قبل 2 سنە
وسام أبو شمالة
370 قراءة

أحداث الأقصى.. فشل الاحتواء والتصعيد سيد الموقف!

اقتحمت قوات العدو الإسرائيلي، فجر الجمعة، باحات المسجد الأقصى، واعتدت على جموع المصلّين والمرابطين، ودنّست صحن المسجد الحرام، وأصابت وخطفت مئات المصلين، وذلك بهدف منع الرباط في المسجد، تمهيداً لاقتحامه لاحقاً من قطعان المستوطنين، خلال أيام ما يسمى عيد الفصح اليهودي، الذي بدأ مساء الجمعة.

اتخذت حكومة العدو إجراءات متعددة قبل بداية شهر رمضان، بهدف تبريد الساحة الفلسطينية، واحتواء الموقف الميداني، وأجرت اتصالات وعقدت لقاءات مع أطراف عربية ومع السلطة الفلسطينية، اتضح أنها أسفرت عن اتفاق أردني إسرائيلي مع السلطة الفلسطينية، لمنع الاعتكاف والرباط في باحات المسجد الأقصى. وبالتوازي، اعتقلت قوات العدو مئات المقدسيين، وضاعفت انتشارها في منطقة باب العمود ومداخل المسجد الأقصى المبارك وبواباته.

تفجّر الموقف الميداني قبل بدء شهر رمضان المبارك بأيام، واستمر في التصعيد خلال الشهر الفضيل. ونفّذ فدائيون فلسطينيون من داخل فلسطين المحتلة عام 1948، ومن الضفة الغربية المحتلة، عمليات بطولية أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات المستوطنين وجنود العدو. وأطلق العدو عملية عسكرية سمّاها "كاسر الأمواج"، بهدف استعادة الردع المفقود، ونشرَ كتائب قتالية إضافية في الضفة الغربية، نفذت عمليات اغتيال وخطف، أسفرت عن استشهاد وأسر العشرات من الفلسطينيين.

أعلن مستوطنون متدينون يهود عزمهم ذبح قرابين "ماعز"، داخل باحات المسجد الأقصى، خلال أيام ما يسمى عيد الفصح اليهودي، وأعلنوا تقديم جوائز نقدية إلى من يتمكّن من ذلك، وهي الخطوة التي تمهد (بحسب زعمهم) لهدم المسجد الأقصى وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه، الأمر الذي دفع قوى المقاومة الفلسطينية إلى التداعي وعقد اجتماع عاجل في مكتب يحيى السنوار، قائد حركة "حماس" في قطاع غزة، تمخض عنه إطلاق تهديد صريح للعدو، وأعلنت الفصائل النفير العام لحماية المسجد الأقصى، وأطلقت دعوة إلى استهداف العدو في كل أماكن وجوده.

فشلُ العدو في احتواء الموقف الميداني يرجع إلى عدة أسباب، أهمها عدم قدرته على ترميم صورة الردع التي اهتزت بصورة كبيرة منذ معركة "سيف القدس" في أيار/مايو من العام الماضي، أواخر شهر رمضان المبارك، وهي الصورة التي بناها منذ نشأ كيانه الاحتلالي الاستيطاني في أرض فلسطين، من خلال المجازر والجرائم، والإمعان في القتل والتشريد لكل من هو فلسطيني. وأثبتت العمليات الفدائية الأخيرة الهزةَ العميقة في منظومة الردع الصهيونية، والتي لن ترممها عمليته الفاشلة "كاسر الأمواج".

اهتزاز الردع الصهيوني أدّى إلى نتيجتين مهمَّتين، الأولى عبّر عنها غادي أيزينكوت، رئيس أركان العدو السابق، باعترافه، مؤخراً، باستحالة هزيمة المقاومة الفلسطينية. والثانية هي استعادة الشعب الفلسطيني وعيه وثقته بنفسه وبقدرته على هزيمة العدو، وتحقيق انتصار استراتيجي عليه. وأصبح كل فلسطيني يطمح إلى أن يكون له سهم في معركة تحرير فلسطين، وأصبحت أدوات الطعن والدهس وإطلاق النار، ولو بسلاح بسيط كالمسدس، معالم بداية معركة مفتوحة مع العدو، ينفذها فدائيون قرروا أن يقاتلوا من أجل تحرير وطنهم المسلوب، إمّا بمفردهم، وإمّا بتخطيط منظَّم، فالغاية واضحة والوسائل متعددة.

عامل آخر يفسّر فشل العدو، هو الربط الذي تحقق في إبّان معركة "سيف القدس"، بين الساحات الفلسطينية، التي تحولت إلى جبهة موحدة في مواجهة العدو. فكل حادثة تقع في القدس أو الضفة أو غزة أو الأراضي المحتلة عام 1948، أو الشتات، لها صدى في كل الساحات، الأمر الذي أكد أن همّ الفلسطيني واحد، وأمله مشترك، وهدفه واضح، هو التخلص من الاحتلال، باعتبار أنه السبب الرئيس في كل المعاناة الفلسطينية، وإن تنوعت أشكالها وصورها.

وسبب ثالث هو قناعة الشعب الفلسطيني بأنه أصبحت لديه درع تحميه وتدافع عنه، وهو المقاومة الفلسطينية التي نجحت في ردع العدو، بل حققت انتصاراً عليه في معركة "سيف القدس"، الأمر الذي عزّز دافعية الشباب الفلسطيني إلى تنفيذ عمليات بطولية.

ثمة مكانة للمسجد الأقصى المبارك والمدينة المقدسة، دينياً وتاريخياً ووطنياً، ويُعَدّ أيُّ مساس بهما أو اعتداء عليهما، استفزازاً، ومحركاً ودافعاً قويَّين للشعب الفلسطيني من أجل مواجهة العدو. ويتقاطع الشعور الوطني العام تجاه القدس المحتلة والمقدسات، مع الشعور الديني، في شهر رمضان المبارك،. وتترافق مع الشهر الفضيل هذا العام أعيادٌ يهودية، ولاسيما عيد الفصح اليهودي، الذي تعتزم فيه جماعات يهودية، برعاية جنود العدو، اقتحام المسجد الأقصى، وهو ما حدث فجر الجمعة. وقد تتطور المواجهات، في حال نظم قطعان المستوطنين هجمات جماعية، أو قامت جماعات يهودية بتنفيذ نيّاتها في ذبح ماعز "قرابين" في باحات المسجد الأقصى، علماً بأن معركة "سيف القدس"، العام الماضي، اندلعت بسبب ما يُسَمّى مسيرة الأعلام الصهيونية وقضية منازل المواطنين في حيّ الشيخ جراح في القدس المحتلة.

يُعَدّ الانسداد السياسي وفشل مسار التسوية، وتنكُّر العدو لحقوق الشعب الفلسطيني، ودخول مزيد من الأنظمة العربية في نادي التطبيع،  عاملاً أوصل الشعب الفلسطيني إلى قناعة بأنه لن يحكّ جلده إلا ظفره، وأن الوسيلة الوحيدة لاستعادة حقوقه هي المقاومة والمواجهة، حتى لو أدت إلى بذله مزيداً من التضحيات. فهي الطريق الأقصر لنيل الحرية، وخصوصاً بعد الانزياح الكبير نحو الصهيونية اليمينية الدينية في مجتمع العدو، والتي تسعى لتهويد كامل للأرض والمقدسات الفلسطينية.

ساهمت نبوءات دينية تحدثت عن زوال "إسرائيل" في العام الحالي، 2022 ، في تعزيز ثقة الشعب الفلسطيني بنفسه وقدرته على هزيمة العدو. وعلى الرغم من أن المقاومة الفلسطينية تعمل على مراكمة القوة لمواجهة العدو، ولا تبني قراءتها ومواقفها على تلك النبوءات، فإن النبوءة قد تكون تركت أثراً ودافعاً ساهما في تشجيع عدد من المؤمنين بها على مواجهة العدو وتنفيذ عمليات ضده.

تؤكد أحداث الأقصى، وما سبقها من عمليات فدائية، وما سيتلوها من مواجهات مع العدو، أن الثابت الفلسطيني هو مواجهة العدو ومقاومته، وأن محاولات العدو إجهاضَ العمل المقاوم، أو احتواءَه، سواء بالقمع والإرهاب والاغتيالات والاعتقالات والحصار الاقتصادي، أو بمساعيه عبر الوسطاء، من أجل الضغط على المقاومة، فشلت وستفشل. وستشهد الأيام المقبلة مزيداً من أشكال المقاومة والتحدي والمواجهة مع العدو.

لا تتبنى الاشراق بالضرورة الاراء و التوصيفات المذكورة.

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP