قبل سنە
أحمد الدرزي
244 قراءة

سوريا والصين الحذر مستمر

الاشراق | متابعة.

من الواضح أن السياسات الصينية ما زالت على حذرها، وخصوصاً بعد إعلان توقيع اتفاق الشراكة الاستراتيجية، وهو الاتفاق الذي يعزّز التعهد الصيني بشأن حماية أمن سوريا.

جاءت زيارة الرئيس بشار الأسد للصين، في مرحلة من أصعب مراحل الحرب السورية، الممتدة منذ أكثر من اثني عشر عاماً، وخصوصاً في الجانب الاقتصادي شديد الوطأة، والضغوط على الشريحة الأكبر من السوريين، وتتجاوز نسبتها 94 %. وعلى الرغم من التوقيع على اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، فإن الحذر كان هو المسيطر، بعد تلقي السوريين أنباء الشراكة الاستراتيجية.

على الرغم من العلاقة القديمة بين سوريا والصين، ودعم سوريا انضمام الصين إلى الأمم المتحدة، بديلةً من الصين الوطنية عام 1949، فإنها لم تأخذ مساراً تصاعدياً سوى في المرحلة الممتدة بين عامي 1966 و1970، لتضمحل بعدها ضمن الحدود الدنيا، وخصوصاً بعد الفشل في تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، وذهاب الصين إلى توسيع علاقاتها المتنوعة بـ"إسرائيل"، والاعتماد على مرفأ حيفا مركزاً بحرياً في شرقيّ المتوسط، بديلاً من مرفأ طرطوس، الذي كانت الصين تطمح، من خلاله، إلى أن يكون هو هذا المركز، بما يمتلكه من إطار جغرافي، يمنحه إمكان الوصول البري إلى شانغهاي.

أدركت بكين، مع بدء الحرب في سوريا، أن أمنها القومي هو المستهدف، بالإضافة إلى موسكو وطهران، وهي العواصم الثلاث التي وقفت مع سوريا بقوة، وفي الوقت نفسه أدركت أن الحرب في سوريا ستذهب نحو حدوث انقسام كبير، سياسياً ومجتمعياً، وأن حماية سوريا، التي تشكل عقدة جيوسياسية، شديدة الأهمية في مشروعها العالمي، وأنها تحتاج إلى حمايتها من خارجها، بعدم منح الشرعية الدولية للعدوان، عبر استخدامها الڤيتو في مجلس الأمن ثمانيَ مرات مع موسكو.

والأمر لم يتوقف على الحماية الخارجية فقط، وإنما يحتاج إلى حمايتها من الداخل، وذلك لا يمكن أن يحدث إلا بنزع الذرائع الغربية، عبر القيام بالإصلاح السياسي، فاستقبلت وفداً من المعارضة السورية المدنية، مع تقديم النصيحة ببدء هذا الإصلاح، عبر ما سمّته الهبوط الناعم، وأن المسؤولية الأولى تقع على عاتق دمشق بالبدء به من الأعلى إلى الأسفل، لكنّ تداعيات هذه النصيحة لم تُسِرّ القيادة الصينية، الأمر الذي دفعها إلى الابتعاد عن الملف السوري، وتعزيز سياسة الحذر المستمرة، والاقتصار على الدعم السياسي الخارجي، والمتابعة الأمنية لملف الإيغور، الذين يتموضعون في ريف اللاذقية الشمالي وإدلب وريف حلب.

جاءت الخطوة الصينية الأخيرة، بدعوة الرئيس بشار الأسد إلى حضور دورة الألعاب الآسيوية، في ظل احتدام الصراع الدولي على بنية النظام المراد تغييره، وأهمية سوريا الجيوسياسية في منطقة غربي آسيا، وخصوصاً بعد أن تم التوقيع على المشروع "الإسرائيلي" الأميركي، الذي يعمل على الربط، براً وبحراً، بين الهند والإمارات والسعودية والأردن و"إسرائيل" وقبرص ودول الاتحاد الأوروبي، مع ما يشكله من تهديد لمشروع مبادرة الحزام والطريق، واستمرار الضغوط الأميركية على "إسرائيل" من أجل منع الصين من استثمار ميناء حيفا.

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP