قبل 4 سنە
موفق محادين
487 قراءة

مثلث العدوان التركيّ- الصهيونيّ- الأميركيّ

 

يواصل الثلاثي، التركي الصهيوني الأميركي، عربدته وعدوانه وتخطّيه الحد الأدنى من الأخلاق السياسية بلا حسيب أو رقيب، ويتصرَّف وفق قانون الغاب والداروينية السياسية، فها هو العدوان التركي يستبيح غرب ليبيا، بغطاء من الناتو وأساطيله المتوسطية، وبرعاية المخابرات البريطانية، وقبلها محاولاته الفاشلة لاستباحة سوريا والعراق، ومحاولة تحويل غزة إلى ولاية عثمانية.

وها هو العدوّ الصهيوني يستمر في جرائمه بحقّ الشعب الفلسطينيّ، ويواصل قضمه الأراضي العربية قطعة قطعة، بما في ذلك أراضي أطراف انزلقت إلى اتفاقيات ومعاهدات معه.

وها هي الإمبريالية الأميركية تتوّج سياساتها الإرهابية بابتزاز كلّ من يختلف معها أو يقاومها، مثل سوريا وإيران وفنزويلا، إضافةً إلى انسحابها من اتفاقيّات ومنظَّمات دوليّة سبق أن وقَّعت عليها.

من المفهوم أنَّ الخطر الثلاثيّ المذكور يتحرَّك أيضاً من خلال أدوات محلّية هنا وهناك، إعلامية وسياسية، ومنها قنوات فضائية وجماعات أصولية، وكذلك جماعات الحنين إلى العبودية العثمانية.

لا غرو في ذلك، فالمرجعيّة السياسيّة - الإيديولوجيّة لأطراف هذا المثلّث هي مرجعية مشتركة تعود جذورها إلى الخطاب التوراتي العنصري الذي يتعامل، أولاً، مع الآخرين وفق معادلة الشعب المختار والغوييم، والذي لا يعترف، ثانياً، بأيّة حدود ثابتة للأرض والدولة، وذلك وفق الشروط التاريخية التي شكلت هذه الأطراف، وتعرف في علم الأنثروبولوجيا بالتطويب المقدس، والناجمة عن طابع الغزو والنهب والسّلب الّذي قامت عليه، فالقبائل العثمانية هي قبائل بدوية غازية جاءت من آسيا الوسطى كمرتزقة خلال الصّراع بين القسطنطينيّة الأرثوذكسيّة من جهة، والامتدادات "الصّليبية" لروما الكاثوليكيّة من جهة ثانية.

وقد قامت هذه القبائل بوضع يدها على الأراضي المسلوبة (تركيا الحالية)، وفق نظرية التطويب المقدس للقبيلة المختارة (تساوي مفهوم الشعب المختار اليهودي). وكذلك الحال مع أسلاف الأميركيين، من مرتزقة السجون الأوروبية ومجرميها، الذين اشترتهم الشركات الأوروبية ووظّفتهم لغزو أراضي الهنود الحمر (أميركا الحالية). وبالمثل، تـأتي العصابات الصهيونية التي استخدمتها الإمبريالية البريطانية لبناء ثكنة عسكرية عدوانية استيطانية متوسطية على طريق شركة الهند الشرقية البريطانية.

ولا يقتصر الجذر والتطويب التوراتي للأطراف الثلاثة على أصولهم الغازية واحتلالهم مناطق وأرضاً لم تكن يوماً لهم، ولا على ثقافة الداروينية الاجتماعية (القوة بلا أخلاق)، فثمّة قواسم مشتركة أخرى في جذورهم الديموغرافية، كما في آفاقهم المشبوهة، فغالبية سكان يهود فلسطين العربية المحتلة هم من أصول تركية خزرية، سبق أن تهودوا في القرنين السابع والثامن الميلادي، فضلاً عن الهجرة الواسعة ليهود الأندلس، سواء إلى تركيا العثمانية، حيث احتلوا مواقع أساسية في البلاط السلطاني العثماني، أو إلى أميركا بعد اكتشافها، في أسوأ صدفة للتاريخ، من قبل كولومبوس.

وهنا، قد لا يعرف البعض أنّ اليهود شكلوا جزءاً أساسياً من فريق كولومبوس، قبل أن يسيطروا لاحقاً على المستعمرة الهولندية التي عرفت لاحقاً بـ"نيويورك"، ويحولوها إلى مركز مالي ربوي لإدارة الدولة الأميركية الأميركيةالجديدة.

أما الآفاق المشبوهة المشتركة للثلاثي المذكور، فهي تفكيك الهلال المتوسطي (الشرقي والجنوبي)، الذي يمتد من الساحل السوري التاريخي إلى مصر وليبيا وشمال أفريقيا، وتسويقه باسم أميركي جديد في الأدبيات السياسية الدارجة (شمال أفريقيا والشرق الأوسط)، ومن ثم تحويله إلى جغرافيا من المعازل والكانتونات الطائفية والقبلية، وفق خطاب رجعيّ يبرر الخطاب التوراتي للعدو الصهيوني (يهودية الدولة)، ويسمح لشخص مثل إردوغان، صنيعة برنارد لويس وبريجنسكي، بأن يصبح سلطاناً عثمانياً لدهماء الاحتقانات الطائفية.

وبهذا المعنى، فإن كل ما يجري من عربدة ثلاثية هو ترجمة لـ"صفقة القرن" وسيناريو تقاسم وظيفي بين ولايات عثمانية وكانتونات متصهينة.

يُشار أخيراً إلى الجذر الطوراني المشترك بين إردوغان ورئيس ما يعرف بحكومة الوفاق، والذي يعود إلى جذور تركية (منطقة أزمير)، وكذلك رئيس الحكومة البريطانية، الشريك الرابع لهذا الحلف في كل مشاريعه العدوانية، من سوريا والعراق وفلسطين إلى ليبيا، والذي تعود جذوره إلى أصول تركية من يهود الدونمة.

وليس بلا معنى أخيراً، أن الأطراف المذكورة شديدة الصّلة بأخطر مؤسسة مالية تولَّت رسملة الشرق وإلحاقه بالنظام المالي الربوي اليهودي الرأسمالي، وهي مؤسَّسة البنك العثمانيّ، بأشكالها وأدواتها ومجالات عملها القديمة الجديدة، والتي أسَّستها في تركيا أواخر القرن التاسع عشر مجموعة من العائلات اليهودية والأميركية والأميركيةالإنجليزية، وعلى رأسها عائلة روتشيلد.

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الاشراق وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP