كيف ننتصر على اسرائيل؟
كتبنا الأسبوع الماضي ، حول امكانية الانتصارعلى اسرائيل من زاوية النضال ، والكفاح الشعبي الملتزم بأهداف التحرير ، والاستقلال ، والتقدم ، ومن زاوية التخلص من عائلات نصبها الاستعمار في بلداننا لتحكم ، وتتحكم ، وترتبط ” ثمنا للتنصيب ” ، بالمشروع الصهيوني جهلا منها بما خططته الحركة الصهيونية ضد العرب بما فيهم تلك العائلات المكللة بالعار والهزيمة الداخلية ، أو لأنها تظن أن الصهاينة سيقبلون بهم شركاء في ثروات بلادنا ومال الامة العربية ، وعلى ضوء ما عزفت به الساحات الاعلامية المبرمجة ، والموجهة لتثبيط الارادة العربية ، وتدمير الروح المعنوية العربية ، ونشر ” هزيمة العائلات الحاكمة الداخلية ” ، لتصبح هزيمة داخلية للشعب بأسره رأينا ضرورة الابحار أبعد قليلا في الأسس التي بنيت عليها قناعاتنا بأن الانتصار على اسرائيل ممكن .
نحن ننطلق في كتابتنا حول هذا الموضوع من متابعة دقيقة – قدر الامكان – وذلك على ضوء وضعنا المحاصر ليس من العدو فقط بل من كل أجهزة السلطة ووزاراتها ورئاستها ، وهذا الحصار لايؤثر على معنوياتنا ، أو ارادتنا ، أو توجهنا ، أو موقفنا انما يؤثر على القدرات العملية لتتبع أدق ، وأكثر عمقا ، وقدرة على استخلاص الدروس ، وصياغة الخلاصات في برنامج عمل يضمن الانتصار ان نفذ بيد مدربين ، وأشرف عليه من قبل رجال يتقنون العمل ويعرفون معنى الوقت ، ومعنى الجهد ، ورجال يمتلكون الذكاء القادر على الانتصار على جيش العدو ، ولاشك أن خبث العدو ذكي لكنه لايستطيع الانفكاك من نقطة ضعف قاتلة ان عرفنا كيف نتحكم بها .
نقول من تتبعات ينشرها العدو ، واخرى يسربها تحت عنوان ” سرية لكن سربت ” ، أو تحت يافطة صرح بها ضابط اسرائيلي رفض الاقصاح عن اسمه ، أو ما يصرح به رؤساء أركان سابقون من باب وجهات نظرهم النقدية حول خطط نتنياهو ، أو مدى استعداد الجيش الاسرائيلي للحرب ” الجهوزية ” ، وعما اذا كان الجيش الاسرائيلي قادرا على الانتصار في حرب قادمة أم لا !! ، مواضيع عديدة عامة وخاصة بعضها يتعلق بالجنود ، وبالكورونا وبالأسلحة الجديدة ، وبالاختراعات الاسرائيلية !! ، وعن الأسلحة السرية ، وعما تسلمته اسرائيل من أسلحة وذخائر متقدمة بعد موافقة الادارة على بيع ف 35 للامارات ( رغم أن ف 35 للامارات سوف تصدر من مصانع تجميعها في اسرائيل !! ) ، ومن يدري أي قطعة استبدلت بقطعة اخرى تجعل من ف 35 غير قادرة الا على ضرب الشعب العربي في اليمن وحماس في غزة .
نأمل أن يدب في شرايين اعلاميينا دم جديد ، وحيوية قادرة على التصدي لخبث العدو بالذكاء وليس بالتذكر ، أو استحضار الماضي ، أرجو ألا أكون جارحا لأحد ، لكن قصدي أن أفيد القوم المؤمنين ، وأعزز الثقة لدى المواطنين ، ولا أستخدم الشعر سلاحا ، ولا أستعين بجوليا الا عندما يجب ، وليس كبديل ….. جوليا مثال حي انها رائعة الغناء يخرج الهتاف الذي تغنيه من قلبها ، لكن للهتاف دور لا علاقة له الا بالمعركة عندما تحتدم، أو كي تحتدم لكن ذلك ليس بديلا عن قول الحقيقة ، وعدم الانزلاق نحو كمائن اعلام العدو كافة المراسلين الاسرائيليين الذين يطلون على المشاهد العربي ، هم موظفون لدى أحد الاجهزة اما “أمان”، أو “الشين بيت”، أو “الموساد”، ويتلقى هؤلاء تعليماتهم حول ما يقولون ، وما لا يقولون ويتدربون على الخطط الاعلامية ، أو ” الاعلام الحربي ” ، لدى هذه المؤسسات الاجرامية .
