قبل 5 سنە
حسام زيدان
415 قراءة

طبول الحرب التركية والمأزق السياسي القادم

طبول الحرب في شمال وشمال شرق سورية تقرع بقوة، في عدوان على الاراضي السورية اسماه اردوغان "نبع السلام" ترافق صدى صوتها من نهر الفرات غربا هناك من مدينة جرابلس حتى المالكية في أقصى الشمال الشرق عند مثلث الحدود التركية العراقية على امتداد اكثر من اربعمائة وثمانين كيلو متراً بعمق يصل الى ثلاثين كيلومترا، تلك النار التي هبت مع رياح تشرين الاول، حدد لها الجانب التركي ثلاثة اهداف، تتلخص باقامة منطقة امنة، وضمان امن الحدود، وافساح المجال امام عودة النازحين الى الداخل السوري. 
في الواقع، وبعيدا عن التصريحات الصحفية، فإن ما يخفيه العدوان ابعد بكثير من قضية المنطقة الامنة، حيث يتسع افق الدول الداعمة للحرب ضد سورية، الى مشاريع تقسيم لوحدة الاراضي السورية، وتقويض العملية السياسية وهدم اساسها المتمثل باللجنة الدستورية، بالرغم من كون الجانب التركي احد الدول الضامنة في محادثات استانا.
في الوقائع الميدانية، العدوان شمل مدن الشريط الحدودي من المالكية وصولا الى راس العين مرورا بمدن القحطانية والقامشلي وعامودا والدرباسية ، العدوان يتركز في مناطق رئيسية وهي رأس العين وتل ابيض وعين عيسى، ومن المرجح ان يكون الهجوم البري باتجاه مدينة راس العين عبر ثلاثة محاور محور شرقي عبر احتلال بلدة علوك، ومحورين من الجهة الغربية، من جهة قرية تل حلف وتل ارقم غرب المدينة، حيث تؤكد المصادر الخاصة ان قوات العدوان التركي فتحت ثلاثة اقسام من الجدار الاسمنتي الفاصل بين الدولة التركية والسورية مقابل مدينة راس العين، في اشارة الى ان الهجوم البري سيتم قريبا، وحتى لحظة كتابة هذه السطور، لم يتم اقتحام مدينة راس العين مع الاستمرار بعمليات استهداف متقطعة لمواقع ميليشيا قسد، اما بالنسبة للتوغل البري نحو مدينة تل ابيض فالهجوم البري تم عن طريق الجهة الشرقية للمدينة والسيطرة على قرية خزان عشق باشارة الى ان الاتراك يحاولون ان يقطعوا الطريق الواصل بين راس العين وتل ابيض لمحاولة الالتفاف على المدينة .‎
الامريكي الذي ترك الرهان التركي على عملية محدودة وسريعة، كان قد انسحب مع صياح الديك التركي استعدادا للحرب، اما الاكراد الذين وهبوا الكوبوي مصيرهم ومشوا خطوات مهمة معهم تجاه الكردي، وقع في فخ مزاد علني افتتحه ترامب لبيع مدخراته من اتباعه في المنطقة، فقبل ان ينسحب من المناطق التي سيعتدي عليها الجيش التركي، كان قد اعاد ترتيب اوراقه ضمن مساحات متناقضة، لعله ينجي نفسه من خسائر بشرية لا يتحملها ترامب في الداخل الامريكي، ويجمع الجميع ان سيد الحرب الامريكي اتفق على ان يلوح التركي بالعصا للكردي، ولكن لن تتوافق حسابات الحقل مع حسابات البيدر، فالتركي والكردي والامريكي، دخلو عنق الزجاجة، كون ما يجري ليس مأزقا كرديا فقط بل هو مأزق للامريكي والتركي في آن معاً، فمسرح العمليات الدائرة في شمال وشمال شرق سورية، يشير الى اهمية هذه منطقة التي تختصر مصير الحرب المفروضة على سورية، كونها تضم ابار وحقول النفط والغاز، وهي السلة الغذائية للبلاد لانتاجها اهم المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والقطن، ولحضور عنوان دائم وهو بقايا جماعة داعش الوهابية، ما يعني ديمومة وجود القوات الغازية الامريكية او التركية، وهذا يستدعي ان يواجه الاتراك مطبات سياسية كثيرة، ومنها ما الهدف من اعادة التوزيع الديمغرافي في تلك المنطقة بعد الاعلان اكثر من مرة عن اعادة النازحين الى الداخل السوري من تركيا وحتى بعض الدول الاوربية، واسكانهم في تلك المنطقة، حيث يرجح بعض المراقبين في دمشق، ان الاتراك سيواجهوا مأزق تشكيل كانتونا جديدا تابع لهم في شمال شرق سورية، في حال طبقوا ما يتحدثوا عنه، على غرار الكونتانات التي شكلوها لجماعة جبهة النصرة وداعش وما يسمى بالجيش الحر في ادلب وغيرها من المناطق، وهنا سيكون استبدال نهب النفط السوري من يد جماعة قسد، الى مجموعات مسلحة تابعة لهم تحت مسمى "الجيش الوطني".
كل ذلك يؤكد ان المدافع التركية لا تصنع سلاماً في الجزيرة السورية، وان الباب يفتح واسعا امام الحلم التركي باعادة تفعيل دوره في المنطقة، والعودة الى فترة ما قبل تحرير حلب، واستمراره كقوة قادرة على تخريب اي جهود سياسية تسعى لانهاء الحرب المفروضة على سورية، بالاضافة الى قدرتهم الرهيبة كأتراك على احتضان الارهاب من داعش للنصرة لباقي الفصائل، وابعاد القوة الجغرافية التي امتلكتها الدولة السورية عن الاستثمار السياسي، وهذا يذكرنا بما فعله الاتراك في شمال قبرص والعراق، والان في شمال سورية، وهو تاريخ يعتمد على نظرية التذاكي السياسي، واتقان اللعب على الحبال، ما يدلل على ان التركي يحاول الاستثمار في الفوضى، وتقويض كل ما تم الاتفاق عليه في استانا وسوتشي. العدوان الذي سمع صداه في جميع أرجاء العالم، يؤكد ان تخطي الحدود الجغرافية والسياسية للبلدان، لا يصنع استقرار في المنطقة، وان الدم المسال يعقد الامور اكثر، وبالنهاية سيعود التركي لتطبيق اتفاقية اضنة المنظمة للحدود بينه وبين الجانب السوري، ولن ينجح في نواياه العدوانية، هكذا تقول حركة التاريخ.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP