قبل 3 شهور
حسني محلي
69 قراءة

المصالحة التركية السورية... العودة إلى نقطة الصفر

في الوقت الذي تتوقع المعلومات الصحافية لزعيم حزب المستقبل ورئيس الوزراء السابق أحمد داوود أوغلو العودة إلى حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي انشق عنه نهاية 2016، فوجئ الجميع اليوم بتصريحات وزير الدفاع يشار جولار، التي اعتبرتها الأوساط الدبلوماسية مؤشراً جديداً للعودة إلى نقطة الصفر في الحوار التركي السوري. 

وقال الوزير جولار: "إن تركيا قد تبحث قضية الانسحاب من سوريا بعد اعتماد الدستور الجديد وإجراء الانتخابات وضمان أمن الحدود بين البلدين. وبعدها، قد تبدأ عملية التطبيع بين البلدين بلقاءات جديدة على مستوى الوزراء".

كلام الوزير جولار جاء بعد أيام من لقاء وزير الخارجية هاكان فيدان ما يسمى رئيس الائتلاف الوطني السوري هادي البحرة ورئيس هيئة التفاوض بدر جاموس ورئيس ما يسمى الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، وهو ما تم بعد يوم من أقوال السيد حسن نصر الله الذي اتهم المعارضة السورية "بالعمالة لإسرائيل وأميركا".

أقوال الوزير جولار واحتمالات عودة داوود أوغلو الذي حمَّل قبل أيام "الرئيس الأسد مسؤولية الحرب في سوريا" أعادت إلى الأذهان تسريبات التسجيل الصوتي من مكتب داوود أوغلو عندما كان وزيراً للخارجية في 25 ديسمبر/كانون الأول 1013. 

وكان في المكتب آنذاك الوزير داوود أوغلو ونائب رئيس الأركان يشار جولار ورئيس المخابرات هاكان فيدان ووكيل وزارة الخارجية فريدون سينيرلي أوغلو الذي عمل قبل ذلك سفيراً لتركيا في "تل أبيب". وكان محور النقاش في هذا الاجتماع هو اختلاق الحجج لاجتياح سوريا واحتلالها من قبل الجيش التركي بعد تقديم الدعم العسكري لفصائل المعارضة السوري بمختلف أطيافها. 

الوزير جولار، وفي حديثه اليوم، تطرق إلى جملة من قضايا السياسة الخارجية لتركيا، وأكّد أيضاً "التزامات بلاده داخل الحلف الأطلسي"، وقال: "إن ما نسعى إليه هو تقوية علاقات التضامن مع حلفائنا حتى يكون الحلف قوياً وحازماً وجاهزاً لمواجهة كل الاحتمالات".

تصريحات الوزير جولار، وقبله لقاء الوزير فيدان قيادات المعارضة السورية وحديثه عن التزام أنقرة بتعهداتها في دعم هذه المعارضة، جاءت أيضاً مع تجاهل الرئيس إردوغان خلال خطاباته الأخيرة الملف السوري وحديثه عن احتمالات المصالحة مع الرئيس الأسد، وهو ما كان يفعله في كل خطاب منذ 27 حزيران/يونيو الماضي. 

ويرى المراقبون في الموقف التركي رد فعل على تصريحات الرئيس الأسد الذي كرر في 15 تموز/يوليو الماضي شروطه لأي لقاء مرتقب مع الرئيس إردوغان.

وقد قيل إنه سافر إلى موسكو فجأة في 25 تموز/يوليو الماضي ليشرح للرئيس بوتين تفاصيل الموقف السوري تجاه مبادرات الرئيس إردوغان للمصالحة التي اعترضت عليها واشنطن رسمياً على لسان الوزير بلينكن. وربما لهذا السبب سمحت أنقرة يوم 26 تموز لمنسق الملف السوري في الخارجية الأميركية نيكولاس غرانجر بلقاء رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى في مقر الحكومة في مدينة غازي عنتاب جنوب تركيا. 

أوساط المعارضة تقول إن أنقرة تتحجج بالتطورات الإقليمية واحتمالات المواجهات الساخنة بين الكيان الصهيوني وكل من إيران وحزب الله وأنصار الله والحشد الشعبي، ومعها جميعاً سوريا، كخط المواجهة الرئيسي، وتؤجل موضوع المصالحة مع دمشق. 

وتدعو المعارضة، على لسان مسؤولين في حزب الشعب الجمهوري، أنقرة "إلى الاستعجال في مساعي المصالحة والحوار مع دمشق إذا كانت صادقة في مقولاتها ضد نتنياهو وسياساته الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني، وهو ما يتطلب المزيد من التضامن الإقليمي في مواجهة مشاريع ومخططات الكيان الصهيوني الذي لن يتردد في استهداف تركيا أيضاً".

كل ذلك في الوقت الذي يستعد البرلمان التركي لاستضافة محمود عباس كرد فعل على استقبال الكونغرس الأميركي نتنياهو والتصفيق له 54 مرة خلال ساعة.

وكان البرلمان التركي قد استضاف في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2007 الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز الذي تحدث لأول مرة في تاريخ تركيا؛ هذا البرلمان الذي استضاف بعد يوم الرئيس محمود عباس، من دون أن يمنع كل ذلك إردوغان عندما كان رئيساً للوزراء من أن يقول لبيريز خلال ندوة مفتوحة على هامش منتدى دافوس في يناير 2010: "إنكم قتلة مجرمون تتقنون جيداً قتل الفلسطينيين الأبرياء".

وشهدت العلاقات التركية الإسرائيلية بعد ذلك التاريخ العديد من حالات المد والجزر، وانتهت في استقبال الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ في أنقرة في 9 مارس/آذار 2020، وأخيراً لقاء إردوغان ونتنياهو في 20 أيلول/سبتمبر الماضي في نيويورك وقبل أيام من طوفان الأقصى.


لا تتبنى الإشراق بالضرورة الآراء والتوصيفات المذكورة

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP