انسحاب الامارات من اليمن.. رمال الميدان تغرق ابو ظبي
بعد اكثر من اربعة اعوام قررت الامارات سحب جزء كبير من قواتها المتواجدة في اليمن، تحت مسمى "استراتيجية السلام" كما قال مسؤول اماراتي رفض الكشف عن اسمه. المسؤول الاماراتي زعم ان ابو ظبي قررت الانتقال من استراتيجية العسكر الى السلام، لكن ما خفي خلف هذا العنوان يكشف الكثير.
اولا...
هناك عوامل كثيرة تعزز نظرية ان الامارات سحبت وتسحب قواتها من اليمن بسبب الفشل وليس حبا بالسلام كما تدعي.
فمنذ دخولها في تحالف قوى العدوان السعودي على اليمن تلقت الامارات ضربات قوية كانت تظن انها لن تتلقاها بفعل نظريات وتصورات تبين انها اوهام وافكار غرقت في صحاري اليمن. واولى هذه الضربات مقتل العشرات من الجنود الاماراتيين داخل اليمن وعودتهم الى بلادهم محمولين في نعوش بعدما ارسلوا لتنفيذ مشروع تبناه منذ البداية ولي عهد ابو ظبي محمد بن زايد برفقة صديقه الحميم راعي العدوان على اليمن محمد بن سلمان. والجنود الاماراتيون ذهبوا ضحية سياسات حكومتهم والامر لم يكن خفيا على اسر الجنود والمجتمع الاماراتي الذي اعرب عن غضب وحنق ورفض لهذه السياسات حاولت ابو ظبي اخفاءه بشتى الوسائل.
الضربات الاخرى للامارات في اليمن كانت في الميدان ولا يمكن اغفال ما سمي بمحرقة المدرعات في منطقة مكيراس اليمنية بين محافظتي ابين والبيضاء والتي وثقتها القوات اليمنية بالصور والفيديوهات وخرج وزير الشؤون الخارجية الاماراتي انور قرقاش حينها متنكرا لهذه المحرقة. والتي توالت بعدها الضربات للقوات الاماراتية في اليمن.
الضربة الاقوى لابو ظبي كانت استهداف مطار ابو ظبي بطائرة مسيرة (طائرة صماد 3 المسيرة). الضربة كانت ببعدين، الاول النجاح في ايصال الطائرة المسيرة الى قلب مطار ابو ظبي واصابة الهدف والثاني الفيديو الذي يوثق الضربة ويظهر الطائرة وهي تصيب هدفها والذي تم الحصول عليه من قلب المطار ما يعني اختراقا مهما للامن الاماراتي.
ثانيا...
اضافة لهذه العوامل هناك خلفيات لقرار الانسحاب الاماراتي من اليمن
المشروع الاماراتي كان مبنيا على السيطرة على المناطق اليمنية المهمة لابو ظبي من خلال الجماعات التي تدعمها ومنها حزب الاصلاح والقاعدة وغيرها.. وهذه المناطق تشكل اهمية اقتصادية كبيرة للامارات مثل عدن وسقطرى وغيرها تتمثل بالمشاريع التي وضعتها ابو ظبي مثل المناطق التجارية الحرة والقواعد العسكرية والحصول على الثروات المهمة في تلك المناطق.
منذ اكثر من عام ظهرت الى العلن تقارير عن خلاف اماراتي داخلي بين محمد بن زايد و حاكم امارة دبي محمد بن راشد. فالاخير كان تركيزه منصب على المشاريع الاقتصادية واستثمار التواجد الاماراتي في اليمن لصالح الخطط التي تجلب له المليارات. اما بن زايد فكان يتبنى خطة السيطرة على كل اليمن بدءا من الجنوب. والتقارير تقول ان الاثنين اختلفا على اي المسارين يجب تبنيه في اليمن.
وبناء على ذلك اكدت مجلة (ذا ايكونوميست) ان الاماراتيين بدأوا يحسون بالتكلفة الباهظة للتواجد في اليمن في ظل غياب اي مردود او نجاح لمشاريعهم هناك، خاصة وان المناطق الجنوبية بات تنتفض ضد الوجود الاماراتي مع الاحتجاجات والتظاهرات الواسعة في المهرة وعدن وسقطرى وغيرها..
عامل اخر مهم هو تحول المعادلة في الميدان اليمني والتحول في ميزان القوى لصالح القوات اليمنية، والرفض المتسع شيئا فشيئا داخل الولايات المتحدة للدعم الذي تقدمه الادارة الاميركية للسعودي والاماراتي في العدوان، وترافق ذلك مع فشل العدوان في تحقيق اي من اهدافه بعد اكثر من اربعة اعوام.
وكل ذلك وضع الاماراتيين امام خيار وحيد يتمثل بالخروج من المستنقع اليمني والهروب من التبعات الكارثية لاي استمرار في اليمن، رغم الضغوط التي تمارس للبقاء في التحالف السعودي، لكن العوامل التي تدفع باتجاه الانسحاب تبدو اقوى، وان كان هذا الانسحاب تحت عنوان استراتيجية السلام التي عنوانها الحقيقي استراتيجية هروب، تماما كما كانت استراتيجية اعادة الامل السعودية عنوانها الحقيقي قتل وتجويع وحصار وتدمير لليمن ولليمنيين.