قبل 3 سنە
فوزي بن يونس بن حديد
320 قراءة

معركة دبلوماسية بين إيران وأميركا.. هل تنتهي باتفاق نووي جديد؟

بعد أن هدأت عاصفة التصريحات النارية التي شهدها عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والتي كانت تصاحبها تحركات عسكرية كبيرة على مستوى المنطقة، وكانت القاذفات الأميركية "بي 52" تجوب معها سماء المنطقة، مطلقة دوياً هائلاً مع وجود إسرائيلي وسعودي كبير، استعداداً لضرب إيران والعمل على استفزازها والتعرف إلى قدراتها الاستعدادية والعسكرية، في الوقت الذي كانت الأخيرة أيضاً تُرِي أميركا و"إسرائيل" جندها الجديد المتمثل بالطائرات المسيّرة بالمئات، إن لم نقل الآلاف، وقاذفات الصواريخ الباليستية والقواعد العسكرية تحت الأرض وفوق الأرض وفي أعماق البحار. بعد كل ذلك، بدأت حرب كلامية أخرى بين إيران وأميركا حول الاتفاق النووي، وإن بدت هذه الحرب أخفّ وطأة وأقلّ حِدة.

وبعد أن غادر ترامب البيت الأبيض، تنفّس الجميع الصعداء، وأبدى كل طرف استعداده للحوار والرجوع إلى الاتفاق النووي المبرم في العام 2015، لكنهما اختلفا اختلافاً شديداً في وسائل الاتصال، فهل سيكون هناك اتفاق جديد أو أنه الاتفاق نفسه لا غير؟ واحتدم الجدال في هذه النقطة، فبينما ترى أميركا أن على إيران أن تبادر وتعلن التزامها التام بالاتفاق النووي، وأنها مستعدة للحوار مع أميركا على اتفاق جديد يشمل الصواريخ الباليستية، تقول إيران إن من ينبغي أن يبادر إلى ذلك هو الولايات المتحدة الأميركية نفسها، لأنها الطرف الذي خرج من الاتفاق، وعليها أن تقوم بخطوة إيجابية تعبّر عن حسن نية، وترفع العقوبات الأميركية كاملة عنها، لتكون إيران بعدها مستعدة للجلوس إلى طاولة الحوار.

أعتقد أن هذا الملف سيأخذ وقتاً، وستستمر هذه المجادلة الكلامية بين الطرفين ما لم يتدخل طرف ثالث يمكن أن يجمع الخصمين إلى طاولة واحدة لبدء حوار استراتيجي، رغم أن هذا ما يخيف "إسرائيل" في الدرجة الأولى، التي اعتبرت أن رجوع الولايات المتحدة الأميركية إلى لغة الحوار مع إيران كارثة وسابقة خطيرة، كما صرّح بذلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن هناك مؤشرات توحي بقرب المفاوضات الدبلوماسية بين إيران وأميركا بعد تعيين إدارة بايدن مبعوثاً خاصاً لإيران، وهو الوسيط المباشر بين الدولتين.

كما أن هناك أطرافاً فاعلة في المنطقة يمكنها أن تؤدي هذا الدور كدولة قطر، التي عبّرت في أكثر من مناسبة عن استعدادها لأداء دور مهم في هذه القضية وتقريب وجهات النظر والنظر في كل العوائق التي تحول دون إنشاء اتفاق جديد يصمد في وجه التيارات المعادية والمعرقلة من "إسرائيل"، فمن سيتنازل للآخر أم يجب أن يتنازل كل من الطرفين للآخر، وخصوصاً أننا نعلم أن جون كيري، المسؤول عن المناخ في إدارة بايدن الحالية، والذي كان وزيراً للخارجية في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما ومهندس الاتفاق النووي مع إيران، يمكن أن يؤدي دوراً فاعلاً في هذه المسألة، ولو كان هذا الأمر ليس من صميم اختصاصه في هذه الإدارة الجديدة، لكنه يمكن أن يسهم بطريقة أو بأخرى في تقريب وجهات النظر بين الجانبين!

لا شك في أن الأمر ليس سهلاً، ولكنه في الوقت نفسه ليس صعباً، ما دامت قنوات الحوار مفتوحة، وما دام كل طرف مستعداً للجلوس إلى طاولة الحوار وبناء الثقة من جديد، فأميركا وإيران اليوم أشبه بزوجين تزوّجا لفترة، ثم حدث خلاف حاد بينهما في فترة ما بعد الزواج مباشرة، وانفصلا ليأخذ كل طرف وقته في التفكير وإعادة الحسابات، ثم اشتاق كل طرف إلى الآخر لبناء الثقة من جديد وإعادة العلاقات. ولما تدخل طرف ثالث يُوصف بالصدق والأمانة، ويعد مقبولاً من طرفي النزاع، استطاع أن يجمع الزوجين من جديد تحت سقف واحد، رغم صعوبة ذلك في البداية، إلا أن رغبة الطرفين في الالتقاء من جديد كانت السبب المباشر في العيش جنباً إلى جنب بسلام وأمان.

وبالتالي، فإن الأمر قد يحدث من جديد، كما يمكن أن تحدث القطيعة كلياً أيضاً، لكن إذا كانت هناك رغبة حقيقية في إحداث اتفاق قوي وصامد رغم تحفظ "إسرائيل" وفشل مخططاتها في إجبار إيران على الرضوخ لتعليمات الدول الكبرى، فإن الاتفاق بينهما هو العنوان الذي سيسود في الفترة القادمة، وستكون هناك التزامات ينبغي للطرفين الإيفاء بها، وبالتالي تدخل إيران معركة دبلوماسية توصف بالحمائمية وتنضم إلى السرب العالمي، لكن شروط أميركا قد تكون قاسية هذه المرة، وأولها أمن "إسرائيل" والكف عن دعم الحوثيين وحزب الله اللبناني والنظام السوري، وهي شروط ليس من السّهل أن تقبل بها إيران إلا في حدود ضيّقة، فهل يمكن فعلاً أن يتوافق الطرفان من جديد في حوار استراتيجي؟

 

إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الاشراق وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP