قبل 4 سنە
حسين الموسوي
352 قراءة

خطة ترامب المتهورة.. 3 رصاصات في الاتجاه المعاكس

"حروبنا الغبية اللانهائية تنتهي" هذا الكلام قاله الرئيس الاميركي دونالد ترامب حين اعلن سحب قواته من سوريا قبل أشهر. وبعد جريمة اغتيال قائد فيلق القدس في حرس الثورة الاسلامية الفريق الشهيد قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي الشهيد ابو مهدي المهندس وآخرين، زعم ترامب "انا اريد السلام"، لكن ما هو أكيد أن "سلام ترامب" قائم على استمرار الحروب.

لا شك ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب قد وقع في فخ "الحروب الغبية"، التي قال انه يريد انهاءها عندما اطلق خطته بشأن الانسحاب الاميركي من سوريا ونقل قواته الى القواعد الامريكية في العراق. واطلق ترامب ثلاثة رصاصات في الاتجاه المعاكس ارتدت عليه، من خلال تنفيذ اميركا الجريمة الارهابية باغتيال الفريق قاسم سليماني وابو مهدي المهندس والشهداء الآخرين لدى استهدافهم قرب مطار بغداد الدولي فجر الجمعة الماضي.

الرصاصة الاولى

من الواضح ان ترامب وصقور البيت الابيض بنوا في خطة اغتيال الفريق سليماني على ما روجته بعض الاطراف المشبوهة ووسائل الاعلام المعروفة بان التظاهرات التي شهدها العراق خلال الشهرين الاخيرين موجهة ضد ايران، وبالتالي فان استهداف سليماني سيحظى بتغطية من الشارع العراقي وتأييده كما زعم ترامب ووزير خارجيه مايك بومبيو. لكن ما كشفه هذا الشارع في يوم تشييع الشهيدين سليماني والمهندس والحشود الضخمة التي شاركت في مراسم التشييع المهيب من جانب العراقيين في كل من بغداد والكاظمية وكربلاء المقدسة والنجف الاشرف وكذلك الشعارات التي اطلقها المشيعون وفاء للشهيد سليماني وتقديرا للخدمات التي قدمها جاءت عكس ما بنى عليه ترامب وفريقه الامني وبدّدت احلامهم. فالعراقيون يعرفون حق المعرفة وعاشوا ما قدمه الفريق الشهيد سليماني في جبهات القتال ضد جماعة "داعش" الارهابية في العراق كما في سوريا، وهو امر لا يستطع أحد انكاره وهو واضح وضوح الشمس في كبد السماء.

وبالتالي فان اي خطة متهورة اخرى قد يقدم عليها ترامب في العراق ستشعل الشارع العراقي ضد المحتل الاميركي ولن يستطيع الوكلاء العراقيون للمشاريع الاميركية تمريرها لدى هذا الشارع الذي يطالب برحيل القوات الامريكية من العراق في ظل جريمتها النكراء بحق ابناء الحشد الشعبي في القائم وانتهاكها لسيادة العراق وتهديد امنه.

واما في ايران فإن تداعيات اغتيال الشهيد سليماني وحالة السخط الواسع الذي انعكس صداها حتى على وسائل التواصل الاجتماعي، اثبتت ان الادارة الاميركية فشلت فشلا ذريعا عندما راهنت لدى القيام بهذه العملية الجبانة على تحركات مشبوهة داخل البلاد كما حصل قبل اسابيع، وهو ما اتضح من خلال مزاعم وزير الخارجية الاميركي وتبجحه بأنه يعمل لمصلحة الايرانيين!، لكن الرد الحاسم على ذلك وإفشال هذا الرهان يراه ترامب في الشوارع والمدن الايرانية مع إطلاق مراسم تشييع القائد الشهيد الفريق قاسم سليماني في ارض الوطن.

الرصاصة الثانية

تقول تقارير اميركية ان من اهداف خطوة ترامب الغبية لفت النظر عن الضغوط والازمة السياسية التي يعيشها في بلاده في ظل اجراءات العزل التي تلاحقه وتهدد مصيره السياسي في الانتخابات الرئاسية المقرره في نوفمبر/تشرين الثاني 2020. لكن ما انتجته جريمة اغتيال الفريق سليماني من حالة غضب عارمة وانتقادات واسعة تضاف الى الحملة التي تهدف الى عزل الرئيس الاميركي. يكفي الاطلاع على مواقف الديمقراطيين بعد الجريمة والتي دعت كلها الى مساءلة ترامب ومحاسبته لخرقه القانون وشنه ضربة تعتبر بمثابة إعلان حرب بدون الرجوع الى الكونغرس. وهذا يعني ورقة اخرى سيستخدمها الديمقراطيون للتصويب على ترامب ضمن إجراءات العزل حيث هناك تهم جديدة منها اعلان حرب بدون موافقة الكونغرس والاخطر تعريض حياة اميركيين للخطر من خلال تنفيذ ضربة غير محسوبة.

الى جانب ذلك لا بد من التركيز على التظاهرات التي شهدتها الولايات المتحدة والتي تدعو لوقف الحرب ومحاسبة ترامب. اكثر من 70 تظاهرة شهدتها مدن اميركية دعت اليها نقابات واتحادات عديدة لرفض سياسات ترامب المتهورة وغير المنضبطة وغير المحسوبة.

الرصاصة الثالثة

وصف وزير الخارجية الاميركي السابق ريكس تيلرسون ترامب بانه لا يفقه في السياسة الخارجية اكثر من تلميذ في الصف الثالث. ويمكن القول ان تلميذ الصف الثالث يفقه ان الحروب يمكن ان تندلع بسرعة لكنها لن تنتهي وتبعاتها لن تنتهي بسرعة. وتعليق ترامب بان اغتيال سليماني هو لوقف الحرب قد تخفي دوافع ومقاربة معينة لدى الاميركي لكن لا يعني انها قابلة للتحقيق. فاستهداف شخصية بوزن وحجم الفريق سليماني لا يمكن ان ينتهي ببيان توضيحي من قبل البيت الابيض. ولا يمكن تبريره بمزاعم وادعاءات تعوَّد العالم عليها في العراق عام 2003 وليبيا وسوريا. وقف الحرب يكون بعدم الاستماع لفريق (باء) الذي يسعى لجر ترامب الى حرب يعلم الجميع الا رابح فيها وان خسارة الاميركي اكبر لان مصالحه في المنطقة ستكون الهدف الاول والاكبر. ووقف الحرب يكون بمعرفة وتقدير حجم ايران في المنطقة. ووقف الحرب يكون بادراك ان اشعال فتيل هذه الحرب سيفجر المنطقة من العراق الى لبنان وسوريا وفلسطين وصولا الى اليمن. والرصاصة التي اطلقها ترامب على نفسه في هذا السياق تتمثل في اشعاله هذه الحرب التي سيكون فيها طرفان، طرف سيقاتل متسلحا بحقه في الدفاع عن نفسه وطرف سيقاتل خوفا على مشاريعه المشبوهة في المنطقة. وبين هذا وذاك سيكون الحكم هو الميدان على مساحة المنطقة دون استثناء.

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP