قبل 5 شهور
هدى رزق
81 قراءة

اليوم التالي بين مشروعي نتنياهو وبايدن!

استثمرت حكومة نتنياهو في المفاوضات لتخفيف الضغوط الدولية عليها، عبر إظهار نفسها حريصة على التوصل إلى اتفاق، واستخدمتها غطاءً سياسياً لعملياتها العسكرية المستمرة في غزة،

فنتنياهو غير معني بمناقشة أي مسألة سياسية، لأن هناك قراراً ليس بشأن إعادة احتلال غزة فحسب، بل بعودة الاستيطان إليها أيضاً، وهو حاول إقناع المجتمع الاسرائيلي بأن القوة المفرطة وحدها كفيلة بتحقيق أهداف إعادة الأسرى والقضاء على المقاومة، إلا أن المقاومة الفلسطينية استطاعت انتزاع المبادرة من "الجيش" الإسرائيلي، عبر استدراجه إلى معارك شوارع ودفع ثمن باهظ، الأمر الذي كشف صعوبة السيطرة على القطاع.

أما التقدم الإسرائيلي في رفح، فهو لن ينهي القتال في القطاع، الأمر الذي يعني استحالة إنهاء الحرب في المدى المنظور، وهذا ما تعكسه قناعة المستوى العسكري بأن "إسرائيل" في ورطة، أمّا تغير موقف غالانت فهو نابع من المقاومة الشرسة في غزة.

نتنياهو يريد من عملية رفح إطالة أمد العدوان كي لا يذهب إلى التحقيق بشأن إخفاقاته، وبالتالي، يتم القضاء على مستقبله السياسي. أوصلت الحرب "إسرائيل" إلى مأزق كبير، مع إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على التهرب من البحث في اليوم التالي.

أما مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، فقال إن الحرب على غزة ستستمر سبعة أشهر أخرى، وهدا يتوافق مع نتنياهو ومجموعته في هذه الحكومة، بينما أعلن رئيس هيئة الأركان، هرتسي هليفي، من رفح، أن "تفكيك حماس بصورة كاملة مهمة وطنية لإسرائيل"، وهذا يعني حرباً مفتوحة بلا نهاية على غزة.

يرى اليمين الإسرائيلي أن هناك فرصة توافرت لإخراج كل مشاريعه، التي لم يكن في الإمكان تنفيذها وضعها قيد التنفيذ. تمديد القتال هو الهروب من سؤال اليوم التالي للحرب.

مشروع بايدن للتطبيع قبل طوفان الأقصى 
كانت السعودية اقتربت من تطبيع العلاقات بـ"إسرائيل" بدعم من إدارة الرئيس بايدن، وكان الموضوع الفلسطيني من المواضيع التي طرحتها السعودية، بالإضافة إلى ضرورة تسهيل حياة الفلسطينيين.

كان مفترضاً أن يتم إبرام الاتفاق الإطاري بحلول الربع الأول من عام 2024. من شأن تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية أن يعيد ترسيم الشرق الأوسط من خلال الجمع بين اثنين من الشركاء الأساسيين للولايات المتحدة في مواجهة إيران، وهو ما كان سيُعد نجاحاً للسياسة الخارجية للرئيس جو بايدن، بينما يسعى لإعادة انتخابه في أواخر عام 2024.

المشاركة السعودية كانت "استجابة لطلب أميركي بهذا الخصوص ورغبة سعودية في تصفير المشاكل في المنطقة، بدءاً بـ"المشكلة الفلسطينية" التي طال أمدها. وهناك أيضاً مسار البخور، أي الممر الذي تشترك فيه مع الهند والإمارات والولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، مروراً بـ "إسرائيل".

عرض الشروط السعودية لقي اعتراض كل من المستوى العسكري والمستوى السياسي في "إسرائيل" على قضية تخصيب اليورانيوم في الأرض السعودية. فالمستوى العسكري عارض هذه الفكرة تماماً، أمّا المستوى السياسي برئاسة نتنياهو فهو ليّن موقفه، وأكد أنه يمكن أن يتولاه، لكنه عارض موضوع تزويد السعودية بأسلحة أميركية متطورة.

وشكل الأمر موضع خلاف بين الأطراف المتفاوضة. "إسرائيل" بدت غير مستعدة لتقديم تنازلات إلى الجانب الفلسطيني، في ظل تشكيلة حكومتها اليمينية، كالموافقة على بنود المبادرة العربية للسلام عام 2002، مع ما تتضمنه من الانسحاب إلى حدود عام 1967، بل طرحت أنها يمكن أن تقدم تنازلات اقتصادية فقط، وليس سياسية.

إعادة البحث في التطبيع بعد طوفان الأقصى من أجل إنقاذ "إسرائيل" 
توقفت المحادثات بسبب عملية طوفان الأقصى. وبعد زيارات متكررة من وزير الخارجية الأميركية للرياض جرى وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق التطبيع مع السعودية، وترى واشنطن أنه اقترب من لحظاته الحاسمة.

تحاول إدارة بايدن أن تضغط على حكومة اليمين لإيجاد إجابة عن اليوم التالي، لكن الفكرة الأميركية، بشأن عقد اتفاق إقليمي يبدأ من غزة وينتهي في الرياض, تتعارض مع مشروع نتنياهو وحكومته بعد الـ7 من أكتوبر.

يسابق الرئيس بايدن الزمن لمحاولة وضع اللمسات الأخيرة على الصفقة في الأسابيع المقبلة، قبل أن تدخل حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية مرحلتها النهائية.

يجب أن يتم التوصل إلى اتفاق بحلول منتصف تموز/يوليو في أبعد تقدير (قبل مؤتمر الحزب الجمهوري، الذي سيحصل خلاله ترامب على الترشيح الرسمي كمرشح رئاسي للحزب)، ويجب أن يوافق الرئيس بايدن على مطالب ولي العهد السعودي (اتفاقية دفاعية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتوريد أنظمة أسلحة متطورة، وتطوير برنامج نووي مدني في المملكة).

زار مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السعودية، وقدم إلى المسؤولين الإسرائيليين مقترحاً جديداً لتطبيع العلاقات،  واستثمار مليارات الدولارات في غزة بنفوذ إسرائيلي، إلى جانب صفقة إطلاق سراح الأسرى كجزء من نهاية الحرب، ودفع اتفاق سياسي مع حزب الله في الشمال، لكن المطلوب، في المقابل من "إسرائيل"، إنهاء الحرب على غزة، والاتفاق على إطلاق سراح جميع الأسرى في غزة، وتصريح من الحكومة الإسرائيلية بأنها مع إجراء لخلق أفق سياسي على أساس "حل الدولتين".

أما يشأن الاتفاق على آلية لإدارة غزة، فلن تكون حكماً عسكرياً إسرائيلياً، ولا تحت حكم حماس، بل إدارة فلسطينية مدنية بالتعاون مع دول المنطقة.

رفض نتنياهو طلب الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بدمج عناصر السلطة الفلسطينية في عملية إعادة بناء قطاع غزة، وتقديم أفق سياسي للفلسطينيين. لكن، لا يمكن تجاهل القضية الفلسطينية، وهي عنصر ضروري في الصفقة الكبرى.

الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية اتفقتا في الواقع على معظم تفاصيل الصفقة، وقد تدفعان من أجل اتفاق ثنائي في حالة فشل الصفقة الكبرى. 

يرى بايدن أن لدى نتنياهو الفرصة لتشكيل تحالف إقليمي واسع، ودفع اتفاق سلام تاريخي مع إحدى أهم دول العالمين العربي والإسلامي.

في الواقع، يتلخص المشروع الأميركي بإنشاء معسكر تقوده الولايات المتحدة ضد المحور الإيراني، وهي تراهن على إمكان تغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط.

وهي تعتقد أن فشل الجهود الرامية إلى صياغة اتفاق تطبيع من شأنه أن يزيد في تقويض العلاقة المتوترة بالفعل بين الرئيس بايدن ورئيس الوزراء نتنياهو، ويضر بالعلاقات بالدول العربية. لكن نتنياهو يريد المحافظة على حكومته، ويرى أن التطبيع قادم من دون تقديم أي تنازلات إلى الدول العربية أو الفلسطينيين.

المقاومة الفلسطينية واليوم التالي 
هل أصبح الوقت يعمل لمصلحة المقاومة، بحيث سيتم استنزاف "جيش" الاحتلال. احتلال رفح لن يمنح "إسرائيل" أي مكاسب لتحقيق أهداف حربها. ومطالبات أهالي الأسرى "الإسرائيليين" والخلافات بين النخب السياسية في "دولة" الاحتلال تشي بأن عمليات المقاومة ستدفعهم إلى التفكير في أنه لا هروب إلى الأمام، ولا بد من اتفاق تجديد الحديث مع الوسطاء. أما مرونة نتنياهو في بعض التفاصيل، وإعطاء صلاحيات إضافية لفريق التفاوض، فأمر يعني أن الاحتلال اقتنع بأن المقاومة ما زالت قادرة، وهي ذاهبة الى حرب استنزاف.

هل فرص التوصل إلى اتفاق أصبحت أفضل بحيث سيكون هناك اتفاق مع حماس بدلاً من القضاء عليها واعتماد شرطها وقف إطلاق النار؟ المقاومة واضحة بعدم خضوعها لأي اتفاق من دون هذا الشرط، على رغم ضغط الاحتلال على حاضنتها الشعبية من خلال المجزرة ضد النازحين في رفح.

امتازت المقاومة الفلسطينية منذ البداية بالليونة والقوة مند بداية التفاوض، وتسهيل المفاوضات على الوسطاء، لكن ما زال الاحتلال يعتقد إمكان سحق المقاومة في اليوم التالي للمعركة.

لن تجد "إسرائيل" لدى الفلسطينيين من يقبل بديلاً من المقاومة، ومن الوحدة الفلسطينية لجميع قوى المقاومة، وتشكيل حكومة وفاق وطني من أجل المواجهة. طوفان الأقصى فتح الباب أمام الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، وحقه في ترابه. وربما على الدول العربية، قبل تطبيع العلاقات بالاحتلال، التقاط اللحظة السياسية الدبلوماسية.

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP