طوفان الأقصى.. من "محرقة" هتلر إلى مجازر نتنياهو (1-2)
الاشراق | متابعة.
على الرغم من تراجع لهجة التأييد الدولي لجرائم الكيان الصهيوني في غزة والضفة الغربية، ما زال البعض في العديد من دول العالم يغضّون النظر عن سياسات التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي ينتهجها هذا الكيان ويعلنها رسمياً على لسان حكام "تل أبيب" الذين يتحدثون عن قتل كل الشعب الفلسطيني جوعاً أو عطشاً أو بالقنابل النووية، بعدما فشلوا في كسر إرادة هذا الشعب العظيم، وعلى الرغم من استمرار الدعم الإمبريالي العالمي بقيادة أميركا بحكامها في الحزبين الديمقراطي والجمهوري لهذا الكيان المجرم.
ومع انتظار الجميع للرد الإيراني على انفراد أو مع حزب الله وأنصار الله والحشد الشعبي العراقي، ومعهم جميعاً سوريا، على الاغتيالات التي نفذها الكيان وما زال مستمراً فيها، يبدو واضحاً أن نتنياهو لا ولن يتراجع عن سياساته هذه ما دام يعتقد أن ترامب وكامالا هاريس بحاجة إلى دعم اللوبيات اليهودية التي غزت الفكر الأميركي وسيطرت عليه وعلى الرأي العام العالمي في ما يتعلق بمجمل القضايا التي تهم قيام الكيان العبري وإحكام سيطرته على المنطقة، وربما ساحات أخرى، بأشكال مختلفة، تارة علنية وتارة أخرى سرية.
وفي مقدمة هذه القضايا التي يستغلها الكيان المذكور ما يسمى بالمحرقة النازية ضد اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. وقد اختار العقل الصهيوني كلمة هولوكست (كلمة من أصل إغريقي تعني الإحراق حتى الموت من أجل الآلهة) لهذه المحرقة بدلاً من "الجنوسايد"، أي التطهير العرقي، ولأن اليهود ليسوا عرقاً، بل هم أتباع دين فقط بمختلف أعراقهم في جميع أنحاء العالم. وأراد الفكر الصهيوني من خلال هذا الوصف أن يقول لليهود إنهم شعب وأمة ذات عقيدة دينية يجب أن تناضل من أجل قضيتها في أرض الميعاد، وهو الجانب الذي أكّد أهميته مؤسس الحركة الصهيونية هرتزل، إذ قال: "لولا العداء للسامية لنسي اليهود هويتهم وذابوا في المجتمعات التي كانوا يعيشون فيها، ومعظمها كانت تكرههم وتحقد عليهم".
وقد استفادت الصهيونية العالمية من هذا العداء، واستغلته بعد استفزازها المعادين للسامية، كما هو الحال مع هتلر، ونجح الصهاينة في جره إلى أبعد الحدود في العداء لليهود، وهو ما ساعد الصهيونية بعد سيطرتها على وسائل الإعلام، ولاحقاً السينما الأميركية ودور النشر العالمية، لفرض أجندتها على الجميع، من دون أن تسمح لأحد حتى بالاعتراض على ادعاءاتها التي قبلها حتى الكثير من الساسة والمفكرين والمثقفين في العالمين العربي والإسلامي كأنها حقيقة مطلقة غير قابلة حتى للنقاش.
ولم يخطر على بال أحد، بل لم يجرؤ أحد منهم على الاعتراض على هذه الادعاءات والمطالبة بالتأكد من صحتها. وقد دفع ذلك حكام الكيان الصهيوني إلى التمادي في إجرامهم بحق الشعب الفلسطيني، وآخر مثال حي على ذلك ما يقوم به هذا الكيان في غزة، وأمام أنظار العالم الذي يتذكر البعض منه "المحرقة" النازية، ولكن لا يريد أن يرى المجازر الصهيونية التي يزداد لهيبها في كل دقيقة وساعة على أرض غزة الطاهرة، وخصوصاً بعدما تجاهل الحكام العرب والمسلمون كل هذه المجازر، ولم يحركوا ساكناً لمنعها بعدما تجاهلتها محكمة العدل الدولية أيضاً تحت الضغوط الأميركية التي أرادت للجميع أن لا يروا هذه المجازر التي اكتسبت طابع التطهير العرقي والإبادة الجماعية بحق 2.3 مليون فلسطيني في غزة وأمام أنظار العالم أجمع.
ويعرف الجميع أن هدفها النهائي هو إبادة الشعب الفلسطيني برمته حتى يتسنى للفكر الصهيوني تحقيق أهدافه في تحويل فلسطين وجوارها إلى أرض الميعاد، وهو ما سوقت له الصهيونية العالمية بأكاذيبها عن المعتقلات النازية وما يسمى بالمحرقة خلال الحرب العالمية الثانية.
ولهذا، أردت أن أذكر البعض بحقيقة هذه المعتقلات، وبشكل خاص ما يسمى "بالمحرقة النازية" بحق اليهود، وهو ما تحدثت عنه بإسهاب في كتابي الذي صدر أواخر 2020 باللغة التركية بعنوان "فلسطين لي أنا"، والذي استنفرت اللوبيات اليهودية في تركيا كل إمكاناتها لمنع توزيعه وبيعه.
التطهير العرقي الذي يقال إنه استهدف اليهود ليس صحيحاً، لأن النازيين قتلوا مئات الآلاف من الغجر والسلاف والبولنديين والألمان من اليساريين والشيوعيين وذوي العاهات المختلفة.
وهنا بعض الكتب التي تحدثت عن الموضوع بإسهاب.
1- الباحث والكاتب الأميركي فريد لوهتر Fred A.Leuchter، وفي كتابه الذي تناول معتقل أوشفيتس، قال: "إن الحد الأقصى لضحايا المعتقلات النازية خلال الحرب العالمية الثانية هو 775 ألفاً، والحديث عن أفران الغاز التي قيل إنها لإحراق جثث اليهود لا أساس له من الصحة، إذ أثبتت الدراسات وجود المستشفيات ومراكز الحجر الصحي في المعتقلات".
2- الكاتب الأميركي اليهودي نورمان فينكالشتاين Norman Finkelstein الذي كان والداه في المعتقلات النازية، وصف الحديث عن المحرقة النازية والدعاية لها "بأنها من صنع الصهيونية العالمية كي تساهم في قيام الدولة اليهودية في فلسطين"، وقال: "لقد كان يهود ألمانيا دائماً في وضع اقتصادي ومالي جيد جداً مقارنة بالألمان، إذ كانوا يسيطرون على قطاع البنوك والصيرفة والسمسرة، إضافة إلى جهاز القضاء. وكان هدف الصهيونية دائماً هو نقل اليهود من ألمانيا إلى فلسطين ليشكلوا الأغلبية هناك، ولكن لم يكن الأمر بهذه السهولة، لأن اليهود الذين كانوا يعيشون في رخاء في ألمانيا لم يكونوا متشجعين على السفر إلى الصحراء الفلسطينية، وكان من الضروري إيجاد مبرر ما لإجبارهم على الهجرة، وكان هذا المبرر هو هتلر".
3- الصحافي الصهيوني أميل لودويغ Emil Ludwig الذي اعتبر عداء هتلر لليهود مهماً جداً، قال: "باسم الصهيونية العالمية، أعبر عن شكري وامتناني لهتلر، وأنا على ثقة تامة بأنه سيأتي اليوم الذي سيجد فيه بنو إسرائيل أنفسهم مضطرين إلى نصب تمثال عظيم لهتلر".
4- للفترة 1933-1939، وتحت ضغوط وترهيب الصهيونية واستفزازاتها لهتلر، هاجر 50 ألف يهودي ألماني إلى فلسطين، وحملوا معهم نحو 60 مليون جنيه إسترليني، واشتروا بها الأراضي، وأقاموا فيها المستوطنات الزراعية، وبنوا المصانع والمدارس، في الوقت الذي قام ضباط نازيون بتدريب وتسليح عناصر منظمة هاغانا الإرهابية. ومع كل ذلك، لم يكن هذا الرقم كافياً بالنسبة إلى المنظمات والمجموعات الصهيونية التي طلبت من الرئيس الأميركي روزفلت إصدار قانون يمنع دخول اليهود إلى أميركا، حتى يضطروا إلى السفر إلى فلسطين، كما بدأت بالترويج للعداء النازي ضد اليهود، بما في ذلك المعتقلات وأفران الغاز والصابون اليهودي وغيره من هذه الأكاذيب التي حقّقت أهدافها.
5- هتلر في كتابه " كفاحي" الذي كتبه للفترة 1924-1926، كان يقول: "لقد أنزل اليهود ضربة قاصمة بالبنية الاقتصادية الألمانية. وبسببهم خسرت ألمانيا الحرب العالمية الأولى، لأن معظم مصانع الأسلحة كان أصحابها يهوداً، وكذلك هو الحال بالنسبة إلى العاملين فيها الذين أضربوا عن العمل أكثر من مرة، ومن دون أي مبرر، وذلك لتأخير تسليم الأسلحة للجيش الألماني".
ولم يمنع ذلك العائلات اليهودية الثرية، وفي مقدمتها روتشيلد، من دعم هتلر للاستفادة من شعوره العدائي لليهود. وقد دفع ذلك العديد من الشركات التي يملكها اليهود في ألمانيا، ومنها ثيسان وكروب وكيردوف وتلك التي تملكها عائلة روتشيلد وروكفيلار في أميركا، ومنها جنرال موتورز ودوبونت وفورد وستاندرد آويل، لتقديم كل أنواع الدعم لهتلر، في الوقت الذي كان اليهودي الصهيوني ماكس فاربورغ، وهو مصرفي شهير، يقوم بتمويل كل مشاريع ومخططات هتلر، وبشكل خاص أنشطة حزبه الإعلامية ضد اليهود، مع التذكير أن شقيق ماكس، واسمه بول فاربورغ، هو الذي أسس البنك الفيدرالي الأميركي.
لا تتبنى الإشراق بالضرورة الآراء والتوصيفات المذكورة