إصابة ترامب بكورونا: هل تخدم حملته الانتخابيّة؟
منذ أن أعلن الرئيس الأميركي إصابته وزوجته بفيروس كورونا، ثم أعلن الأطباء عن الحاجة إلى نقله إلى مستشفى "والتر ريد" العسكري، لم تتوقف وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة وخارجها عن التعليق على الحدث، وانتشرت نظريات المؤامرة في وسائل التواصل، معتبرة أنّ ترامب غير مصاب، وأنّه "يكذب" بشأن إصابته بالمرض، وأنَّه يهدف إلى كسب التعاطف والتأييد لحملته الانتخابيّة.
وفي هذا الإطار، يبدو من المفيد مناقشة كل الفرضيات حول قدرة كورونا على مساعدة ترامب في انتخاباته، بعدما أدت الأرقام الهائلة للإصابات وتراجع الاقتصاد إلى خسارة التأييد الذي كان يتمتع به في بداية السنة الحالية قبل انتشار الوباء.
الفرضية الأولى: أن يكون ترامب بالفعل "كاذباً" حول إصابته دعاة هذه النظرية الافتراضية يشيرون إلى الصور والفيديوهات التي نشرها ترامب، والتي تثير التعاطف، وإلى التضارب في التقارير التي أعلنها أطباؤه، فمن جهة، تحدّثوا عن تحسّن صحته، وقالوا إنه بخير. ومن جهة أخرى، أشاروا إلى إعطائه عقاقير تستخدم لحالات مرضى كوفيد 19 الصعبة.
هذه الفرضيّة تستند إلى أنّ ترامب كان قد أدّى أداءً سيئاً جداً في المناظرة مع بايدن، إضافة إلى أنَّ الأسبوع المنصرم حفل بالكثير من النكسات لحملته الانتخابيّة، منها الفضيحة حول المبلغ الزهيد من الضرائب التي يدفعها، وتسجيل صوتي مسرّب لميلانيا تتذمّر فيه من القيام بمهامها في تزيين شجرة الميلاد، وغيرها، وبالتالي فإنه يحتاج إلى كسب التعاطف والانكفاء لبعض الوقت لترتيب الحملة والهجوم مجدداً.
تمتلك هذه الفرضية بعض الصّوابية، انطلاقاً من دروس تجربتي كلّ من بوريس جونسون وبولسونارو، اللذين عانيا بشدّة من الانتقادات حول كيفيّة تعاطيهما مع الوباء، ثم أتت إصابتهما لتكسبهما تعاطفاً شعبياً. وقد بيّنت الاستطلاعات أنَّ إصابة بولسونارو وتعاطيه "القوي" مع الإصابة، شدّ أواصر مؤيديه الذين - يشبهون إلى حدّ بعيد القاعدة المؤيدة لترامب - يحبون مظهر القوة، ويغرمون بـ"البلطجة والتنمر" على الآخرين.
الفرضيّة الثانية: أن يكون ترامب فعلاً قد أصيب بالفيروس هذه الفرضيَّة تستند إلى أنَّ العديد من أركان حملة ترامب، إضافةً إلى العديد من العاملين في البيت الأبيض ومن حضروا الاحتفالات التي حضرها وساعدوه في التحضير للمناظرة، أتت نتيجتهم إيجابيَّة.
انطلاقاً من دراسة شخصية ترامب وتركيبته النفسيّة، يمكن القول إنَّ من طبيعته المكابرة وكرهه لمواقف الضّعف والعجز، وتنمّره على كلّ المرضى والعاجزين، حتى وصل به الأمر إلى التنمّر على معتقلي الحرب والمصابين فيها، وهذا يعني أنَّ من الصعب عليه أن يصطنع مواقف الضعف لكسب التعاطف، فالضعف والمرض والشفقة كلّها لا تعني له شيئاً، بل هي رذائل يجب مكافحتها. لذا، من المرجّح أن يكون قد أصيب فعلاً بالفيروس، وأنه لم يستطع إخفاء الأمر.
وفي النتيجة، وبغض النظر عما إذا كانت إصابة ترامب حقيقية أم مصطنعة، إلا أنها من الصعب أن تغيّر النتائج الانتخابية بشكل دراماتيكي، فالانقسام العمودي في الولايات المتحدة الأميركية، والاستقطاب الذي تشهده هذه الانتخابات، من الصعب أن تغيّرهما قضية إصابة ترامب وزوجته، إضافة إلى أن الكلام المهادن الذي استخدمه ترامب في اليومين الأولين من مرضه، عاد وتراجع عنه، ليغرق متابعيه على تويتر بكمّ هائل من الدعوات الانتخابية والصور التي توحي بأنَّ وجوده في المستشفى ليس للاستشفاء، بل إنه يمارس مهامه الرئاسية، ويواصل حملته الانتخابية من الجناح الرئاسي في مستشفى "والتر ريد"، ما يفسح المجال للديموقراطيين للهجوم عليه من جديد.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الاشراق وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً