قبل 1 یوم
حسني محلي
19 قراءة

يهود سوريا عادوا .. و"إسرائيل" احتلت جنوبها

شهدت سوريا، الأربعاء الماضي،  تأسيس أول جمعية يهودية في تاريخها منذ قيام "الدولة" العبرية في فلسطين، وقيل إن هدفها "حماية الموروث الثقافي اليهودي، وتسجيله رسمياً، وترميم المعابد اليهودية". وتسلّم رئيس الجمعية الحاخام هنري حمرا، وهو من يهود دمشق، رخصة التأسيس من وزيرة الشؤون الاجتماعية والأسرة هند قبوات، التي اعتبرت تأسيس الجمعية "دليلاً على النهج الشامل الذي تتبعه الدولة السورية"  وأضافت قبوات وتخصصها في حوار الأديان عندما كانت في أميركا  'أن سوريا اليوم لا تميز بين دين أو مذهب أو أصل عرقي، وأن السوريين اضطرّوا في مراحل سابقة إلى مغادرة البلاد لأسباب وظروف متعددة، واليهود في نهاية المطاف سوريون وهويتهم سورية ويتحدثون باللهجة السورية".

وشكرت قبوات اليهود السوريين المقيمين في أميركا "لدورهم في توطيد العلاقات بين الحكم الجديد في سوريا والكونغرس الأميركي والإدارة الأميركية".

بدوره، قال حمرا إنهم 'لعبوا  دوراً  أساسياً في القرار الأميركي لرفع العقوبات عن سوريا" وأضاف "أن الجمعية ستعمل على إعداد جرد شامل للممتلكات اليهودية في سوريا، وأنهم سيعملون على استعادة بعض الأصول التي صادرها نظام الأسد في الماضي، كما سيحمون الأماكن المقدسة ويحافظون عليها ويعملون على ترميمها وفتحها أمام زيارات يهود العالم".

وأما المدير التنفيذي للمنظمة السورية للطوارئ معاذ مصطفى فقد أشار إلى "التعاون الوثيق بينهم وبين يهود سوريا منذ 2013"، وقال "لقد تم حتى الآن حصر عشرات المنازل من الممتلكات اليهودية التي صادرها النظام السابق"، وربما مقابل دعم اللوبي اليهودي لما يسمّى بالثورة السورية!

هذا التطور المثير، والأول من نوعه في العالم العربي منذ قيام "الدولة" العبرية في فلسطين، جاء كنتاج  للزيارات التي قام بها الرئيس أحمد الشرع إلى نيويورك وواشنطن حيث التقى الرئيس ترامب الذي دعاه غلى التطبيع مع "تل أبيب".

والتقى الشرع خلال الزيارات قيادات الجالية اليهودية السورية، ومنظمات اللوبي اليهودي في أميركا، وأهمهم رئيس المؤتمر اليهودي العالمي دونالد لودر، الذي أكد  له استعدادهم  لدعم دمشق في المجالات كافة.

وقبل الحديث عن أهمية هذا الحدث المهم، يجب التذكير بأن عدد اليهود من أصول سورية ويعيشون في الكيان العبري يصل إلى نحو 200 ألف، وكان أجدادهم قد هربوا من سوريا بعد قيام "إسرائيل" عام 1948، ومن دون أي  مبرر.

وهو ما فعله معظم اليهود الذين كانوا يعيشون في الدول العربية، بل حتى تركيا،  وشهدت جميعاً  أعمالًا إرهابية قام بها عملاء الموساد واستهدفت المعابد اليهودية لترهيب اليهود، وإجبارهم على الذهاب إلى فلسطين تحت تأثير الشعارات الدينية والصهيونية.

ويعيش أيضاً في أميركا وبعض من دول أميركا اللاتينية ولا سيما البرازيل والأرجنتين والمكسيك وبنما نحو 150 ألف يهودي من أصول سورية.      

ومع الإشارة إلى أهمية التوقيت الزمني لتأسيس الجمعية اليهودية التي ستنظم الزيارات المتتالية ليهود سوريا المقيمين في أميركا، بل وحتى "إسرائيل"، ولو بجوازات سفر مختلفة، فقد بات واضحاً أن هذا الموضوع  سيتحوّل إلى سابقة مهمة وخطيرة على المديين المتوسط والبعيد، خصوصاً بعد حديث هنري حمرا عن "جرد شامل للممتلكات اليهودية في سوريا واستعادتها أو تعويضها".

وهنا، لا بدّ من الحديث عن المنظمة الدولية ليهود الدول العربية WOJAC  ومهمتها  إعداد التقارير والدراسات الخاصة عن ممتلكات اليهود قبل أن يغادروا الدول العربية،  ومعها تركيا وإيران.

وتتعاون المنظمة في هذا المجال مع شركات ضمان  ومحاسبة دولية لتعد التقارير الدقيقة عن القيمة الإجمالية لهذه الممتلكات وتعويضاتها  التي تزيد  عن  250 مليار دولار، وفق تقارير المنظمة المذكورة.

وتقول المنظمة إن مساحة الممتلكات والعقارات والأراضي التي كان اليهود يملكونها تزيد عدة أضعاف عن مساحة فلسطين، وأن "تل أبيب" ستفتح هذا الملف عاجلاً أم آجلاً، ولكن في الوقت المناسب.

وقد يكون هذا الوقت المناسب قد جاء مع السماح للجمعية اليهودية بالعمل قانونياً في سوريا ليتسنى لها إعداد التقارير الدقيقة عن ممتلكات اليهود في سوريا، وهو ما سيكون مبرراً لقيام جمعيات مماثلة في العراق ومصر ولبنان وتونس وليبيا والمغرب للمطالبة بالتعويضات أسوة بالتعويضات التي حصلت عليها "إسرائيل" من ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية.

حكام دمشق الجدد الذين "ردوا الجميل" لحكام  "تل أبيب" لدورهم في إسقاط نظام الأسد، وذلك بتسليمهم رفات الجاسوس إيلي كوهين وممتلكاته كافة، ثم  باركوا لقاء الوزير الشيباني مع الوزير الإسرائيلي ديرمر  وبحضور توم برّاك، لم يخطر على بالهم أن يتخذوا أي موقف وطني بل وحتى ديني ضد سياسات الكيان العبري التوسعية والاستفزازية والعدوانية منذ وصولهم إلى السلطة في 8 كانون الأول/ديسمبر العام الماضي.

بل لم يخفوا فرحتهم بالعدوان الصهيوني على جميع مواقع القوات المسلحة السورية ومرافقها ومؤسساتها وتدميرها بالكامل قبل سقوط نظام الأسد بأيام ومن بعده. في الوقت الذي تجاهل فيه حكام دمشق الجدد الجولة التي قام بها نتنياهو داخل الأراضي السورية، واكتفوا باستنكارها بخجل بعد أن هددهم نتنياهو بالرد العنيف في حال أي اعتداء ضد الدروز في السويداء والجنوب السوري عموماً، حيث نجحت "تل أبيب" في إقامة القواعد العسكرية وكسب وتوظيف  المزيد من العملاء لها هناك، وفي  سوريا عموماً، وباقي دول المنطقة.

وهو ما سيتحقق لها أكثر وأكثر بعد عودة يهود سوريا إلى "وطنهم الأم" الذي عاشوا فيه مئات السنين مع المسلمين والمسيحيين من دون أن يأذيهم أحد، إلى أن جاءت الصهيونية العالمية وقالت لهم ارحلوا إلى فلسطين،  وأقيموا فيها "دولتكم" العبرية التي أمرت بها التوراة.

وتحدثت التوراة  عن دمشق في أكثر من 60 آية  وعن سوريا في  300 آية، ومنها من أمر بدمارها بالكامل، حالها حال الديار الأخرى في أرض الميعاد، ويستشهد نتنياهو بين الحين والحين ومنذ "طوفان الأقصى"  بآياتها. ويقول إنها كانت "مصدر إلهام بالنسبة له خلال  حربه ضد غزة ولبنان وسوريا وإيران"، وها هي الآن تفتح له أبواب دمشق بحكامها الجدد الذين يقولون إنهم يحكمونها، وحلفاؤهم من العرب والمسلمين باسم الدين، أي الإسلام .

ويتمنى نتنياهو ومن هم في فلكه من يهود العالم أن يفتح  هؤلاء الإسلاميين أمامهم  طريق العودة إلى مكة والمدينة، بعد أن عبّدت  أنقرة خلال السنوات العشر الماضية ومعها عواصم الخليج ومن في فلكها،  الطريق أمامهم  إلى دمشق!              

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الاشراق وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP