الاجراءات ضد حزب الله.. خطوة اميركية لحفظ ماء الوجه
ليس غريبا ابدا العداء الاميركي لحزب الله منذ اللحظات الاولى لتاسيس الحزب في اوائل ثمانينيات القرن الماضي، وليس غريبا التحرك العدائي من قبل الادارات الاميركية المتعاقبة ضد الحزب، وليس اخرها اجراءات الحظر التي اعلنتها ادارة دونالد ترامب ضد ثلاثة من مسؤولي الحزب.
هذه السياسات تحتاج للدخول اكثر في خلفيات وطبيعة التعاطي الاميركي مع الحزب وايضا النتائج والتبعات..
لا يختلف اثنان على ان العداء الاميركي لحزب الله نابع من كون الحزب راس الحربة في حركات المقاومة في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي المدعوم اميركيا لاقصى الحدود. وبالتالي فان كل السياسات التي تستهدف الحزب ترتبط بهذه الحقيقة.
والاجراءات الاخيرة ضد مسؤولي الحزب تحمل في طياتها مشروعا اميركيا يهدف لاثارة بلبلة في الشارع اللبناني اكثر من الاضرار بحزب الله الذي لا تعنيه هذه الاجراءات ولا تؤثر فيه.
فالحزب حركة سياسية واجتماعية وثقافية ودينية متغلغلة ومتجذرة في المجتمع اللبناني لانها نابعة من طبيعة وخصوصية هذا المجتمع، وبالتالي فان اعتباره ارهابيا سواء بجناحه العسكري او السياسي لن يغير من هذه الحقيقة، والدرس الذي لم يتعلمه الاميركيون هو ما اظهره عدوان الاحتلال الاسرائيلي على لبنان عام الفين وستة وتركيزه على الاحياء والمناطق المدنية وتحديدا التي يتواجد فيها جمهور والبيئة الحاضنة لحزب الله وذلك لانتاج حالة غضب ورفض لما يقوم به الحزب، لكن النتيجة كانت معاكسة وكان انتصار تموز.
كما ان الحظر المالي على مسؤولي الحزب لا يقدم ولا يؤخر لان حزب الله كهيكلية منظمة يمتلك راسمال كبير يتمثل بالمشاريع الخدماتية والاجتماعية والاقتصادية التي تمتد على مساحة لبنان، وهي تشمل حتى القطاع التعليمي. لذلك فان المطلب الاميركي بمقاطعة الحزب داخليا وهم لا يمكن تحققه.
وعليه فان القرار الاميركي ضد حزب الله يمكن وضعه في اطار خلق البلبلة على الساحة اللبنانية. وهنا يمكن الاشارة الى ان الاميركي يعتمد على بعض الاطراف او الشخصيات التي لا تجد مانعا من ان تكون راس حربة الاميركيين ضد الحزب. ولن يكون غريبا لو سمعنا غدا بعض الاصوات التي تنادي بمقاطعة الحزب داخليا، ومقاطعة المسؤولين الذين طالهم القرار الاميركي ومنهم نواب في البرلمان. وهؤلاء لا يدركون انهم يقاطعون اشخاصا انتخبوا باصوات الشعب اي ديمقراطيا، ويمثلون مؤسسة دستورية لها كيانها واعتبارها وبالتالي لا يمكن لاي وزير مثلا او موظف كبير ان يقاطع نواب الحزب بحجة امتثاله للقرار الاميركي.
وهنا قد تكون اشارات الخطورة التي يريد الاميركي ايجادها من خلال قراره، وهي خلق حالة نزاع مبطن بين حزب الله وبعض الاطراف المستعدة لضرب المؤسسات اللبنانية بعرض الحائط خدمة للمشروع الذي يؤمن لها التمويل، وهذا النزاع المبطن لا يستبعد ان يتحول الى نزاع علني من خلال شن حملة اعلامية ضد الحزب تترافق مع احداث امنية معينة تعود عليها اللبنانيون لتوظيفها لخدمة المشروع الاميركي.
من الاكيد ان سيناريوهات كثيرة ترسم للبنان لاسيما في خضم الازمات الاقليمية والدولية ذات الصلة. والمعلوم والواضح ان الاستهداف الاميركي لحزب الله جزء من الحرب المعلنة ضد ايران، وبالتالي فان انسياق بعض الاطراف اللبنانية وراء المشروع الاميركي دون دراسة مسار البوصلة في التصعيد الاميركي ضد ايران سيصيبهم بخيبة امل، لان الاميركي نفسه بات مقتنعا بعدم جدوى التهديد والتهويل ضد ايران ومعها محور المقاومة في المنطقة والذي يعتبر حزب في مقدمته، والاجراءات الاميركية ضد الحزب ليست الا جائزة ترضية لحفظ ماء الوجه داخل البيت الابيض.