2020: عام المرأة!
لعقود قادمة، سوف يدرج التاريخ السياسي والاجتماعي لشعوب العالم العام 2020 كمحطة مفصلية في تاريخ الأمم؛ هذا العام الذي حفل بالكثير من التغيرات السياسية والاجتماعية والأعاصير والحرائق والكوارث الطبيعية، إضافة إلى وباء كوفيد 19، ولم تزل تطوراته تفاجئ العالم، وتأخذه على حين غرّة.
ولا شك في أن حسن طريقة التعامل مع وباء كورونا حول العالم، يشير إلى دور مهم للمرأة في القيادة. مثلاً، يشار إلى حسن تعاطي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيسة وزراء نيوزيلندا مع الوباء، فتشير الاستطلاعات - على سبيل المثال لا الحصر - إلى أن الخسارة الشعبية التي كانت ميركل قد بدأت تعانيها قبل الوباء (ما اضطرها إلى التنازل عن قيادة حزبها) انقلبت بعد الجائحة.
هذا على صعيد تعاطي النساء القياديات مع الجائحة عالمياً. أما وقد اقترب موعد الانتخابات الأميركية، فإن مسارها يؤشر إلى صعود نجم النساء بعد ترشح عدد قياسي منهن للانتخابات هذا العام، بما في ذلك ارتفاع عدد المرشحات ذوات البشرة الملونة.
ولعل الأبرز في الانتخابات الرئاسية هو الحديث عن أن النساء قد يسببن خسارة ترامب انتخابياً، وذلك على الشكل التالي:
- تباين "جندري" في استطلاعات الرأي
بحسب استطلاعات الرأي، فاز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأغلبية أصوات النساء البيضاوات في العام 2016، لكن هذا الدعم تآكل على مدى السنوات الأربع الماضية، إذ أظهرت الاستطلاعات الوطنية الحالية أنه يواجه الآن فجوة بين الجنسين تبلغ 12 إلى 30 نقطة بين جميع الناخبات.
وبينما تشير الاستطلاعات نفسها إلى تقدم ترامب على بايدن لدى الرجال البيض، تشير الأعداد إلى نسب مناقضة لدى النساء البيضاوات. ورغم ذلك، تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية النساء الجمهوريات المسجلات ما زلن يخططن للتصويت له في الانتخابات المقبلة.
وقد شكّلت الجمعيات النسائية الليبرالية العمود الفقري للتظاهرات التي خرجت ضد ترامب بعد توليه السلطة في العام 2017. ويتم تجييش النساء خلال الحملة الانتخابية الحالية للتصويت ضده وضد "سياساته المعادية للمرأة".
- نساء الضواحي
يقصد بنساء الضواحي السيدات اللواتي يعشن في ضواحي المدن الكبرى، واللواتي يؤثرن في العديد من قرارات الأسرة، سواء المالية أو السياسية أو الاجتماعية وسواها.
وكانت هؤلاء النسوة قد ساهمن في حملة التأييد لدونالد ترامب خلال العام 2016، ولكنهن أيضاً كنّ السبب في خسارة الجمهوريين في الانتخابات النصفية في العام 2018. وإدراكاً منه لأهمية تصويت نساء الضواحي وقدرتهن على قلب المعادلات الانتخابية، توجّه ترامب برسالة إليهن، راجياً منهن "أن يحببنه"، مؤكداً أنه حمى مناطقهن (في إشارة إلى حركة "حياة السود مهمة" والتظاهرات التي وقف ترامب بقوة ضدها).
وتشير التقارير إلى أن رسالة ترامب لهؤلاء النسوة قد لا تؤثر كثيراً في اتجاهات التصويت في الضواحي، أولاً لأن الرسالة تتوجه إلى السيدات البيضاوات، بينما باتت الضواحي مناطق مختلطة عرقياً، ولم تعد حكراً على المجتمعات البيضاء، بعدما شهدت المجتمعات الأخرى نهضة علمية ومادية جعلت الضواحي أقرب إلى المدن المتنوعة منها إلى الضواحي البيضاء - الصافية عرقياً. وتشير أرقام إحصاء العام 2010 إلى أن حوالى 35 في المائة من سكان الضواحي كانوا من "غير البيض"، مقارنة بـ19 في المائة فقط في العام 1990.
ثانياً، لأن طريقة تعاطي ترامب مع الوباء، والمشاكل الاقتصادية والنفسية والاجتماعية التي يعانيها الأميركيون جرّاء جائحة كورونا، والاتهامات الموجهة إليه بعدم القدرة على التعاطي معها بشكل فعّال، ضربت الضواحي، وخصوصاً مجتمع النساء، اللواتي تشير الاستطلاعات إلى أنهن كنّ أكثر المتضررات من الجائحة اقتصادياً، وأن نسبة النساء اللواتي سيعدن إلى العمل باكراً أقل بكثير من نسبة الرجال، بسبب الحاجة إلى وجودهن في المنزل لرعاية الأطفال.
إذاً، يبدو أن النساء في صدد قيادة التغيير وتحقيقه في العالم، وهو ما ستثبته تطورات العام 2020 والانتخابات الأميركية الحالية، فأين المرأة العربية من هذا التغيير؟ وهل تخلّفها عن ركب موجة التغيير العالمية سيجعلها تنتظر عقوداً طويلة قادمة قبل أن تثبت نفسها كقائدة للتغيير، وليس متأثرة به فقط؟
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الاشراق وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً