على ترامب أن يشكر صيادي إيران لإنتشالهم أشلاء طائرته !
المراقب لتصريحات الرئيس الامريكي دونالد ترامب، الغارق حتى اذنية هذه الايام في ورطة انسحابه من الاتفاق النووي، ازاء كيفية اقناع ايران للتفاوض معه على ما تم التفاوض عليه على مدى سنين!، يشعر بان الرجل في حالة يرثى لها، فهو يخرج من حفرة بتصريح، ويقع في بئر في تصريح آخر.
قبل ايام تفتقت انسانية ترامب، عندما سمع ان 150 ايرانيا قد يموتوا اذا ما شن هجمات محدودة على ايران، ردا على اسقاطها درة تاج التكنولوجيا الامريكية طائرة التجسس العملاقة "غلوبال هوك" في الاجواء الايرانية، وضرب بذلك عرض الحائط بقرار ضرب ايران الصادر عن ادارته، وقرر التراجع، ولكن بعد يوم واحد من هذا الموقف الانساني، رتق ترامب شق انسانيته، وهدد بمحو ايران او بعض اجزائها من الوجود، اذا ما تعرضت لشيء اميركي!.
موقف ترامب الاخير بمحو اجزاء من ايران، كان اكثر انسانية من موقفه الذي اعلنه قبل فترة، من ان اي حرب مع ايران تعني النهاية الرسمية لايران، اي سيختفي اكثر من 80 مليون ايراني من على وجه البسيطة.
اليس من حقنا ان نتساءل ونحن امام هذه المواقف الترامبية الغريبة والعجيبة، ترى الا تكشف هذه التصريحات ان ترامب في وضع لا يحسد عليه، فهو قد كشف دون ان يدري انه كان يكذب، كما اتفق اغلب المحللين السياسيين، ان تراجعه عن توجيه ضربه لايران، لم يكن نابعا من انسانيته، التي تبخرت بعد تهديده بمحو ايران من الوجود، بل لما نقله اليه القادة العسكريون من ان ايران ليست كما كانوا يظنون، بعد ان نجحت في رصد ما لا يمكن رصده ، طائرة "غلوبال هوك" التي كلفت الخزينة الامريكية اكثر من 270 مليون دولار، بالاضافة الى ما تملكه من ارادة لا تلين ولا تتردد في ضرب اي هدف يقترب من حدودها، حتى لو كان هذا الهدف امريكيا ارسله بولتون المهووس بالحروب والبلطجي بومبيو.
ترامب، وبعد حادثة اسقاط طائرة التجسس الامريكية بصاروخ ايراني ، والذي حولها الى اشلاء متناثرة في المياه الاقليمية لايران، بات يعرف، او تم تعريفه بذلك، ان اي حرب مع ايران، ستدفن كل احلامه بالفوز بالانتخابات القادمة، كما لن يكون بمقدوره تحديد زمان ومكان وكلفة وضحايا هذه الحرب، والاهم من كل هذا وذاك، لا امريكا، كلاعب كبير على الساحة الدولية، ولا "اسرائيل" ، ككيان مدلل بقي دائما مصانا امام كل الحروب التي شهدتها المنطقة، ولا المنطقة بشكل عام، ستبقى كما كانت، قبل الحماقة التي قد يرتكبها ترامب في العدوان على ايران، بدفع من الفريق"باء".
ايران تعرف قبل غيرها ان موازين القوى المادية بين امريكا وبينها شاسع، ولكن في المقابل تعرف امريكا قبل غيرها، ان موازين قوى الارادة والصمود والدفاع عن الحق والتمسك بثقافة الشهادة بين ايران وبينها شاسع، وما اسقاط طائرة "غلوبال هوك"، رغم ما تحمل في طياته قوة مادية ضخمة، الا بعض جوانب الارادة الايرانية التي لا تتردد ولا تتزعزع، فبات بحكم المؤكد ان امريكا، وان كانت تمتلك اكبر ترسانة اسلحة في العالم، الا انها ستدفع أثمانا، وأثمانا باهظة جدا، تتصاغر معها اثمان حروبها على فيتنام وافغانستان والعراق، لذا، ننصح ترامب، ان يتوجه بالشكر لصيادي ايران، الذين تجشموا عناء انتشال اشلاء تكنولوجيتية المتطورة، في المياه الاقليمية الايرانية، والتي كانت تعيق عملهم، عوضا عن التهديد بإبادتهم.