سوريا.. الانتهاء من لعبة عض الأصابع
خرج الدخانُ الابيضُ بعد اجتماع ضم هرم الدبلوماسية السورية وليد المعلم مع غير بيدرسون المبعوث الاممي الخاص الى سوريا، ايذاناً بانتهاءِ مناقشةِ تشكيل لجنة مناقشة الدستور، بعد ان تمكنت الدبلوماسية السورية من فرض رؤيتها المنبثقة عن مبدأ السيادة الوطنية وتحقيق تمثيل اوسع لجميع فئات الشعب السوري، وسط تأكيد حكومي ان اللجنة شأن سوري يخص السوريين وحدهم
لم ينتظر طويلا الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيريش" بعد انتهاء اجتماع المعلم وبيدرسون في دمشق، حتى اعلن عن نجاح تشكيل اللجنة الدستورية بشأن سوريا، اما بيدرسون فقط استقل اول طائرة باتجاه نيويورك، حيث تعقد جلسات الجمعية العامة للامم المتحدة اعمالها في دورتها الحالية، ليتم الاعلان بشكل رسمي من هناك عن كل تفاصيل الاتفاق مع الدولة السورية، ضمن البرتوكول العام، كون الامم المتحدة هي الجهة المخولة ان تعلن عن هذه التفاصيل، في الوقت الذي اعلن فيه ان هذه اللجنة ستعقد أول اجتماعاتها في جنيف "خلال أسابيع قريبة".
ساعات حاسمة مرت في دمشق، خرجت فيها اللجنة الدستورية للنور، بعد نقاش على الاليات والاجراءات تم الاتفاق عليها ضمن الثوابت السورية وان تكون جميع المسارات ملكية سورية، وكل ما تجاوز ذلك تم رفضه، في أجواء تفاؤلية، حيث حسم اخيرا كل ما يتعلق بالامور الادارية واللوجستية والبروتوكولية الخاصة بعمل اللجنة الدستورية من تنظيم الجلسات وطرق الاجتماعات واعتماد الية التصويت على المقررات، والية عمل اللجنة، وعلى الاغلب ان مدة عمل هذه اللجنة يجب انجازها في فترة زمنية سقفها سنة من الان لاقتراب انتخابات مجلس الشعب وانتخابات الرئاسة عام 2021 . ليبقى التحدي كامنا في النية الاميركية لتتوج اللجنة عملها بالنجاح، فالطريق الى دمشق سالك ولكن ثمة من سيزرع الاشواك السياسية لإطالة امد الحرب المفروضة على البلاد، فمنذ استانة بنسختها الثالثة عشر، كان الهم الاكبر بالنسبة للدول الضامنة في استانا، انجاز اللجنة الدستورية حتى يكون هناك خطوة اولى لاطلاق العملية السياسية، وانجاز انهاء الحرب الاعلامية والعسكرية ضد عمليات الجيش السوري بانتزاع قبول دولي بهذا الانتهاء وابتداء العمل السياسي على الارض، وعلى هذا كان من المتوقع ان يكون هناك موافقة مؤكدة من الدولة السورية لبدء عمل هذه اللجنة، ولعل المرحلة السابقة لاقرار هذه اللجنة كانت صعبة ومعرقلة بعكس ما هو متوقع للمرحلة المقبلة التي ربما تنحصر العراقيل في المواد الدستورية والبنود التي ستتم مناقشتها والتوافق عليها لتطرح للاستفتاء الشعبي فيما بعد كما هي رغبة وارادة الدولة السورية.
بهذا الانجاز تكون المنطقة قد استراحت ولو مؤقتا، من التصعيد المفتعل والتوتر المصطنع، ومن لعبة عض الأصابع واختبار الصوت العالي التي تمارسه الولايات المتحدة الاميركية وتركيا، ما يدفع موسكو وطهران، للحصول على هذه الوثيقة الدستورية باسرع زمن لتكون سلاح ضغط في ايديهم ضد الوجود الاميركي والتركي على حد سواء، ما يعني ان العمل سيكون حثيثاً للحيولة دون اي عثرة قد تعترض طريق عمل اللجنة، او حتى افخاخ قد تنصبها الولايات المتحدة الاميركية وتركيا، والكثير من الدول الادوات في منطقتنا وحتى العالم.
بالطبع هذا الامر يتطلب من المبعوث الاممي بيدرسون ان يلعب دور الوسيط والمساعد في انجاز مهمة لجنة مناقشة الدستور، وان يكون ممثلا حقيقيا لمنظمة الامم المتحدة ضمن ميثاقها ومبادئها، والامر الاهم ان لا يخضع لرغبات وضغوط الولايات المتحدة الاميركية، التي من عادتها عرقلة اي حلول لا تتناسب مع مصالحها، وإن لم يعمل على ذلك السيد بيدرسون فإنه كمن يشعل اخر اوراقه بيده، ويمضي بالمهمة الموكلة اليه نحو الفشل، ففي هذه المرحلة الدقيقة لا يمكن لاي انجاز ان ينتشل المهمة الاممية الا تحقيق التقدم العملي بلجنة مناقشة الدستور.