ريف ادلب بين تقدم الجيش السوري ومسرحية الكيماوي
بسرعة تتهاوى جبهة النصرة وحلفاؤها على درب تحرير ادلب، معركة تشكل جزءاً من الترقبات للايام القادمة، في ظل الحديث عن التحضير للمسرح من جديد، لعرض فبركة هجوم كيميائي، كشف عن سيناريوهات التجهيز له بدور بارز لاصحاب الخوذ البيضاء، في محاولة وصفها المراقبون بأنها يائسة لتغيير مسار تقدم الجيش.
ميدانياً، الجيش السوري الذي ينطلق في تقدمه ضمن الريف الجنوبي الشرقي لمحافظة إدلب، استطاع عبر قفزات سريعة تقليص المسافة الى حوالي 20 كيلومترا، بين مناطق انتشاره والطريق الدولي الواصل بين حلب ودمشق، والذي يمر بأهم المدن في ريف ادلب وهي معرة النعمان، مستخدما تكتيات عسكرية سهلت على فرق المشاة التطهير والسيطرة والتثبيت فيها.
التكتيكات العسكرية التي اتبعها الجيش السوري، كانت تعتمد على توسيع قاعدة سيطرته في مناطق ريف ادلب الجنوبي واحداث خرق في مناطق تواجد المجموعات المسحلة، عبر استخدام القوة النارية الكثيفة لتليّن خطوط دفاع العدو، وتقسيم القوات بعد دراسة المنطقة طبوغرافيا الى مجموعات صغيرة تبدأ بالقضم المتدرج للمساحت الجغرافية والوصول الى العمق، بهدف توسع منطقة السيطرة وحماية القوات على محور التمانعة - خان شيخون، وايضاً ربط الجبهة الجنوبية لادلب بالشرقية من خان شيخون حتى مطار ابو الظهور العسكري.
لم يتأخر الجيش السوري كثيرا بعد اعلان ساعة الصفر التي اطلقت العملية، حيث سيطرعلى بلدة المشيرفة الإستراتيجية، وبعد التثبيت فيها، ووزعت مدفعية الجيش الثقيلة وسلاح الطيران نيرانها على عدة محاور، كان ابرزها نقاط انطلاق الامداد للمجموعات المسلحة، من بلدات كفروما وبابولين وحيش، وانضمت بلدة التح وكفر نبل والزرزور وام الخلاخيل الى قائمة التمهيد الناري، لتدخل بعدها وحدات الاقتحام للاشتباك مع المجموعات المسلحة التابعة لجبهة النصرة والمجموعات المرتبطة بها، وتحديدا اجناد القوقاز وانصار التوحيد، ليسيطر بعدها على بلدة ام الخلاخيل، ويتابع تقدمه باتجاه قرية الزرزور ومزارعها وقرية الصير في ريف ادلب الجنوبي الشرقي.
العمليات العسكري في ريف ادلب الجنوبي، تهدف لوضع الجيش السوري على الطريق الدولي والذي يجعله يلامس خطوط دفاع المسلحين في مدينة معرة النعمان، المعقل الاهم في ريف ادلب الجنوبي الشرقي، وبتفحص خط سير الجيش يلاحظ ان الخطة التي رسمت كانت دقيقة لمستوى، انه يبتعد عن نقاط المراقبة التركية في تلك المنطقة، وبالذات في بلدة الصرمان، التي تقع على خاصرة معرة النعمان الجنوبية الشرقية، حيث يتحرك الجيش تارك تلك القاعدة الى الشمال الغربي من قواته، ما يعني انه يرسم بالنار تطبيقا لخرائط اتفاق سوتشي، والذي اكد وفق ما وقع، على تسليم الطريق الدولي الواصل بين حلب ودمشق، وانسحاب المجموعات المسلحة منه، حيث تتمركز في تلك المنطقة بالاضافة الى جبهة النصرة، مجموعات تسمى بـ"أجناد القوقاز"، وهم عبارة عن مسلحين من دول مثل الشيشان واذربيجان وارمينيا وجورجيا، وصلوا إلى سوريا مع عائلاتهم أواخر 2012 وأوائل 2013، ويُهيمن على قيادة أجناد القوقاز قادة شيشانيون يتمتعون بخبرة قتالية كبيرة مثل القائد العام للمجموعة عبد الحكيم الشيشاني والذي يبلغ من العمر حوالي 35 سنة، يشاع عنه انه يملك خبرة قتالية كونه احد الذين قاتلوا في الشيشان في تسعينيات القرن الماضي، ينتشر هؤلاء الارهابيين بشكل أساسي في ريف اللاذقية الشمالي، وقد تنقّلوا حين الحاجة لمؤازرة باقي المجموعات في كثير من المعارك في إدلب، وريف حلب، وريف حماة.
ومع صفر انجاز المجموعات المسلحة على جبهات ريف اللاذقية، واستنزاف جبهة حلب بالقذائف الصاروخية، لتعطيل الجيش في ريف ادلب، عاد الارهابيون وداعموهم الى تحضير معزوفة استخدام الجيش السوري للاسلحة المحرمة دوليا، حيث طفا على السطح من جديد الحديث عن تحضير ما تسمى بالخوذ البيضاء، بالمشاركة مع جبهة النصرة، لمسرحية جديدة تتحدث عن استخدام الجيش السوري لأسلحة كيميائية، هذا ما اعلنته بشكل واضح وزارة الدفاع الروسية، المصادر المحلية في ريف ادلب تحدثت بشكل واضح "ان سكان بلدة "سرمدا" شاهدوا مسلحين يصلون إليها في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في ثلاث شاحنات محملة بحاويات تحتوي على مواد كيميائية، وكذلك معدات تصوير فيديو احترافية".
إن المتابع لتاريخ منظمة الخوذ البيضاء، والتي تم العثور على جثة مؤسسها " جيمس لو ميسورييه" مقتولا في اسطنبول، يجد انها تحاول بشكل دائم ومع كل معركة يخوضها الجيش السوري الى اثارة المجتمع الدولي ضد دمشق، وبالتدقيق البسيط في خلفيّاتها، سيجعل أي ذي عقل يقفز من مكانه بعد سماع السردية الامريكية الفرنسية البريطانية الدائمة حول استخدام الجيش للاسلحة الكيميائية، فهي تنفذ اجندة المخابرات المركزية الامريكية ومؤسسات صهيونية، والتي توفر لها دعم اعلامي قل نظيره على مستوى الحروب في عصرنا الحالي.، والذي يؤكده عدم تطابق التقارير الصادرة عن منظمة حظر الاسلحة الكيميائية مع ما يجري على الارض.