قبل 7 سنە
قاسم عزالدين
728 قراءة

ما هي مراهنة السعودية على التصعيد في لبنان والمنطقة؟

التهديد السعودي على حافة إعلان الحرب، ضد لبنان واللبنانيين والمقاومة وضد اليمن وإيران، ربما يحلّق بعد برهة في الغيم بإعلان الحرب على روسيا والصين أيضاً. لكن ولي العهد السعودي الذي يتراءى له أنه يضرب بسيف ترامب ونتانياهو قد يجد أن الهروب السعودي إلى الأمام في توسيع التحريض المذهبي وفي زيادة العبث باستقرارالمنطقة، لا يضيف إلى تحالف واشنطن أكثر من مثقال ذرّة في معادلات موازين القوى.

قد يكون التصعيد السعودي إلى أقصى درجات التوتر العالي في كل الاتجاهات، مفاجىء بل أقرب إلى الذهول أمام شطط طفولي يتجاوز الحد من المنطق في حسابات الامكانيات الفعلية والقدرات الافتراضية المحتملة. فتهديد إيران "بالرد العسكري في الوقت المناسب" كما ألمح عادل الجبير، لم يتجرأ عليه صراحة دونالد ترامب في أكثر لحظاته تهوراً ولا نتانياهو وقت الجد أو ليبرمان. وتهديد ثامر السبهان بشن الحرب على المقاومة وعلى الحكومة اللبنانية، هو كتهديده اللبنانيين جميعاً بتهمة الارهاب إذا لم يواجهوا حزب الله، لم يسبقه إليه موسيليني أو فرانكو أثناء دعم الايطاليين والاسبان للمقاومة.
بعيداً عن تفاصيل الأحداث المتسارعة الباعثة على الإثارة كقصص الحيّات في برّية وعرة، لعل مجمل هذه الاحداث من الانقلاب الداخلي على الأسرة الحاكمة إلى استدعاء رئيس الحكومة اللبنانية وإلى التهديدات الخرقاء بالجملة، يربطها خيط واحد هو ما قاله باراك أوباما لدول الخليج في كامب ديفيد "إذا أردتم مساعدتنا في مواجهة إيران عليكم أن تسيروا أمامنا وأن تدفعوا التكاليف" وهو ما أعاده دونالد ترامب على مسامعهم في قمة الرياض التي رسمت ما وُصف بأنه استراتيجية أميركية جديدة في الشرق الأوسط بحسب البيان السعودي.
التكاليف بالمنظار الأميركي تتخطى مكافأة ترامب بحفنة من المليارات السائلة ومثلها من الصناديق السيادية. وتتخطى أيضاً تمويل الحملات الأميركية ضد إيران والمقاومة، إلى ما يصفه خبراء أميركا وأوروبا بفتح الأسواق المحلية أمام الشركات، وكذلك شفافية المنافسة معها وحريتها في الاستثمار والتجارة وغيرها. فما أثنى عليه ترامب في انقلاب محمد بن سلمان على الأمراء، يقصد إزاحة المنافسين السعوديين من أمام الشركات الاميركية في السعودية، وهو ما أشار إليه عادل الجبير في مقابلته مع شبكة سي أن أن. لكن محمد بن سلمان يكسب فوق رضى ترامب إحتكار سلطة المال والنفوذ والمكانة، ويكسب مصادرة الأموال التي يحتاجها لتمويل بعض المشاريع وتمويل التحريض على المقاومة ويكسب أيضاً وجهاً اصلاحياً وضمانة الفراغ لعدم الانقلاب عليه حين تتكشف خيبة مراهناته.
بشأن مقطع "عليكم أن تسيروا أمامنا"، أطلق عليه وقتها صهر ترامب "جاريد كوشنر" تسمية "شبه ناتو" عربي تنضم إليه اسرائيل بشكل غير مباشر تحت إشراف واشنطن. فما يتضح في التصعيد السعودي أن الدول العربية التي رشحها كوشنير لهذا الناتو، وهي تضم فريقا في لبنان وتضم الأردن والسلطة الفلسطينية، تموج تحت رياح محمد بن سلمان في اتجاه العمل كل من جهته لتمهيد الأرض أمام القوة الضاربة الاسرائيلية. بهذا المعنى يصف وزير الاستخبارات الاسرائيلية "اسرائيل كاتس" استقالة الحريري بأنها تحوّل تاريخي. بينما تعمّم وزارة الخارجية الاسرائيلية على سفاراتها ولوبيات الضغط أن تستند إلى إعلان الاستقاله للتحريض ضد حزب الله ونزع الشرعية اللبنانية عنه في الحكومة والمجتمع.
التصعيد السعودي ضد لبنان والمنطقة، يبدو أنه قاطرة "الناتو" العربي في بداية العمل على تفجير الانقسامات الطائفية والمذهبية وزعزعة الأمن والاستقرار المجتمعي الهش. وذلك من أجل الحرب على المقاومة ولبنان وإيران اعتماداً على عدوان اسرائيلي بدعم أميركي. لكن هذا العدوان الذي تلوّح به مصادر عسكرية اسرائيلية، تعترضه معضلات بحسب المصادر نفسها قد يكون حلّها أشبه بمعجزة.
بموازاة قدرة المقاومة وحلفائها على الردع وعلى رد الصاع صاعين، تحتاج إسرائيل وفق خبرائها أن تخوض حرباً سريعة وقليلة الكلفة في العديد وفي الداخل الفلسطيني. فهي عملياً مقيّدة بشروط للحرب كلّها معجزات غير قابلة للاعتماد عليها على ضوء ما هو معروف من قدرات المقاومة إذا اسثنينا "المفاجآت" المنتظرة بحسب وعود السيد حسن نصرالله. وفوق كل ذلك تحتاج اسرائيل للاقدام في عدوانها ضد المقاومة ولبنان، إلى انتصار مضمون واضح وكامل في تحقيق الهدف المعلن بالقضاء على المقاومة، وأي غموض أو انتكاسة يمكن أن يهدد اسرائيل بخطر وجودها بعد هزيمة تموز، كما يجمع الجنرالات الاسرائيليون. فهذا الشرط للعدوان هو بحد ذاته يسجّل للمقاومة الانتصار بالنقاط إذا لم يكن بالضربة القاضية. فما يقوله المختصّون الكبار في الشأن العسكري لا يوجد حرب في التاريخ يمكن أن تكون نتائجها محسومة مسبقاً.
السعودية التي تحرق مراكبها اعتماداً على عدوان اسرائيلي نتائجه مضمونة ومحسومة مسبقاً، لا ريب بأن يصيبها ما يصيب إسرائيل من مخاطر التهديد الوجودي، وربما لا تكسب في سيرها على رأس "الناتو" العربي أمام اسرائيل وواشنطن أكثر من حجارة الدمار العربي.

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP