بومبيو يسافر للمنطقة لهذه الغاية..
عمان، القاهرة، أبوظبي، الدوحة، الرياض، مسقط، والكويت..هذه هي محطات رحلة وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو لمنطقة الخليج الفارسي. هناك العديد من الاهداف المتبعة في هذه الرحلة وفي مقدمتها توحيد صف الدول العربية المتشتتة..
منذ سنتين وابتعد الحلفاء العرب في الخليج الفارسي عن الاتحاد والوفاق الماضي. وقد اتخذت هذه الهوة في بعض الاحيان طابعا عدائيا خطيرا. تسعى الولايات المتحدة في حقبة ترامب من جهة، لاسترجاع الوفاق المفقود بينهم، ولم شملهم المتفرق عبر خلق عدو مشترك باسم "ايران" من جهة اخرى وتعرفهم الى صديق جديد "اسرائيل" كمحور بامكانه توحيد صف العرب من جهة ثالثة، ولكن كل هذه الجهود لم تحقق النتائج المرجوة للولايات المتحدة.
اليوم، وفي وقت قد أعلن فيه ترامب قبل اسبوعين سحب قواته من سوريا، يبدو أن مخاوف بعض دول المنطقة ازدادت وكيان الاحتلال يظهر قلقله اكثر من غيره من خطوة ترامب المفاجئة الاخيرة، بذريعة إنشغاله بمراجعة الموقف الراهن. بالطبع، اللقاء الاخير بين بومبيو ونتنياهو جاء لرفع معنويات هذا الشريك الاستراتيجي للولايات المتحدة، وقد أعلن عن نتائج الزيارة طمأنة "اسرائيل" بمساعدات الولايات المتحدة الاستخبارية بعد سحب القوات الاميركية من المنطقة .
اليوم، يأتي بومبيو الى المنطقة لتحقيق هدفه الاول، وهو معالجة الخلافات بين السعودية والقطر. السعودية أصبحت ضعيفة أكثر من أي وقت مضى وحشرت في الزاوية بسبب فشلها في الحرب على اليمن وفضيحة خاشقجي وفشلها في عزل قطر. قطر أصبحت تهديدا خطيرا للولايات المتحدة باعلانها الخروج من اوبك واستثمارها 20 مليار دولار في الصناعات النفطية الروسية، وتوجهها نحو الخصم الاول للولايات المتحدة في الخليج الفارسي -أي روسيا- .
قام ترامب نوعا ما بتقسيم العمل بين تركيا والسعودية بخروجه من سوريا، زاعما أنه كلف أحدهما بتنفيذ السياسة العسكرية وكلف الاخر بملف اعادة اعمار سوريا من جانبه، لكن التطورات التالية بينت أن تركيا والسعودية لن يتمكنا من تنفيذ المهام المحولة اليهما كما يتوقع.
كتبت "وول استريت جورنال" أخيرا نقلا عن مصادر عسكرية اميركية، أن التكاليف والمطالبات التركية من الولايات المتحدة لانجازها المهام في سوريا تفوق بكثير من الميزانية التي تكلف الولايات المتحدة نفسها للبقاء في سوريا. هذا ولم تبدي الحكومة السورية استعدادها للتواجد السعودي في سوريا لاعادة اعمار سوريا. على هذا الأساس، يبدو أن تقسيم العمل لدول الخليج الفارسي التي تسعى في الوقت الراهن للحضور في سوريا وتتنافس بشدة لاعادة العلاقات مع دمشق، يكون من الاهداف غير المعلنة لجولة بومبيو في المنطقة.
يبدو أن بومبيو يسعى في جولته لتفهيم الدول العربية في المنطقة أن لا يحملوا خروج اميركا من سوريا على محمل الجد، وسيشير الى ارجاء خروج القوات الاميركية من سوريا، والاعلان مجددا عن دعم الاكراد في سوريا لطمأنتهم في هذا المجال. اضافة الى ذلك سيتحدث عن خارطة طريق في اطار محور الرقابة الاميركية في المنطقة – في حال خروجها من سوريا - وليس بعيدا حسم المطالبة بتكاليف البقاء في المنطقة والتملص عن الخروج من سوريا في هذه الجولة.
وفي النهاية، كل هذه الاهداف ستطرح وتتابع تحت حافز واحد وهو حسم مشروع ترامب المتروك ما يسمى بـ" صفقة ترامب" في القضية الفلسطينية وفرضه على العرب في منطقة الخليج الفارسي. المشروع الذي حالت تحديات خطيرة دون تحقيقه، انقضاء الوقت عليه من جهة وتشديد الصراع الفلسطيني والدول المدافعة عن القضية الفلسطينية من جهة اخرى.