بنيامين نتنياهو يدفع باوراقه.. اما الحكومة او السجن
ربما يعيش رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اصعب ايام حياته السياسية منذ توليه رئاسة حكومة الاحتلال اول مرة عام 1996. وما يعيشه في الاشهر القليلة الاخيرة يضعه امام مسارين لا ثالث لهما.
منذ فشله في تشكيل الحكومة الخامسة له بعد فوز حزب الليكود في الانتخابات الاخيرة دون امتلاك الاغلبية، اصبح واضحا ان نتنياهو لم يعد ذلك الرجل الذي يمكنه تشكيل حكومة بسهولة تامة وبدون اللجوء الى الاحزاب الصغيرة. فهو يواجه حاليا تحديات عدة تفقد اوراقه المعتادة فعاليتها والتي لعبها طوال ثلاثة وعشرين عاما.
اولا
تغير الصورة السياسية في كيان الاحتلال
لم تعد فسيفساء السياسة في كيان الاحتلال كما كانت محصورة بين حزبي الليكود والعمل. فحزب العمل اصبح كسيارة تسير في وادٍ عميق بدون فرامل. اما حزب الليكود فلم يعد فيه الا اثار ما فعله نتنياهو طوال عقدين تقريبا.
في المقابل اكتسبت احزاب اخرى جديدة قوة واضحة ولها تاثيرها لدى المستوطنين وبالتالي اصبح بامكانها لعب دور مهم في رسم ملامح اي تشكيلة حكومية مقبلة. وعلى راس هذه الاحزاب (ازرق ابيض) بالاسماء القوية فيه مثل بيني غانتس ويائير لابيد، فيما يثبت حزب (اسرائيل بيتنا) بزعامة افيغدور ليبرمان نفسه كقوة مفصلية في الحياة السياسية داخل كيان الاحتلال
ثانيا
تغير قواعد اللعبة الامنية
انها لعبة اتقنها نتنياهو طوال سنوات، واستغلها بشكل كبير مع كل انتخابات، حيث كانت طائرات الاحتلال تشن عدوانا هنا واعتداء هناك قبل الانتخابات لاظهار نتنياهو بطلا يمكنه حماية المستوطنين. لكن في السنوات الاخيرة لم يعد بامكان نتنياهو ممارسة هذه اللعبة كما يرغب. من فلسطين الى لبنان اصبحت قواعد اللعبة مختلفة واصبحت المقاومة اللبنانية والفلسطينية هي من يحدد قواعد اللعبة وهي من يضع الخطوط الحمر. وهو ما خبره نتنياهو فعليا بعد اعتدائه الاخير على لبنان من خلال الطائرات المسيرة ورد المقاومة في مستوطنة افيفيم وبعدها عبر اسقاط الطائرة المسيرة الاسرائيلية. اما المقاومة في فلسطين فقد اثبتت في الاشهر الماضية انها قادرة على مفاجأة جيش الاحتلال في اي مغامرة يقوم بها تجاه قطاع غزة. وبالتالي فان ورقة الامن لم تعد تمتلك الفعالية نفسها لتضمن له حكومة خامسة
ثالثا
تخبط الحليف الاميركي والاصدقاء العرب
من المعروف ان نتنياهو شريك اساسي في صياغة صفقة ترامب وترويجها ويعول عليه كثيرا من قبل الادارة الاميركية لتنفيذها. لكن مشروع ترامب واجه ويواجه تخبطات كثيرة وعوامل عدة تهدد وجودها حتى قبل اعلانها. اضافة لذلك فان الحليف الاهم لنتنياهو اي الرئيس الاميركي دونالد ترامب يعيش تخبطا في ادارته ايضا انكشف مؤخرا مع اقالته مستشار الامن القومي جون بولتون احد اكبر الداعمين والمدافعين عن كيان الاحتلال بشخص نتنياهو. وهذه الاقالة تعني الكثير من الهواجس والمخاوف لدى الاخير لانها تشير الى رغبة لدى ترامب باستجداء اتفاق مع ايران يؤمن له ولاية ثانية في البيت الابيض بعد فشل سياساته ان كان في الملف الايراني او الكوري الشمالي او ما يتعلق بالمفاوضات مع طالبان او ملف دعم الانقلاب في فنزويلا.
اضافة لذلك فان الاصدقاء العرب الذين تبجح نتنياهو بانه نجح في التطبيع معهم، فان فعاليتهم مرتبطة الى حد كبير جدا بمدى قوة ترامب، وبالتالي فان التخبط الترامبي ينعكس على هؤلاء، ويمكن ملاحظة ذلك في اليمن على سبيل المثال.
رابعا
قضايا الفساد
ربما الكابوس الذي يؤرق نتنياهو اكثر من غيره هو قضايا الفساد والتحقيقات التي تنتظره والتي يمكن ان تودي به الى مصير مشابه لمصير سلفه ايهود اولمرت. وهذا الملف هو ما يدفع نتنياهو الى وضع كل ثقله والدفع بكل اوراقه دفعة واحدة لانقاذ نفسه من خلال ترؤس الحكومة وتمرير قانون في الكنيست يحصنه من اي محاكمة طوال فترة حكمه. واذا ما فشل في ذلك يمكن القول ان حياته السياسية انتهت بشكل رسمي ونهائي
وعليه فان الاسبوع المقبل سيكشف اي المسارين سيحكم حياة نتنياهو السياسية ، فاما رئاسة الحكومة او السجن.