قبل 2 سنە
وسام أبو شمالة
352 قراءة

تأثيرات أحداث الأقصى على المشهد الفلسطيني!

تتواصل انتهاكات العدو الصهيوني وغلاة المستوطنين لحرمة المسجد الأقصى، ويرابط المصلّون الفلسطينيون في باحات المسجد لصدّ اقتحامات وهجمات جنود العدو وشرطته ومستوطنيه التي تدنّس الحرم المقدس.

كشفت التطورات في المسجد الأقصى قوة التأثير الذي يتمتّع به قبلة المسلمين الأولى، وتصدّر أجندة العالم المنشغل بمجريات الأزمة الروسية الأوكرانية.

انعكست أحداث الأقصى على مجمل المشهد الفلسطيني، وكشفت الأحداث عدداً من المؤشرات والدلالات على صعيد موازين القوى الفلسطينية، من خلال تفاعل تلك القوى مع الأحداث، سياسياً وشعبياً وإعلامياً، وميدانياً، ما ستكون له ارتدادات على صعيد شرعية التمثيل الفلسطيني رسمياً وواقعياً.

على صعيد المواقف السياسية، تبنّت حركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية موقفاً واضحاً تجاه جرائم العدو في القدس والمسجد الأقصى، وعقد رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، اجتماعين منفصلين في مكتبه في مدينة غزة، ضمّا الفصائل الفلسطينية كافة، بما فيها حركة فتح، وصدر عنهما مواقف تهدّد العدو من تجاوزه للخطوط الحمر.

وفي المقابل، دعا رئيس حركة فتح محمود عباس، أبو مازن، إلى عقد اجتماع لـ"القيادة"، للبحث في التطورات في المسجد الأقصى، لكن الاجتماع لم يُعقد، وتمّ إلغاؤه، وعُلم أن سبب إلغاء الاجتماع يعود إلى رفض فصائل فلسطينية مختلفة حضور اللقاء، نظراً إلى تحفّظها على طرح الدعوة باسم القيادة، وعدم دعوة قوى فلسطينية وازنة. ومن جهة أخرى، تعتقد الفصائل أن اجتماعات مشابهة صدرت عنها قرارات لم تُنفّذ، أبرزها قرار وقف التنسيق الأمني مع العدو الصادر عن اجتماعات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بينما برّر عزام الأحمد عدم عقد اللقاء بوجود أولويات أخرى على جدول أعمال الرئيس أبو مازن!!

على صعيد الاتصالات الإقليمية، لا يكاد يتوقف هاتف السيد إسماعيل هنية رئيس حركة حماس، بسبب كثافة التواصل معه من الوسطاء الإقليميين والدوليين، بسبب الخشية من تطور الأحداث في المسجد الأقصى إلى تصعيد يُفضي إلى مواجهة عسكرية بين العدو والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة. وشملت الاتصالات مصر وتركيا وقطر والأمم المتحدة، وحمّل هنية مسؤولية التصعيد للعدو، وطالب الوسطاء والمجتمع الدولي بالضغط على العدو لوقف عدوانه على الأقصى، وعدم اقتحامه، ومنع غلاة المستوطنين من تدنيسه "بذبح القرابين" في باحاته، وعدم عرقلة جموع المصلين للصلاة في الأقصى، وعدم الاعتداء على المرابطين فيه، والإفراج عن جميع المختطفين من داخل المسجد القبلي.

وأصدرت فصائل المقاومة الفلسطينية تهديدات واضحة للعدو عبر الإعلام والوسطاء، بأن "ذبح القرابين" والسماح "بمسيرة الأعلام" للتوجه إلى باب العمود كفيلان بإشعال مواجهة عسكرية شبيهة بمعركة سيف القدس، وربما تؤدّي إلى تفجير المنطقة برمّتها. وقد نجحت المقاومة في ردع العدو، الذي أوقف مسيرة الأعلام ومنع ذبح القرابين، ما أدّى إلى حدوث اشتباكات بين المستوطنين وشرطة العدو.

تواصلت الاتصالات الدبلوماسية مع قيادة المقاومة، وآخرها اتصال بين وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف، وإسماعيل هنية، ما أشعر قيادة السلطة الفلسطينية بالقلق، وأصدرت تصريحاً صحافياً أعلنت فيه أن منظمة التحرير الفلسطينية هي العنوان لمن يريد إنهاء الصراع.

نجحت قيادة المقاومة، منذ معركة سيف القدس العام الماضي، في ربط الساحات الفلسطينية كافة، وعكست شعارات الفلسطينيين في مختلف الساحات تأييداً ودعماً لقيادة المقاومة، وبدا أغلب الهتافات يصدح باسمِها، باعتبارها الأكثر تعبيراً عن طموحاتها وآمالها، وتعتقد أنها الممثل الحقيقي لها، بينما عكست شعارات مختلفة هجوماً لاذعاً على قيادة السلطة، بسبب مواقفها وسياساتها، ولا سيّما تمسّكها بالتنسيق الأمني مع العدو.

عكس تعاطي العدو مع الأحداث إقراراً بنجاح المقاومة الفلسطينية في إثبات نفسها أمام الشارع الفلسطيني كمدافع عن القدس والمسجد الأقصى، ونجاحها في تثبيت صورة النصر ومعركة الوعي، وربط الساحات، وبفشل الرواية الصهيونية للأحداث مقابل نجاح رواية المقاومة. فقد اعتبر الصحافي الصهيوني أدير لحاكيم

أن من دون القيام بأفعال على الأرض، قادة "المقاومة "في غـزة بقيادة يحيى السـنوار يتفاخرون بأنهم خلقوا قوة ردع أمام المؤسسة الأمنية الصهيونية إلى درجة أنهم في المؤسّسة الأمنية أصبحوا يمتنعون حتى عن التفكير في القيام بعملية "حارس الأسوار". وأشار الكاتب الصهيوني غال بيرغر، لقناة كان، بأنه بعد عام من عملية "حارس الأسوار" (سيف القدس)، سجّلت حماس لنفسها انتصاراً بأنّها خلقت معادلة جديدة تمنع بموجبها مسيرات الأعلام من دخول البلدة القديمة في القدس. وعكس تعبير الصحافي الصهيوني أليئور ليفي، في يديعوت أحرنوت، حجم الإحباط عندما قال: "آه كم من الفلسطينيين من سكّان غزة سيحتفلون بأن تهديداتهم جعلت "إسرائيل" تجثو على ركبتيها، وكم هو مقدار الضرر في الوعي الذي تعرّضت له بسبب مجموعة من المجرمين من الجناح اليميني". الصحافية الصهيونية دانا بن شمعون لخّصت إنجازات المقاومة الفلسطينية في عدة نقاط، أهمها:

- "تواصل حماس تحقيق سلسلة من الإنجازات، على صعيد الرأي العام الفلسطيني. ففي الأسبوع الماضي، أشعلت المواجهات في الأقصى، وتمكّنت من خلق انطباع بأنها جاءت استجابة لنداءاتها.

- الآن توجّه حماس "إسرائيل" تجاه مسيرة الأعلام، وهي تستمتع برؤية كيف تدور الأجندة الإسرائيلية حولها.

- حماس ما زالت مستمرة في تحقيق إنجازات، منها تعزيز مكانة الحركة في مدينة القدس، وإثبات وجودها من خلال التحركات مع الوسطاء، والآن منع اقتراب مسيرة الأعلام من باب العمود.

- في حماس ينظرون إلى مشاهد المواجهات المندلعة عند باب العمود بين المستوطنين والشرطة الإسرائيلية في مسيرة الأعلام، ويشعرون بالرضى عن تلك اللحظات".

أكد مسار الأحدات في الساحة الفلسطينية تطوراً نوعياً في مواجهة العدو وإدارة الصراع معه، منذ معركة سيف القدس، وخلق انتصاراً في الوعي الفلسطيني، مقابل كيّ للوعي الإسرائيلي، الذي يبذل قادته قصارى جهدهم لمنع تطور الأحداث إلى مواجهة عسكرية مع قطاع غزة، ما يكشف أن ما حققته المقاومة في معركة سيف القدس أكبر بكثير ممّا قيل من تقديرات، ويبدو أن العدو لديه ما يخفيه عن نتائج تلك المعركة. لكن ما بات مؤكداً، أن هناك حقائق لا يمكن تجاهلها، ثبّتتها معركة سيف القدس، وكشفتها الأحداث الجارية، أبرزها: تراجع قوة ردع العدو، وربط الساحات الفلسطينية، والقدس والمسجد الأقصى في مركزها، وتعزيز شرعية تمثيل المقاومة الفلسطينية للشعب الفلسطيني، وتآكل شرعية منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية بواقعهما الحالي، ما سيرسم ملامح المشهد الفلسطيني والصراع مع العدو في المرحلة المقبلة.

لا تتبنى الاشراق بالضرورة الاراء و التوصيفات المذكورة.

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP