إلى رافعة انتخابية حقيقية، مثل رفع العقوبات، وخصوصاً في ظل التردي الاقتصادي والاجتماعي الذي تعيشه البلاد، وقوة التيار المحافظ داخلياً، والمعارضة الإيرانية للثورة في الداخل والخارج، التي كانت "تأمل" أن تؤدي عقوبات ترامب على المجتمع الإيراني إلى تقويض الحكم الديني برمته وإسقاط النظام الإيراني.

وعليه، وفي دراسة للخيارات المتاحة أمام بايدن، نتوقَّع أن تعتمد الإدارة الأميركية القادمة مبدأ "التقدم خطوة خطوة"، بحيث:

- تؤجّل التفاوض على العودة إلى الاتفاق إلى ما بعد الانتخابات الإيرانية في حزيران/يونيو 2021، وتقوم برفع العقوبات الجديدة التي فرضها ترامب بصورة تدريجية.

- تعمد إلى رفع بعض العقوبات لتحفيز جهود مكافحة كورونا ولدواعٍ إنسانية وسواها، ما يريح المجتمع الإيراني ويخدم التيار الإصلاحيّ، مقابل تعهّد إيراني بوقف زيادة التخصيب النووي والعودة إلى بعض شروط اتفاق 2015 التي كانت إيران قد خرقتها نتيجة لعقوبات ترامب.

- تبقي بعض العقوبات التي فرضها ترامب للمساومة في مرحلة لاحقة، إذ يتم استثمارها بعد الانتخابات للعودة إلى المفاوضات على الاتفاق النووي. وستكون نتائجها مرتبطة بقوة المفاوض الإيراني والأوراق التي يملكها، في مقابل الضغوط الخليجية والإسرائيلية وتوزيع الأدوار بين الأميركي والأوروبي.
 
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP