المحدودية والقدرات ميزان يدل على معادلة الانتصار
قد لانكون أول من يقول هذا الكلام ، لكننا حتما نضع النقاط على حروف المسألة، فنحن المسألة ونحن تعني فلسطين ، وفلسطين ليست مسألة فلسطينية أو عربية فقط ، بل هي مسألة المسائل : هي الميزان الذي يقرر من انتصرومن انهزم ، هي الميزان الذي يقرر وزن الانسان المؤيد للحق والعدل والساعي اليهما مقارنة بوزن المجرم الدموي العنصري ، الذي يبطش بالانسان ويدمر العدالة ، ويحاول أن يمحي من الوجود كل ماهو حق وفضيلة وأخلاق .
أصبح الكلام عن هذه المسألة نوعا من الترداد الذي يفيد بطبيعة الحال من لايعلم ، لكن السؤال حول المسألة للذين يعرفون هو : لماذا يستمر الظلم ولايهزم الظالمون ، وكل يوم يمضي تسيل من دماء الأبرياء على يد الطغاة/ ويسقط الشهداء أطفالا ونساء ورجالا وهم يهتفون للحق والعدالة والحرية وحقوق الانسان ؟
وسوف تستمر المطالبة، ويستمر النداء لكن المسؤولية تقع على عاتق وكتف الذين يقررون ويملكون بيدهم مفاتيح الحركة والتحرك ، حتى هذه الحقيقة لاتعني أن الأبواب مغلقة أمام الخيارات ، والسبل متاحة للذين يصممون ويصرون على استرجاع الحق وانتزاع الحرية والأرض ممن سلبهما .
ولنأخذ الأمر كمسألة حسابية بسيطة ودون تعقيدات ” الكالكولاس “، المعطيات:
1- اسرائيل دولة استيطانية أقامها الاستعمار الغربي الواقع تحت تأثير المال الصهيوني واليهودي بهدف ارضاء اليهود واشراكهم في السيطرة على ثروات ا لمنطقة الطائلة ، ولتكون قاعدة عسكرية أمامية تحمي مصالح اليهود ومصالح الغرب في آن واحد .
2- قامت الدول الاستعمارية والوكالة اليهودية والكيرن كايمت بالتمويل ، ثم قام الغرب بالتسليح واستمر طوال مئة عام بمد الصهاينة بالسلاح ، وحرص على الحفاظ على تفوق اسرائيل بالسلاح نوعيا لتكون قادرة على مواجهة الجيوش العربية كافة من خلال التفوق في نوعية السلاح ، ولابد من الاشارة هنا الى أن اتفاقا جرى التفاهم عليه بين الشرق والغرب يتعلق بتسليح الجيوش العربية الحليفة للشرق ، والاتفاق ينص على عدم كسرالاتفاق بأن يبقى ىسلاح اسرائيل هو المتفوق . وهنا نجد الأجوبة حول أنظمة الدفاع الصاروخي السورية ، فأسلحة الجيش السوري لها من العمرأكثر من أربعين عاما ، وكانت أقل شأنا من أسلحة اسرائيل الهجومية قبل أربعين عاما ، ومازالت الآن أقل قدرا مع تقدم السلاح النوعي الاسرائيلي . حتى جمال عبدالناصر لم يتمكن من اقناع حليفه الشرقي بتزويد مصر بطائرات موازية للطائرات الأميركية التي زودت بها اسرائيل .
3- هجر شعب فلسطين ، وتقوم الآن اسرائيل بابتلاع كل فلسطين ، وتحاول تقسيم وتمزيق الدول العربية المحيطة ، وتحطيم جيوشها لتضمن هيمنة على الشرق الأوسط مع شركائها واشنطن والرياض وأنظمةالخليج الهشة والتي لاتمثل عرب الجزيرة والخليج.
4- ركب على مصر العظيمة وشعبها العربي وجيشها الأبي، نظام باع جزره الاستراتيجية لأنظمة النفط التي قدمت تلك الجزر عربون شراكة لاسرائيل وتهيء لاعطاء عربون آخر لاسرائيل هو سوقطرة وباب المندب.
5- هزمت المشاريع الأولى لتدمير الجيش العربي السوري وتفتيت البلاد، والدعم الروسي العظيم مازال دعما تحده تفاهمات دولية (وان كان التنافس والمواجهة موجودين)، لكن محدودية الدور الروسي تكمن في :- اولا التفاهم العام حول تفوق اسرائيل في نوعية السلاح، وهذا تفاهم يعود لعام 1948.
وثانيا خشية الدخول في حرج كبير اذا ما انقضت اسرائيل على الجيش العربي السوري لوجود روسيا في طرطوس ودمشق وغيرها.
6- الحلفاء على أرض سوريا لهم مواقف متباينة من مواجهة اسرائيل ، والتصدي لاعتداءاتها وهذا نابع من عدم رغبة بعض الحلفاء في وضع اسرائيل بوضوح في خانة الأعداء ، وخانة الارهاب الذي تمارسه اسرائيل ضدالشعب الفلسطيني والشعوب العربية .
هذه هي المعطيات العامة ، ونحن نرى بوضوح أن المسألة لاتجد حلا الا بهزيمة رأس الارهاب ورأس المخطط الامبريالي ورأس المخطط التدميري، أي اسرائيل، وللبعض نقول ان الولايات المتحدة لن تتمكن من أن تحل كليا مكان اسرائيل في حال هزيمتها .
فاسرائيل هي آخرنموذج لمشروع استعماري استيطاني وعلينا تدميره كما دمرسابقا في الهند وفي جنوب افريقيا وفيتنام .
ما هو الطريق الأمثل ، لابل ماهو الطريق الذي يقطع الطريق على المخطط الصهيوني الأميركي ، وهومخطط معلن عنوانه التصدي لايران واخراجها من سوريا ومنعها من الاقتراب من البحر الأبيض المتوسط ، وسد الحدود العراقية السورية لمنع التقارب السوري العراقي ، لقد بدأت الولايات المتحدة واسرائيل وحلفائهما هذه الحرب ، وهي نفس الأهداف التي أطلقت فيها هذه القوى جيوش الارهابيين لتحقيقها بالقتل والبطش والتدمير ، فشلت القوى الارهابية الى حد بعيد لكن استكمال المخطط مستمر :-
1- فقد جمعت الولايات المتحدة أكثر من عشرين الفا من داعش وغيرها ، وضمتهم لما يسمى سوريا الديمقراطية ، وهي قوة عميلة يقودها ضباط اسرائيليون وفرنسيون وأميركيون لتشكل جيشا يدفع الدم تحت غطاء طائرات واشنطن وتل أبيب وباريس ، وذلك للسيطرة على وادي الفرات النفطي ، واغلاق الحدود السورية العراقية ، وكلفت اسرائيل بالاستمرار في استخدام السلاح الأميركي المتفوق اف35 واف16 والصواريخ الموجهة للقيام بتدمير منهجي لكل مواقع الجيش السوري الدفاعية الجوية ، ولقصف مواقع قوات المقاومة ، ولشن حرب (لاحقا في البادية وجنوب سوريا وادلب ) . بمعنى آخر العودة الى نقطة الصفر ، وكأنما تستبدل ماسلمته القوى الارهابية من مناطق استراتيجية في الغوطة بتحضير كمي شامل للقوات السورية ، وقرر ترامب زيادة موازنةشمال غرب سوريا ووقف موازنة شمال شرق سوريا .
وهذا يعني أن مئات الملايين من الدولارات ستدفع لكل من ينضم للموت تحت لواء أمريكا واسرائيل وفرنسا والسعودية في الشمال الشرقي لسوريا وجنوبها ، ولاحقا في ادلب طالما أن الأمر مستفحل ، فمن غير المقبول أن نتصور أن الرد الايراني على مجزرة تي4، وعلى القصف الاسرائيلي قد أنهى المخطط الاسرائيلي، ولايعني أن الرسالة الايرانية قد وصلت لاسرائيل ، فقد قصفت اسرائيل بعدها مطار حماة العسكري، ومطار دير الزور العسكري لتمهيد الطريق للمتسللين من الديمقراطية وداعش مرة اخرى تحت علم فرنسا وامريكا، وقصفت بالدبابات مواقع حساسة للمقاومة في القنيطرة، ولاشك أن روسيا وسوريا تعلمان عن حجم المتسللين من الأراضي الأردنية للأراضي السورية، وعن مئات الملايين من الدولارات التي دفعت لبعض العشائر للانضمام للرهط المعادي ، وعلى الأقل لاعلان الولاء للسعودية (ووضع ضباط معينون أشرفوا على العملية حصصهم جانبا، وبلغت مئة وعشرين مليون دولار).
الحرب تتصاعد ، ولايمكننا أن نستمر في مواجهتها بالصدور العارية وبابتسامة الثقة ، تماما كما خرج الفيتناميون في كفاحهم ضد فرنسا اولا ، وضد الولايات المتحدة ثانيا عن اطارات التفاهم الدولي (كي لا تشتعل حرب عالمية ثالثة)، علينا أن نخرج نحن ايضا، وذلك باتباع تكتيكات الجنرال جياب “زاب ” فيتنام الشمالية كان هدفا للقصف الأعمى الأميركي بقاذفات B52، وتحديدا هايفونغ الميناء الرئيسي الذي كانت تتسلم فيه فيتنام الدعم العسكري الروسي، وهانوي العاصمة ناهيك عن كل المساحات التي تغطي المنطقة بين العاصمة والجنوب أي جنوب فيتنام ( زرت هانوي وهايفنغ خلال تلك الفترة والتقيت بقادة كبار)، الجنرال جياب كان يرى أن انهاك القوات الأميركية لن يأتي بالقدرة على اسقاط B52 “رغم انه يجب المحاولة حسبما قال”، بل من خلال توجيه ضربات موجعة لقواتهم تهز معنوياتهم ، وتجعلهم يعرفون معنى الحرب ضد الشعوب وضد ارادة الشعوب عندما زرته قال: “وضعكم صعب لكنه ليس مستحيلا، لايوجد شيء مستحيل على شعب يناضل لانتزاع الحرية، ستتوسع رقعة المواجهة في بلادكم” قبل عام 1970، ولكن كل فرد من شعبكم يمكن أن يتحول الى مصدر هزيمة للعدو ، المهم توجيه الضربات له في معاقله هذا يربكه، ويبث الرعب في صفوفه ويهزمه داخليا قبل أن يهزمه عسكريا”، العمليات الخاصة المدروسة باحكام والتي تلحق خسائر بصفوف جيش العدوهي التي ستهزم جيش العدو داخليا وعسكريا.
لايمكن لمعسكر المقاومة أن يرفع شعارات يدفع ثمنها دون أن يضع تكتيكات لتنفيذها ، وأهم هذه التكتيكات يتمحور في شن العمليات الخاصة داخل الحصن الاسرائيلي، وهذا مالاتتوقعه مخابرات واستخبارات العدو تماما كما كانت لاتتوقع حرب اكتوبر، انهيار الجبهة الداخلية الاسرائيلية سيسرع في هزيمتها ، ويسرع في نهوض رأي عام عالمي يتذكر معه لورد موين وكونت برنادوت وجون كيندي وباخرة ليبرتي وسرقة اليورانيوم وسرقة زوارق شيربورغ، وكذلك احراق المسجد الأقصى ومجزرة الحرم الابراهيمي ومجزرة دير ياسين وكفر قاسم والسموع وغيرها.