أخلاق المقاومة الفلسطينية وانحطاط الجيـش الإسرائيلي
رغم اختلال موازين القوى لصالح الاحتلال، أظهرت المقاومة الفلسطينية وفي كل المراحل، حرصها على الالتزام بالأخلاق التي تتناسب مع أحقية قضيتها العادلة، وبذلك تسجل تفوقا آخر على جيش الاحتلال في ساحة الأخلاق والالتزام بالقيم الإنسانية.
يحاول قادة العدو الصهيوني، إضافة إلى وزرائه وضباط جيشه ومؤسسته العسكرية ورؤساء أحزابه السياسية، أن يظهروا جيشهم مبنياً على منظومة أخلاقية، حيث يسوّقون له أنه من الجيوش القليلة على مستوى العالم التي تستند إلى قيم أخلاقية إنسانية عظيمة، وقادر على المحافظة على قواعد الانضباط ولجم الغضب.
يذكرون في دعايتهم بعض الأمثلة الشاذة، عن طفل فلسطيني يلاحق جندياً إسرائيلياً مسلّحاً، وهو يقذفه بالحجارة والجندي يضحك ولا يحرك ساكناً، أو صورة للفتاة "عهد التميمي" وهي تلطم أحد الجنود الإسرائيليين على وجهه من دون أن يرد عليها، في عملية تناس ٍ ممنهجة من قبلهم لأفعال جيش الاحتلال الإرهابية المنظمة على مدار اللحظة ضد الشعب الفلسطيني.
أين أخلاق جيش الاحتلال في اقتحام البيوت ليلاً على ساكنيها بعملية اعتقالات يومية من دون أدنى تهمة سوى الاعتقال الإداري؟ هل ممكن أن نبرر توقيف الناس وإذلالهم على حواجز الضفة الغربية لساعات، بحجة توفير الأمن لأكثر من نصف مليون مستوطن لا ينتمون إلى هذه الأرض؟
أين الأخلاق في مجازر التطهير العرقي ضد كل فلسطيني بدءاً من مجازر خطة دالت عام ١٩٤٨م، مروراً بمجازر كفر قاسم وخانيونس وبحر البقر، صبرا وشاتيلا، وعناقيد الغضب، وليس انتهاء بمجازر حروب غزة الثلاثة، والإعدامات المنظمة على حواجز الموت في الضفة والقدس.
لكن العقلية الصهيونية لديها دائماُ التبريرات النفسية، من حيث إقناع نفسها بأنها (الضحية) المطاردة من الأغيار، وأن من يجبرها على ارتكاب تلك المجازر هم الفلسطينيون، كما صرحت سابقا بذلك جولدا مائير ، عن انّ مجرد وجود الفلسطيني على هذه الأرض يشكل ذريعة لكل أفعال الإرهاب المنظم من دولة احتلال صوّر آباؤها المؤسسون لمستوطنيهم الجدد أن هذه الأرض خالية بلا شعب، وأن مجرد وجود الشعب الفلسطيني عليها منذ ثلاثة آلاف عام، فعل إجرامي بحق الصهيوني يستوجب قتل الفلسطيني .
لقد سلطت القيادات الإسرائيلية عدسات الإعلام الإسرائيلي الموجه على بعض أفعال المقاومة الفلسطينية، مثل حادثة مقتل الجنديين الصهيونيين في مخفر الشرطة في مدينة رام الله بداية الأحداث سنة 2000م ، وسوّقت أن الشعب الفلسطيني شعب بربري متوحش يقوم بالتمثيل بالجثث والتنكيل بالمستوطنين، متناسين أن المقاومة الفلسطينية على مدار مراحلها المتعددة في حالة دفاع عن شعبها وأرضها. فاعترافات قادة الجيش الصهيوني أنه منذ اندلاع انتفاضة الأقصى ، طلب رئيس الوزراء ورئيس الأركان الصهيونيين آنذاك ألا يقل معدل الشهداء من الفلسطينيين عن 15 شهيداً يومياً، في عملية كي الوعي الفلسطيني تجاه قدرته على مقاومة جيش الاحتلال ومستوطنيه.
إجرام الجيش الإسرائيلي وجنوده وصل إلى حد أصبح يشكل خطراً لدى بعض الصهاينة على صورة إسرائيل الديموقراطية الزائفة أمام العالم، كقضية الجندي "أرون ازاريا" قاتل الشهيد "عبدالفتاح الشريف" في الخليل، لذا نشر بعض الصحف الصهيونية مقالاً انتقد الجيش وحذره من أنه قد تجاوز الخطوط الحمر، حيث قام بأعمال مشينة ضد الفلسطينيين، وتعدّى على الأخلاق، ويؤكد أنه مهما حصل يجب أن يظل الجيش متمسكاً بقيمه ولا ينحرف عنها. ويذكر المقال 12 حدثاً قام بها الجيش الإسرائيلي منها:
تصوير الجنود أنفسهم مع جثث الشهداء.
تسجيل صوت جندي وهو يفتخر أنه قتل 20 فلسطينيا.
تعرية الشهداء من ملابسهم والنظر والاستهزاء بأعضائهم وأجسامهم.
سرقة أموال وكميات من مصاغ النساء الذهبية من البيوت التي يقتحمونها، واخذها لصالحهم الشخصي.
تبقى تلك نماذج ، لكن هناك آلاف التجاوزات اللاأخلاقية لهذا الجيش الذي يدّعي زوراً القيم الإنسانية.
مقاومة الشعب الفلسطيني شعبية وعفوية، فهو لا يمتلك جيشاً، بل ان مقاومته مبنية على شعب أعزل غير مسلح، ولا يمتلك ترسانة عسكرية إذا ما قورنت بجيش الاحتلال.
رغم اختلال موازين القوى لصالح الاحتلال، أظهرت المقاومة الفلسطينية وفي كل المراحل ،حرصها على الالتزام بالأخلاق التي تتناسب مع أحقية قضيتها العادلة، وبذلك تسجل تفوقا آخر على جيش الاحتلال في ساحة الأخلاق والالتزام بالقيم الإنسانية.