خطاب الرئيس الاسد، ثقة تامة بالشعب لنصر مؤزر
مواقف لا يقاس تردداتها وصدها بمقاييس، مواقف ورسائل تامات، واضحات، واثقات، قالها الرئيس بشار الاسد خلال لقائه رؤساء المجالس المحلية من جميع المحافظات السورية، فوضع النقاط على الحروف، واضاء على زوايا عديدة سياسيا وعسكريا، من الحرب على الارهاب، الى الوضع المعيشي، والحرب الاقتصادية والاعلامية وحتى الاجتماعية، وما بينهما مواقف للخارج وللساسة في دول الاقليم والعالم.
الجميع يعلم أنّ الحرب التي شُنّت على سورية وما زالت، كانت تركز على شخص الرئيس الاسد، وتوقيت خطاباته ولقائاته، وهذه المرة كان التوقيت يشكل نقلة نوعية في رسم ملامح المنطقة سياسياً بالاضافة الى اسقاط اهم اذرع المشروع التآمري الهادف لتفتيت سورية، ولا ننسى ان اختيار المكان والزمان والاشخاص الذين حضروا هذا اللقاء، كان له دوراً كبيرا في ايصال الرسائل والمواقف الى ابعد من حدود الجغرافية المحلية، والتي هي اجابة على كثير من الاسئلة ما سيساعد من خلال اجوبة الرئيس الاسد على فهم صورة المنطقة، ومنطق المعادلات الذي لم يغيب عن اطلالة الرئيس في العديد من الملفات.
بالموقف الدقيق، وجه الرئيس الاسد رسائل واضحة الى الداخل والخارج، الداخلي منها كان مرتبط بالخارجي، مؤكدا اننا ما زلنا في قلب الحرب، وانها لم تنته وهي طويلة وهناك اربعة حروب نواجهها، وهي الحرب الميدانية على الارهاب، والاقتصادية والاعلامية والاجتماعية، بالاضافة الى حرب الرؤى السياسية القادمة، الرسائل الداخلية، كانت حول اهمية انتخابات الادارة المحلية التي تعتبر مكملة للمشهد الديمقراطي، بالاطار السياسي العام والاقليمي والدولي، واسقاط موضوع اللامركزية الشاملة، التي تفكر فيه بعض القوى عبر ادارة ذاتية، والذي سيتحول الى سيناريو تقسيم. في الجانب الداخلي، كان خطابا يحمل مسؤولية الاجابة على الارهاصات الموجودة في داخل البلاد، موضحاً ان الازمات المعيشية مربوطة مع الحروب الاربعة، شارحاً بعض المحددات، ولفت الانتباه الى ان شكوى المواطنين تعبر عن معاناة حقيقية، بالذات في الوضع الاقتصادي، الذي تسعى من خلال هذا الملف بعض الدول الداعمة للارهاب، الى استهداف بنية المجتمع سواء من الداخل، وعبر الحصار على سورية، بالاضافة الى الحديث عن دور المجتمع، في مواجهة هذه الحروب والازمات والحصار.
اما على المستوى الخارجي، وضع الرئيس الاسد النقاط على الحروف، ليقرأ جميع المعنيين المشهد السوري بلغة الوقائع لا تحليلات البعض التي هي وليدة امنياتهم، فالاسد الذي كشف حقيقتين مهمتين اولاهما ان محاولات الهيمنة الغربية على العالم مازالت مستمرة، والحقيقة الثانية استمرار ارادة المقاومة لهذا المخطط، وفعالية هذه الارادة، ارتبط ذلك مع رسائل خارجية اكدت على وحدة الاراضي السورية بكامل اجزائها، وانه لن يكون هناك مساومة، موجها مواقف غاية في الاهمية ضد الطرف التركي بعدة نقاط، كان ابرزها اللجنة الدستورية، موضحا ان اطراف اللجنة الدستورية طرفان، طرف وطني يهمه مصلحة البلاد واستقلالها، وطرف يتبع للتركي، ما يؤكد ان الرئيس الاسد لديه قناعة مطلقة، ان التركي لم يخرج عن العباءة الامريكية، وهو جزء من المخطط المرسوم عبر الرؤى السياسية القادمة ضمن استمرار الحرب، وان التركي كل همه فقط ايجاد المنطقة الامنة التي كان يستجدي الامريكي عليها منذ بداية العدوان على سورية، ويأتي استخدام مصطلح "اجير" بحق اردوغان له ابعاده الكبيرة والمهمة، كتوصيف دقيق للحالة السياسية السائدة في الاقليم.
بالطبع، الدقة في المصطلحات كانت السمة الابرز للخطاب، الا ان هناك جملة استوقفتني جداً، عندما اكد الرئيس الاسد " نحن السوريين ننتصر مع بعضنا لا على بعضنا" ما يدلل على حرص الرئيس الاسد على تكامل جميع القوى والشرائح في الواقع السوري، بمواجهة الحروب المفروضة على البلاد، وان للجميع دوره، وان النصر يكون على كل ما يمكن ان تتفتق عنه عقلية الشر الغربية والصهيونية، بالاضافة الى رسائل واضحة لمن يحاول ان يتحول كورقة في يد الامريكي والتركي، وان النصر يكون على قوى محور الشر، مبيناً لجميع من لهم ارتباطات بالخارج، ان المالك الحقيقي للوطن هو الشعب.
الرسائل الداخلية الخارجية الكثيرة في خطاب الرئيس الاسد سيدوم الحديث عنها طويلاً، وان ما رسمه الخطاب من استراتيجيات على المستوى العسكري والاقتصادي والاجتماعي والاعلامي والسياسي، وما بثه الرئيس من طمأنينة، استند فيه الى ثقة المنتصر، على ادوات المشروع الغربي والصهيوني، وسيتردد صداه لايام قادمة في الاقليم والعالم.