الجوهر
عندما نتحدث عن المواجهة مع العدو نؤكد أن قرارنا، هو المواجهة ، وقناعتنا أن التغيير ودحر الاحتلال ( وان كان تدريجيا ) ، لايمكن أن يأتي ، وأن يحصل الا بالمواجهة ، وليس التوجه غير المستند لميزان قوى يتيح لمعسكرنا تحقيق أهدافه، وعندما نتحدث عن المواجهة يجب أن نعلم أن للمواجهة عدة مستويات متصلة ، ومتواصلة ، فالمواجهة تتم على كافة الجبهات : الاعلامية ، والسياسية ، والاقتصادية ، والأمنية ، والعسكرية، ولكل معركة مواجهة قوانينها، وقواعدها الخاصة بها، وذلك من زاويتنا نحن ، أي محور المقاومة ، ففي ميزان الاعلام لايمكن أن يكون مخطط المقاومة من دور النشر، والمحطات التلفزيونية والاذاعات، والصحف مالدى العدو (فوكس نيوز، ونيويورك تايمز، وواشنطن تايمز ، وMBC ، وBBC ، و CBS ، وABC ، وغيرها ) ، فهذا مستحيل على المدى المنظور ، وربما غير المنظور (والمأساة تكمن ليس فقط بامتلاك العدو لكل هذه المنابر، بل بكون هذه المنابر أصبحت مصادر موثوقة لدى اعلاميي محور المقاومة ، ومن يناصرها من أجهزة ) ، ونحن نراقب بدقة كيف يتسلح اعلاميونا بخبر، أو تحليل، أو رواية تنشرها نيويورك تايمز، ويشتم منها رائحة فضيحة معينة للعدو سواء كان هذا العدو ترامب، أو نتنياهو ، أو اسرائيل ، أو الصهاينة ….. ومن عادة هذه المنابر أن تجر كل أجهزة الاعلام العربية اليها لتوقعها في قصة اخرى “كاذبة”، ولكن يحسبها اعلاميونا من غير الضليعين صحيحة!!!
كيف ننتصر على اعلامهم؟
ببساطة ننتصر على اعلامهم باستخدام منابرهم ، التي لاقدرة لنا على ضعف مثيل لها خلال مرحلة المواجهة ، وكيف نستخدم منابرهم ؟
نستخدم منابرهم عندما نملك من القدرة ( كما فعل السابقون ) ، على اكراه هذه المنابر على نشر خبر موثق لايمكنهم معه تجاهله ، أو عدم نشره ، وخلال فترة وجيزة يكتسب مصدر الخبر الصحيح ، والموثق موقع الذي لا يمكن تجاهله ، اضطرت نيويورك تايمز عندما اختارت أفضل عشرين مقالا نشرت على صفحاتها خلال ربع قرن أن يكون مقال المرحوم ادوارد سعيد أحدهم ، وكان مقالا مركزا حول حقوق الشعب الفلسطيني ، ومقال بسام ابو شريف حول عدم رغبة الادارة الاميركية باقامة سلام عادل في الشرق الأوسط ، ومما قاله الأب الروحي للاعلام الاميركي المتصهين ” هوفمان ” ، لتلاميذه ومدير الأقاليم في هيئة انتر نيوز المكلفة بالسيطرة على الاعلام في العالم : ( اننا نهجن ، ونسيطر على العالم من خلال سيطرتنا على الاعلام ، لقد وضعنا سقفا لايمكن لأي دولة ، أو وكالة أن تخترقه ، لكن عليكم أن تعلموا أن حواسيبنا ، وأجهزتنا ، وأقمارنا التي تقوم بأعقد المهمات لايمكنها أن تمنع حصول ماهو غير متوقع ، فقد يبرز من العالم الثالث شخص يمتلك ذكاء حادا ، ويمتلك القدرة على الالتزام بالحقيقة موثقة ، ويقوم باختراق سقفنا بهذه الوسيلة اذا حصل ستقع أجهزتنا وسيتربع ، هو على عرش الاعلام فترة طويلة من خلالنا ، ومن خلال منابرنا ، هذه هي نقطة قوتنا ، ونقطة ضعفنا ، وهذا الميدان مفتوح ، وأبوابه مشرعة في حالتنا ووضعنا ، ففي كل ساحة مواجهة أخبار ، وقصص ، وجرائم ، وتوحش ، وعنصرية ، وهي ميادين مفتوحة كي تنصب فيها كمائن بسيطة ، ولكن ذكية والوسائل بسيطة تلفون – موبايل أو كاميرا فيديو أو مسجل ) .
يجلس مراسلونا وصحفيونا ليقرأوا أخبارا بثتها رويترز ، والوكالة الفرنسية ، أو يتلقون اتصالا هاتفيا من موقع يعمل فيه صحفي بأجر على كل خبر …. ثم ينقل ذلك لقناته ، أو موقعه !!
عسكريا
لا يمكن لأي عاقل أن يوازن بين ما تمتلكه ” اسرائيل من أسلحة تقليدية ، وغير تقليدية وصواريخ ، ومنظومات دفاع ، ورادارات ، وقنابل نووية و…. و ” ، بما يمتلكه محور المقاومة ، فالميزان يميل لصالح اسرائيل ، وهي تتمتع بالتفوق على كل دول المنطقة ، وربما على تركيا واوروبا أيضا ، ولا شك أن هذا يجعل من ميزان القوى مختلا اضافة الى ماتقوم به العائلة السعودية ، ودول الخليج المطبعة ” وربما البرهان واثيوبيا ” ، ناهيك عن اتفاقيات الدفاع المشترك التي تربط واشنطن بتل ابيب ، ودول اوروبا بتل ابيب اضافة للدعم الصامت الخطير الذي تقوده المانيا ميركل لتل ابيب خاصة في الغواصات النووية ، والمدمرات الحديثة التي تسلمتها اسرائيل هذا الأسبوع في ميناء حيفا كل هذا وما سنقوله حول التفوق العسكري وتسجيل الانتصارات ليس بدعة مستمد من التجربة الخاصة والتجربة العامة ، ومن الدروس التي استخلصتها البشرية من ثورات الشعوب على الظلم والظالمين والمحتلين ، وتبرز هنا تجارب ، ودروس ثورة شعب اليمن في الجنوب ضد الاحتلال البريطاني ، وثورة شعب الجزائر ضد الاستيطان والاحتلال الفرنسي ، وثورة شعب جنوب افريقيا ضد الأبارتايد وثورة شعب أفغانستان ، وشعب فيتنام ، وتبقى ثورة الصين والهند ماثلتان في الذهن حالتان تختلف في كثير من الخصوصيات ، ولكن تتوافق مع ثورات الشعوب في المبدأ والدوافع والأهداف ، ففي حالتنا معسكر الامة العربية مقطع الأوصال ، وبعيد عن الوحدة ، وهذا المعسكر تحكم أجزاء منه أسر عينها الاستعمار لتكون موظفة لديه لتسهيل نهب ثروات الامة ، واستهداف خيراتها وأبنائها ، والآن كشفت هذه الأنظمة ” العائلات ” ، عن ما كانت تحاول اخفاءه وتحولت هي ، وحولت ثروات الامة لصالح معسكر أعداء الامة ، وأصبحت جزء لايتجزأ من معسكر الأعداء أعداء شعوبهم ، وأعداء قضية شعبنا ” فلسطين ” ، اتضح المعسكر المعادي و مكوناته ، وأصبح ميزان القوى يميل أكثر لصالح الأعداء ، ووضعنا ضعيف من هذه الزاوية لكنه الأقوى من الزوايا الأخلاقية ، والسياسية ، والمبدأية ، ويبقى أن نعمل بشكل دؤوب لتحقيق أهداف عبر مسارات متوازية : –
1- اقامة أوثق الصلات مع شعوب دولنا العربية ، وحركاتها السياسية المواجهة لتحالف الأعداء ، والمتصدية لمخططاته ، ذلك أن انتفاضة الشعوب على أنظمتها الخاضعة للعدو والتي حولت دولها الى حليف لمن اغتصب الأرض ، وهجر الشعب الفلسطيني ، ويستمر في ارتكاب الجرائم ضده ، والبطش بأطفاله ، فكيف نواجه السلاح المتفوق ، والخطط التوسعية والتحالفات الواسعة ؟؟
2 ـ الانتفاضة الشعبية ، هي خط من الخطوط الهامة والرئيسية ، لكنه لايكفي … لابد من التصدي للارهاب الدموي بعنف ثوري ، وما ينطبق على ميدان الاعلام ينطبق على هذا الميدان الهام والذي سينتج عنه تفاعلات متتابعة تهشم معسكر العدو كشعلة نار دبت في شريط سريع الاحتراق ، لابد من استخدام الذكاء ، والمعرفة ، والخطط البسيطة غير المتوقعة من العدو .
لن يختلف اثنان على أن جل اهتمام المؤسسة العسكرية الاسرائيلية ، والسياسية ، والحزبيين منهم ينصب على ترسانة حزب الله ، وترسانة حماس ، وترسانة الحشد الشعبي ، وترسانة أنصار الله ، وبطبيعة الحال مثل كل هؤلاء ترسانة ايران ، والمبالغة الاسرائيلية في هذه التكهنات ، هي البرهان الأكيد على دقة المعلومات التي لاتملكها اسرائيل ، لكنها في الوقت ذاته معلومات لاتشكل اذا غابت عنهم تغييرا في ميزان القوى ، فاسرائيل وصلت الى حدود استخدام الذكاء الاصطناعي في اغتيال القيادات انهم يحاولون خداعنا بالتركيز على الأسلحة المتوفرة لدى كل الأطراف ، وحشر المعركة في اطارهذه الأسلحة التي تضمن لاسرائيل تفوقها من خلالها .
3 ـ علينا أن نخرج عما يحاولون حشرنا فيه دون أن نهمل ، أو نتنازل عنه ، علينا أن نستخدم معرفتنا ، وعلمنا ، وذكاءنا لتوجيه سهامنا الى حيث المفاصل الضعيفة للآلة التدميرية الضخمة فالآلة ، والحاسوب ، والقبة سواء حديدية كانت ، أم غيرها …. كلها أدوات بيد الانسان حتى الذكاء الاصطناعي يشكل أداة من أدوات البشر ، واستهداف العدو للشهيد عماد مغنية والمهندس ، والشهيد الفريق قاسم سليماني كان في مجمله محاولة تحطيم استخدام الذكاء والمعرفة ، والقدرة على الحركة بشكل بسيط لضرب مفاصل الضعف لدى الآلة القوية والمعقدة .
ما نحتاجه ، هو ذكاء ، ومعرفة ، وحركة كتلك التي امتلكها ثائر حماد ابن سلواد ، الذي لم ينتم لتنظيم ، بل امتلك الذكاء ، وخطط ونفذ ، وأعدم جنديا صهيونيا ، وجرح ثمانية ، ولاحقته اسرائيل مدة عامين ، وألقت القبض عليه … شاب يحمل بندقية عمرها عمر الحرب العالمية الثانية تكسرت بين يديه بعد أن أطلق تسع عشرة رصاصة أصابت جميعها أهدافها ، أي عشرين جنديا قتل منهم 12 ، وجرح ثمانية ، لقد هزت هذه العملية الكيان الصهيوني وجيشه فتصوروا لو أن هذا النموذج عمم ، وصارت المواجهة تحركا شعبيا وتمدد القناصون .
بلالين غزة … ذكاء وفطنة ، لماذا لاتنتشر في الضفة ؟؟
الطائرات الورقية ، ولائحة طويلة من الوسائل ، التي تبدأ بالحجر والمنجنيق ….. الى القوس والنشاب ….. الى الدبابير…. الى الفئران … الخ .
نحن أقوى اذا استخدمنا عقولنا ، وأتقنا ماندرب أنفسنا عليه …. ليكن نموذج ثائر حماد هو النموذج من حيث الاختراق ، لقد اعتقل ثائر في بداية شهر اكتوبر من العام 2004 ، بعد أن طورد سنتين كاملتين ، وحكم عليه بالسجن 11 مؤبد … لكل جندي مؤبد ، لكن تأثير عملية كهذه كان كتأثير خسارة حرب ، فقد اهتزت معنويات الحكومة الاسرائيلية ، والجيش .
ولو كان الأمر مرتبا ، ومخططا لتوالت النيران في ذلك الشريط سريع الالتهاب …. وأترك لخيالكم الباقي .
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً