صفقة ترامب.. ماذا يعني فشلها؟
على عكس الزخم والترويج الضخم لها منذ بدايات طرحها من قبل الادارة الاميركية، لا يمكن انكار واقع ان حظوظ ما يعرف بصفقة ترامب او صفقة القرن وزخمها المفترض بدأ يتراجع في الاسابيع الاخيرة.
وهذا سيعكس تبعات على كافة الاطراف المشاركة في الصفقة والمعنية بها بداية اصبح البعد السياسي للصفقة يواجه الفشل بعد تراجع اسهمه وذلك نتيجة فشل الوكلاء العرب بترويج الصفقة على المستوى السياسي لدى الشارعين العربي والاسلامي وتحديدا الفلسطيني. وبالتالي اصبح من الصعب على واشنطن وفريق حلفائها الاعتماد على الشق السياسي لتمرير الصفقة .
ثانيا فرض الخيار الاقتصادي نفسه على طاولة الرئيس الاميركي دونالد ترامب على اساس الاغراءات الاقتصادية والمالية وخصوصا باتجاه قطاع غزة حيث تبعات الحصار الاسرائيلي على مدى سنوات تركت اهالي القطاع في وضع معيشي كارثي، فكانت الاغراءات المالية التي قدمتها الدول العربية النفطية بتوجيه اميركي وكانت الوعود التي قدمت للسلطة الفلسطينية ولاطراف فلسطينية اخرى لكن كل ذلك تلقى ضربة قوية بفعل الرفض الفلسطيني الجامع لحضور مؤتمر البحرين الاقتصادي الذي كان معدا لتمرير الصفقة من البوابة الاقتصادية العربية
ثالثا برز التخبط داخل الادارة الاميركية تجاه الصفقة. فرغم التحفظ من قبل ترامب وصهره جاريد كوشنير عراب الصفقة خرج وزير الخارجية مايك بومبيو بما يمكن وصفه بالصفعة حيث اعترف ان الصفقة غير قابلة للتنفيذ ولا تحتوي على مقومات النجاح. كلام من اسم يعد من صقور ادارة ترامب واحد ابرز اعمدة سياساته الخارجية، ما دفع بالرئيس الاميركي للدفاع عن صفقته وعن صهره بالقول ان رؤيته للتسوية في المنطقة يمكن ان تنجح نهاية الامر.
رابعا كان الحضور الابرز والواسع ليوم القدس العالمي هذا العام رغم مساعي بعض الدول لطمس اهمية هذا اليوم ومنع احيائه لكن الصورة التي شهدها العالم يوم الجمعة الاخير من شهر رمضان اعاد التاكيد على تمسك الشعوب العربية والاسلامية بالقضية المركزية رغم التركيز الاعلامي على تهميش هذه القضية واظهارها بصورة العقبة امام رفاهية شعوب المنطقة.
وعليه يمكن القول ان صفقة ترامب بدات تواجه تحديات جدية وحقيقية تهدد بانهيارها وهذا سيحمل في طياته تبعات سلبية على اطراف عديدة.
فعلى مستوى الادارة الاميركية سيكون طبيعيا ان تجد ادارة ترامب نفسها في خانة الادارات السابقة التي فشلت في تمرير مبادراتها تجاه التسوية وبالتالي سيلقي هذا بظلاله على دور واشنطن كوسيط مع التحفظ على التسمية وكطرف معني من خلال دعمها التاريخي لكيان الاحتلال الاسرائيلي .
وعلى مستوى الدول العربية لا نستبعد مشاهدة الدول التي دفعت باتجاه تمرير صفقة ترامب وهي تسعى للعودة الى صف الشعب الفلسطيني بعد اقتناعها بالفشل الذريع التي منيت به وهو فشل بدأ منذ اليوم الاول لتبنيها هذه الصفقة علنا. ولا نستبعد ايضا ان ينعكس هذا الواقع على داخل هذه الدول التي لم تنجح في تهميش شعوبها وابعادها تماما عن القضية الفلسطينية .
اما على مستوى الداخل الفلسطيني فان الاجماع على رفض الصفقة يشكل فرصة تاريخية لاعادة ترتيب البيت الفلسطيني واعادة ترتيب علاقاته مع المحيط العربي وتحديدا محور المقاومة وهو ما بدأ مع الحديث عن اعادة قنوات التواصل بين حركة حماس وسورية، وهذا التحرك سيكون في صالح المقاومة وسيصب في خانة تقوية الاوراق التي تملكها المقاومة الفلسطينية في مواجهة مشاريع انهاء القضية.