قبل 2 سنە
وسام أبو شمالة
272 قراءة

خيارات رئيس السلطة الفلسطينية تجاه حكومة نتنياهو الفاشية

اتصل رئيس وزراء العدو الإسرائيلي المكلف برئيس الكيان، وأبلغه نجاحه في تشكيل الحكومة، قبل نصف ساعة من انتهاء مدة التكليف. ومن المتوقع أن يؤدي أعضاء حكومة نتنياهو الفاشية القسَم أمام كنيست العدو بعد أسبوع من تاريخه، كما يُتوقع أن تتخذ حكومته التي تضم غلاة الصهيونية الدينية سياسات ستقضم مكانة السلطة الفلسطينية من خلال شرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، وتكثيف عمليات الاستيطان والتهويد والعدوان ضد الشعب الفلسطيني بصورة عامة، والضفة الغربية والقدس المحتلتين على وجه الخصوص.

وكل ذلك في إطار أهداف اليمين الفاشي بزعامة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموترتش، والقاضية بضم الضفة الغربية وتهويد المدينة المقدسة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تقويض السلطة الفلسطينية وإجهاض أخير ونهائي لرهانات رئيسها محمود عباس على حل الدولتين ومسار المفاوضات، وهو ما يطرح علامات استفهام بشأن الخيارات التي ستتخذها السلطة ورئيسها تجاه حكومة العدو الفاشية في المرحلة المقبلة.

على الرغم من فشل المسار السياسي الذي تبناه الرئيس الفلسطيني، فإنه بقي متمسكاً به حتى آخر لحظة، وراهن، أخيراً، على الإدارة الديمقراطية الأميركية بزعامة جو بايدن، وعلى فوز تحالف يمين ويسار الوسط الإسرائيلي بزعامة لابيد/غانتس، فإن الأماني لم تكن ممكنة.

وتكرّس في الوعي الجمعي الفلسطيني أن البرنامج السياسي لرئيس السلطة لفظ أنفاسه الأخيرة قبل إعلان فوز تحالف زعران المستوطنين في انتخابات العدو مؤخراً، إلّا أن مصير السلطة نفسها بات مجهولاً ومفتوحاً على عدد من السيناريوهات التي تتراوح بين ضعفها الشديد وتراجع حاد في دورها وتأثيرها، إلى سيناريو انتشار الفوضى وفقدان السيطرة على الضفة الغربية المحتلة، على نحو يُفضي إلى تفككها وانهيارها، الأمر الذي يفرض على الرئيس عباس تبني أحد الخيارات:

إمّا التنازل عن برنامجه بصورة نهائية والموافقة على برنامج قواسم مشتركة مع القوى الوطنية الفلسطينية، بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، وأن يعلن تخليه عن مواقفه تجاه خيار المقاومة، وينهي الرهان على خيار المفاوضات.

وإمّا يتخلّى عن مسؤولياته، ويعلن تنحّيه على نحو يمهد لتشكيل قيادة وطنية موحدة لمواجهة أكبر تحدٍّ يواجه الشعب الفلسطيني منذ النكبة، والمتمثّل بحكومة قطعان المستوطنين الفاشية القادمة.

في حين أن الخيار الثالث سيكون إصرار السيد عباس على خيار التمسك بمواقفه الحالية والمراهنة مرة أخرى على فشل حكومة نتنياهو، وعلى تبني موقف دولي - أميركي ضاغط يتمكن من كبح حكومة العدو، ويجبرها على عدم المُضي في سياساتها الفاشية.

تكشف مواقف الرئيس الفلسطيني السابقة أنه لن يتنحى عن موقعه، على رغم ما أظهرته مختلف استطلاعات الرأي العام من أغلبية كبيرة طالبته بالاستقالة، كما لا يرجح سيناريو توجهه إلى التوافق مع المكونات الوطنية، أو تأييده خيار المقاومة المسلحة، بالنظر إلى مواقفه التاريخية و"المبدئية" المعلنة وغير المعلنة، والرافضة للمقاومة المسلحة.

وبالتالي، فإنه لا يُتوقع أن يتخذ الرئيس عباس سياسات أكثر راديكالية، وربما، على العكس تماماً، سيسعى للمحافظة على الحد الأدنى من مكانة السلطة عبر تعزيز مسار التنسيق الأمني، والحد من تمدد المقاومة وتوسعها، كمّاً ونوعاً، في الضفة الغربية المحتلة، والتراجع عن الخطوات الدبلوماسية والقانونية تجاه الاحتلال، تحت الضغط والتهديد الإسرائيليين، الأمر الذي سُيفقد السلطة ما تبقى من شرعية شعبية ووطنية لها، وسيزيد في الفجوات مع كل القوى الوطنية، والتي ستترجم حراكاً واحتجاجات على المستويين الشعبي والوطني، وربما ستدفع إلى مزيد من التفكك داخل حركة فتح، وتنامي أكبر لتيار المقاومة داخلها، وانضمام مزيد من عناصر الأجهزة الأمنية إلى تشكيلات المقاومة العسكرية، على شاكلة عرين الأسود في مدينة نابلس وضواحيها.

في ظل السياسات المتوقعة لحكومة العدو المقبلة، وعدم ترجيح حدوث تحوّل استراتيجي في مواقف رئيس السلطة، فإنه، على الرغم من تعقيدات الموقف، يتوجب على القوى الوطنية التعاطي معه في منتهى الحكمة، والعمل على استدراجه إلى برنامج القواسم المشتركة، لأن الرئيس الفلسطيني لا يمكنه أن يتجاهل الوقائع على الأرض، وهو يرى حالة الغليان في الضفة الغربية.

كما أن قوى المقاومة تدرك حقيقة، مفادها أن هناك قطاعات شعبية في الضفة الغربية وقطاع غزة تنتمي إلى حركة فتح، وهي – حتى إن كانت لا تقتنع بما يُقْدِم عليه رئيسها – لا تتفق على المسار الذي سيفضي إلى خلافته، وتتصارع قوى متعددة داخل الحركة على إثبات شرعيتها، التي يستمدها فريق منها من علاقاته الإقليمية والدولية، إلى جانب علاقات المصالح المتبادلة مع العدو، والمبنية على معادلة التعاون الأمني والامتيازات الاقتصادية، بينما تكافح قوى ثورية فتحاوية أخرى لاستنهاض الحركة والتنسيق مع المكونات الوطنية لمواجهة التحديات والتهديدات الصهيونية، من خلال التفعيل والتطوير للعمل الثوري والمقاوم.

وهذا يحتّم على الفصائل الوطنية مساعدة التيار المقاوم والثائر داخل حركة فتح وإسناده من جهة، وإبقاء الباب موارباً أمام الرئيس أبي مازن، والضغط عليه، شعبياً ووطنياَ، من جهة أخرى، حتى يتراجع عن خياراته الفاشلة ويتبنى برنامج القواسم الوطنية المشتركة، والتوافق على استراتيجية وطنية لمواجهة حكومة اليمين الإسرائيلية الفاشية.

لا تتبنى الاشراق بالضرورة الاراء و التوصيفات المذكورة.

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP