'داعش' بين ادارة التوحش والذئاب المنفردة
هي من صنعته ومولته وسلحته، وهي من اعلنت تصفيته، انها الادارة الامريكية التي تقتل زعماء التنظيمات الارهابية في ليال هيولودية قبل ان تنطق بسر واحد من اسرارها.
قتل زعيم تنظيم "داعش" الوهابي أبو بكر البغدادي، بعد طول استثمار من قبل راقص الراب السياسي الامريكي. البغدادي الذي اطلقته لفضاء الشهرة اداراة اوباما، وخبأته ادارة ترامب، عادت لتقدمه اضحية عن الرئيس ترامب، والتسويق له كإنجاز، اثر الاجراءات المتخذة بعزله، وللاستثمار الناجح على أبواب الحملات الانتخابية.
اسدل الستار عن المشهد الاخير للفيلم الامريكي الطويل، قتل البغدادي وعدد من قادته، ولكن لم يظهر اعلان عن الفيلم القادم في الطريق الى شرقنا، ولم نعرف بعد ما هو الجزء الرابع من سلسلة الافلام الامريكية، التي بدأت بابن لادن والزرقاوي ومن ثم البغدادي. فالسياسة الامريكية في الشرق تملك في جعبة الساحر الخاصة بها، ممثلين جاهزين وسيناريوهات معدة باتقان لترك المزيد من الكوارث والدمار في منطقتنا، فمن هو الممثل القادم وما هو السيناريو المتوقع؟
قبل نهاية معركة الباغوز، وانتهاء تواجد التنظيم الارهابي في منطقة الجزيرة السورية، وضعت سيناريوهات عديدة، تحاكي مستقبل "داعش" الوهابية، كان اشبه بتغيرات في طبيعة الهيكلية التنظيمية للجماعة الارهابية، كان في ذلك الوقت الجميع في داخل التنظيم يتحضر لما بعد مقتل البغدادي والقادة الامنيين والعسكريين من الصف الاول، وهذه التغيرات راعت طبيعة المرحلة ما بعد انتهاء السيطرة الجغرافية على مناطق في سورية تحديداً، وتحول تكتيك العمل على الارض الى نظام "الذئب المنفرد"، ويقضي هذا التكتيك بالعمل منفردا لكل ارهابي وتحويل المجموعات الى افراد، ينتشرون في بقاع جغرافيا مترامية، وينفذ كل واحد منهم العمل دون اللجوء الى قادة في التنظيم او المجموعة، ولا حاجة للتواصل قبل تنفيذ الضربة الارهابية، واعتمد هذا التكتيك بعد التشديد الامني الكبير في سورية والعراق، واخراج "داعش" من الحيز الجغرافي، ولهذا لجأ التنظيم لهذا التكتيك الذي لا يحتاج الى توفير سلاح او تدريب عسكري متواصل، ويستند عمل "الذئب المنفرد" على التمويل الذاتي والاستعانة بالمواد المتوفر بالاسواق "كالمواد الاولية لصناعة المفتجرات" لتجهيز نفسه.
هذا الاسلوب هو نتاج العقلية الامريكية، والتي اطلقته في عام 1983 عبر منظمة "الكوكلوكس كلان" التي تعادي الكاثوليكية، والتي اطلق عليها في حينها "المقاومة دون قيادة"، واعيد العمل بهذا النظام في عام 1990 من قبل أليكس كيرتس وتوم متزغر.
واما التغيرات على مستوى القيادة، فقد انتبهت ان قادة الصف الاول سيكونون مطاردين ومعرضين للقتل والاعتقال في اي لحظة، وكان احتمال مقتل البغدادي هو الحاضر الابرز في هذه التعديلات، لذلك خفضت صلاحيات البغدادي، وتم تحويل معظم هذه الصلاحيات لقادة الاقاليم، واستحدث جهاز اداري جديد اطلق عليه "اللجنة المفوضة" وهذه اللجنة من صلاحياتها اتخاذ القرارات الاستراتيجية والتكتيكية الخاصة بالتنظيم، ومنها تعيين بديل للبغدادي والقادة الامنيين والشرعيين والعسكريين، وبعد مقتل زعيم "داعش" الوهابية، فإن اعلان اسم البديل سيكون من اختصاص هذه اللجنة، التي تملك ضوابط عديدة للاختيار منها، ما يتعلق بنسب البديل الذي تؤكد ادبيات هذا التنظيم ان يعود نسبه الى قريش، بالاضافة الى اهم خاصية، وهي قدرته على اقناع عناصره بالبقاء في التنظيم، والاستمرار في عملياتهم الارهابية، ورجحت مصادر عديدة، ان اسماء كثيرة وضعت امام هذه اللجنة، والامر اللافت ان أغلب هذه الاسماء من الجنسية العراقية، ما عدا احد الشخصيات من المغرب العربي، حيث اوضحت بعض المصارد ان ابو الوليد الصحراوي الذي عينه البغدادي زعيما في الصحراء الكبرى يعتبر أحد المرشحين.
الصحراوي كان أحد أهم قيادات جبهة البوليساريو، ومسؤولاً في منظمة اتحاد شبيبة الساقية الحمراء ووادي الذهب المقرب من جبهة البوليساريو، ومن ثم تنقل بين "حركة التوحيد والجهاد" و"المرابطون" واستقر في "داعش"، بالاضافة الى العراقي عبد الله قرداش الملقب بابو عمر التركماني، الذي ارتبط بالتخطيط والتنفيذ لعدة عمليات ارهابية كبيرة، وهو شخصية كانت مرشحة لخلافة ابو بكر البغدادي حتى قبل تنفيذ عملية اغتيال البغدادي، ويشار إلى انه تقلد مناصب عدة في تنظيم "داعش"، وكان عبدالله قرداش معتقلا في سجن "بوكا" برفقة قيادات تنظيم "داعش" الارهابي، وعمل في منصب شرعي داخل تنظيم القاعدة، وذكرت المصادر متعددة ان ميكائيل دوس سانتوس الملقب بأبو عثمان الفرنسي مرشحاً محتملاً لخلافة البغدادي، وهو في الاصل من ضاحية "فيلييه سور مارن" الشرقية لباريس، اسمه ميكائيل دوس سانتو..