هل ستنجح امريكا في ايجاد شرخ بين سوريا وايران؟
بعض المصادر الامريكية تحدثت يوم امس عن رزمة اقتراحات امريكية ستُسلَّم للمبعوث الدولي الى سوريا "ستيفان ديمستورا" تحتوي على مراهنة دعم امريكا لحكومة بشار الأسد مقابل قطع علاقاته مع ايران، اضافة الى شروط اخرى أهمها إدخال تعديلات على الدستور لتقليل خيارات رئيس الجمهورية ونقلها لرئيس الوزراء، وازالة كافة اسلحة الدمار الشامل، وايجاد تعديلات في الأجهزة الامنية وبالتالي اقامة انتخابات تحت اشراف الامم المتحدة.
رزمة الاقتراحات الامريكية "الجديدة" هذه تحتاج للوقوف والتأمل فی النقاط التالية.
اولا- مايثير الإنتباه في الرزمة الامريكية الجديدة عدم وجود أي شيئ جديد فيها. وقد يكون التوقيت الذي تطرح فيه واشنطن مثل هذه الرزمة من الاقتراحات، هو اهم من محتوياتها خاصة وان سوريا على اعتاب إستعادة ما فقدته من سيادتها على بعض اجزاء ارضها التي احتلتها الجماعات الارهابية، وبالتالي تعود سوريا "مستقلة" كما كانت قبل فرض الحرب الإرهابية عليها، وهذا ما يزعج امريكا وساستها، اضف الى ذلك ستعود سوريا المستقلة الى محور المقاومة وهي الدولة المتاخمة لفلسطين المحتلة وهذا ما لاتتحمله واشنطن. ومن هنا يسعى سماسرة البيت الأبيض فصل سوريا عن خط المقاومة من جهة، ومن جهة اخرى، عسى ان تتمكن واشنطن ومن خلال القيود المغلفة بإقتراح رزمتها، من تقييد دمشق أكثر من ذي قبل لينعم ربيبها المدلل "الكيان الاسرائيلي" بالأمان ويتنفس الصعداء حتى ولو لفترة قصيرة.
النقطة الثانية الملفتة للنظر في هذه الرزمة، هي الشروط المذكورة فيها فهي لم تكن جديدة خاصة وان مزاعم امتلاك الحكومة السورية للاسلحة الكيمياوية قضية أكل الدهر عليها وشرب وان سوريا بالرغم من اتهامها باستخدام الاسلحة الكيمياوية ضد الجماعات الارهابية عدة مرات في دوما وخان شيخون في اطار سيناريوهات مفتعلة إلا أنها، وبشهادة وتوثيق اممي تخلصت من كل الغازات السامة التي كانت لديها قبل بدء العدوان الارهابي عليها، ولكن الغرب وفي المقدمة امريكا واجهتها بأشد الهجمات العسكرية التدميرية. اما فيما يخص انتقاص الدستور السوري من قبل امريكا، فإن ما تعنيه واشنطن من ذلك هو التأكيد على إبقاء آلاف الارهابيين غير السوريين الداخلين على سوريا، على أرضها ليتخلص الغرب من أفكارهم الارهابية المتحجرة، وهي التي سلحتهم وأدخلتهم الى سوريا، ليتم فرضهم على سوريا كمواطنين، الأمر الذي مما لاشك فيه سيبعث التساؤل لدى الشعب السوري، "إن كانت الحكومة تقبل بأن هؤلاء المسلحين هم مواطنون سوريون، فلماذا قاومتهم لأكثر من سبع سنوات ولم تقبلهم منذ اليوم الاول كمواطنين؟!!!
أما النقطة الثالثة والاخيرة التي تلفت الانتباه في رزمة الاقتراحات الامريكية هذه، هي أنها جاءت في وقت تبدو فيه واشنطن انها نفسها صدقت بتهديداتها للحكومة السورية بعدم بدء معركة ادلب، خاصة وان ما طفح في الاعلام من خلاف روسي تركي في توقيت بدء العمليات العسكرية على ادلب، أنه جاء نتيجة التهديدات الاميركية!! وفي مثل هذه الظروف عسى ان تتمكن ومن خلال الضغط على سوريا فصلها عن ايران، الامر الذي قد يؤدي الى تفكيك تحالف الدول الاربعة، وهذا ما لم تحققه امريكا خلال سبع سنوات من الحرب على سوريا، فكيف يمكن ان تحققه وسوريا على أعتاب التخلص من الحرب الارهابية المفروضة عليها؟!!!
ولكن حقيقة تأجيل البدء بعملية تحرير ادلب، وبالرغم تأكيد الحديث عن قربها، انها تبقى واقعا مريرا لم يأت نتيجة تهديدات الغرب والامريكان إزاء بدئها، بل انه نتيجة مساع تقوم بها سوريا وحليفاتها للحد من وقوع أدنى خسائر بين الابرياء والمدنيين، كما اكد ذلك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره التركي في الأيام الاخيرة.
فقد اكد لافروف ان الاطراف المعنية بمعركة ادلب منهمكة في ايجاد معابر آمنة للأبرياء كي لاتتكرر الجرائم التي ارتكبتها امريكا في الرقة، الأمر الذي دفع اوغلو ليشد على يد لافروف ويقول سنقدم كافة المعونات للحرب على الإرهابيين في ادلب. وكل هذه المواقف تؤكد أن استراتيجية حلفاء سوريا لم ولن تتغير، وان التنسيقات للتدقيق في التقنيات اللازمة هي التي تقف وراء عملية التأجيل، كما هو الحال في التنسيقات الأيرانية السورية، والتركية الروسية.