قبل 9 شهور
هدى رزق
133 قراءة

محادثات رئيسي وإردوغان بشأن سوريا والعراق وأستانا

الاشراق | متابعة.
زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لتركيا، بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، تناولت سبل التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية. فالتحولات، التي تمر فيها المنطقة والقضايا، تُعَدّ حقل اهتمام سياسي كبيراً للبلدين في كل من سوريا والعراق، وهي كانت وما زالت مسار بحث، وأُضيفت إليها الحرب على غزة، والتي أخذت حيزاً أساسياً في مقاربة مشتركة للبلدين، وما ستعكسه من متغيرات في المنطقة، وإنما كل من موقعه، بحيث لكل دولة سياستها التي لا تلتقي عملياً سوى في معارضة الحرب والوقوف إلى جانب الفلسطينيين. 

بعد توجه إردوغان إلى إعادة العلاقة بـ"إسرائيل" عام 2022، والانفتاح على الدول العربية التي كان على خلاف معها، طوّر علاقة التبادل التجاري بـ"إسرائيل"، وهو يفصل في سياسته بين المواقف السياسية والتبادل التجاري، تحت ضغوط الأزمة الاقتصادية التي تسببت بها سياساته "الطموحة".

في حرب طوفان الأقصى، اتخذت كل من إيران وتركيا موقفاً لا يطغى على جهود الطرف الآخر. وحتى لو أثار رئيسي موضوع الحظر التجاري على مستوى القيادة، فلن يقود الأمر إلى تغيير جذري في سياسة تركيا.

أمّا التحديات والاضطرابات في المنطقة فهي تحتّم التفاهم والتعاون على رغم تضارب مصالح البلدين، بحيث فرضت الصراعات في منطقة الشرق الأوسط تحديات مشتركة، أهمها مآلات الوضع الفلسطيني وأهميته، والحركات الانفصالية الكردية، والدور الأميركي الداعم لها في سوريا، وإمكان حدوث الفراغ في حال الانسحاب الأميركي.

من سوريا والعراق وملف الأحزاب الكردية الانفصالية
منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، وبعد شهر واحد على اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، أعادت تركيا الزخم إلى عملياتها العسكرية في شمالي سوريا، عبر استهداف عدد من مقارّ "قوات سوريا الديمقراطية" ("قسد") كونها متحالفة مع حزب العمال الكردستاني التركي المعارض، والذي وجّه إلى قواتها في شمالي العراق مؤخراً ضربات قاسية.

وفى 15 كانون الثاني/يناير الجاري، وسّعت تركيا ضرباتها العسكرية في مناطق الحسكة والقامشلي وريف دير الزور الشمالي باستهداف البنية العسكرية والمدنية لمناطق الإدارة الذاتية الكردية، عدا عن تدميرها محطات الكهرباء والنفط والمنشآت الصناعية والمرافق الخدمية من شبكات الاتصالات والمياه، الأمر الذي طرح تساؤلات بشأن العملية والنية التركية لقيام حملة عسكرية على غرار عملياتها الثلاث السابقة في الشمال السوري (درع الفرات، غصن الزيتون، نبع السلام). أم أنها رغبة أنقرة في "تغيير قواعد الاشتباك" بينها وبين "قوات سوريا الديمقراطية" ("قسد")، استباقاً لجولة آستانا الجديدة، الأمر الذي وضع صيغة التفاهم الثلاثية في آستانا أمام اختبار جديد.

كان ملف الأحزاب الكردية الانفصالية مسار نقاش بين رئيسي وإردوغان في أنقرة. التفاعلات التركية – الإيرانية الجديدة فيما يتعلق بالموقف تجاه الحالة الكردية الانفصالية في المنطقة تكتسب زخماً إقليمياً أوسع. إلا أن مقترحات الحل المقدَّمة من إيران وتركيا متعارضة. تعتقد طهران أن قضية شرقي الفرات لن تُحَل بعمليات عسكرية أحادية الجانب، بل فقط بتطبيع العلاقة بين دمشق وأنقرة، ويمكن لمعارضة الوجود العسكري الأميركي أن توفر الأساس للتقارب بين إيران وتركيا.

فالشراكة التركية مع الولايات المتحدة، على أساس حلف شمال الأطلسي، لم تساعدها من أجل القيام بعملية عسكرية ضد "قوات سوريا الديمقراطية"، مع أنها، في الفترة الأخيرة، عمل برلمانها على التصديق على إدخال السويد للناتو، وحصلت على وعد من بايدن بالضغط على الكونغرس من أجل الحصول على طائرات 16.F، وقطع الغيار اللازمة، وليس على توجيه حملة ضد الإدارة الذاتية.

تقف إيران ضد خطط العمليات التركية الأخيرة، والتي استهدفت تل رفعت في غربي الفرات، وتعتقد أن العمليات العسكرية تساعد تركيا على توسيع مناطق سيطرتها في كل من العراق وكردستان وسوريا، وترى في ذلك تهديداً لبنيتها الاستراتيجية. تطرح إيران دمج "قوات سوريا الديمقراطية" في الجيش السوري، إلا أن انقرة لا تراه خياراً ملائماً لها. بالإضافة إلى ذلك، فإن إردوغان مصرّ على حماية تنظيمات المعارضة المسلحة، وهذا ما يعاكس الطرح الإيراني الدي يرى أن السبب الأهم للوجود الأميركي في سوريا هو تأمين "إسرائيل"، وإضعاف دور إيران الإقليمي، وإجبار سوريا على تغيير محورها. 

هناك بعض التطورات التي تتطرق إلى طموح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشأن إنشاء "منطقة آمنة" عبر حدود سوريا والعراق. كان من المتوقع أن يناقش إردوغان هذه القضية مع الولايات المتحدة وإيران والعراق، والمبادرات في هذا الصدد قادمة.

تحاول تركيا تعميق نفوذها في شمالي سوريا والعراق، وتتعارض سياساتها مع سياسات إيران، التي ترى أن نفوذ تركيا في العراق، سواء من خلال انتشارها العسكري، أو العلاقة التي تربطها بحكومة إقليم كردستان والحزب الديمقراطي الكردستاني، يُعَدّ تحدياً محتملاً لاستراتيجياتها هناك. وكانت إيران شنت ضربات صاروخية وعبر طائرات من دون طيار على العراق في إطار اتهامها أربيل بالسماح للموساد الإسرائيلي بإقامة قواعد تجسس.

حافظت تركيا على موقف حذر تجاه هذه الهجمات، وأجرى رئيس الاستخبارات التركية زيارة مهمة للعراق قبل يوم واحد من وصول رئيسي إلى أنقرة. هذه الزيارة أتت ضمن التطورات الشاملة في كردستان العراق. يُنظر إلى محاولة تركيا على أنها محاولة لجعل السليمانية بعد أربيل متعاونة معها في سياستها.

وتفضل إيران أن يكون الاتحاد الوطني الكردستاني هو القرار، كونه الواجهة انطلاقاً من أنه الطرف الكردي في المعادلة السياسية في بغداد، بينما تحاول أنقرة زيادة تعاونها مع بغداد ومقاربة الأطراف في كردستان وفقاً لاستراتيجيتها العسكرية الخاصة. وكان رئيس الاستخبارات التركية، إبراهيم كالن، ركز في زيارته للعراق على السليمانية بين مواضيع تنموية، فضلاً عن زيادة الإجراءات ضد حزب العمال الكردستاني. 

لا يمكن أن نعزو التناقض بين تركيا وإيران في العراق إلى النفوذ الإيراني. فالرئيس العراقي قال لرئيس الاستخبارات التركي إن تركيا انتهكت سيادة العراق في السليمانية والمدن الأخرى، ولا يبدو أن أنقرة تنوي تلقي هذه الرسالة. وكانت إيران شنت ضربات صاروخية وعبر طائرات من دون طيار على كل من العراق وسوريا. وحافظت تركيا على موقف حذِر تجاه هذه الهجمات، لكن البيان المشترك بين الرئيسين التركي والإيراني، والذي تم إعلانه، دعم سلامة أراضي العراق ووحدته السياسية وسيادته. وهما أكدا توقعاتهما المشتركة من هذا البلد بشأن محاربة الإرهاب وتعزيز التعاون في هذا المجال.

اجتماعات آستانا ونتائجها
تسعى إيران وروسيا للمحافظة على الحد الأدنى من حالة الاستقرار في سوريا، عبر تفعيل صيغة آستانا، ولاسيما أن الولايات المتحدة وإيران وقوى المقاومة الإقليمية لها وجود فعلى في الأرض السورية. و"إسرائيل" تستهدف تلك القوى داخل سوريا، بين آنٍ وآخر، على نحو يفسّر وجاهة اللجوء إلى إعادة مسار التعاون السياسي بين قوى آستانا مجدَّداً بهدف إبقاء سوريا في حالة من الاستقرار على الرغم من ارتدادات أزمة غزة عليها، والبحث مجدداً في سبل دفع مسار التطبيع بين سوريا وتركيا، عبر محاولة حلحلة شروط الطرفين من خلال خلق حالة سياسية جديدة تضمن إعادة التواصل عبر صيغة التفاهم الثلاثية الروسية - الإيرانية - التركية.

في النتيجة، تعني توسعة مسار آستانا، من ثلاثي إلى رباعي، عبر إشراك سوريا، أن هناك تغيرات طرأت على طبيعة المناقشات، واستدعى ذلك تغيير المكان، أي إيجاد ساحة جديدة تتسع للمشاورات القادمة بين الطرفين، ولاسيما في ظل الإصرار الروسي على مواصلة المفاوضات بشأن "خريطة الطريق". وكان تغيير المكان متوقَّعاً ومتفَقاً عليه، لأن تكون الجولة الـ20 الأخيرة في مدينة آستانا. المبادرة تمت باتفاق رباعي بين الأطراف الأربعة الجديدة للمسار السوري". توصلت دول مجموعة مسار "آستانا" - أي تركيا وإيران وروسيا، بالإضافة إلى ممثلي الحكومة في دمشق وممثلي المعارضة المسلحة - إلى اتفاق "نظام التهدئة في كل الأراضي السورية ووقف إطلاق النار. وانعكست جملة من التطورات، تمثلت باللقاءات الرباعية على مستوى نواب الخارجية والأجهزة الأمنية، ثم على مستوى وزراء الخارجية، بين أنقرة ودمشق.

ستنتقل اللقاءات إلى دمشق أو أنقرة لمعالجة كل القضايا التي تخص الملف السوري والعلاقات السورية التركية، وخصوصاً قضية اللاجئين ووضع المعارضة، بما في ذلك المسلحة، ومناقشة الاتفاق، في جدول زمني والقضايا الأمنية الأخرى".

لا تتبنى الاشراق بالضرورة الآراء والتوصيفات المذكورة

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP