التحليل النفسي لديكتاتور باسم "ابن سلمان"
رغم ان الحصول على معلومات تساعد في دراسة شخصية ونفسية الديكتاتوريين امر صعب في غالبية الاحيان الا انه وفي الوقت الراهن وبفضل وسائل الاعلام لا يعاني خبراء علم النفس الكثير في هذا المجال . ابن سلمان هو من جملة المستبدين الذين يفتح سجله الاسود ملفات عدة امام خبراء علم النفس لدراستها.
حرب اليمن، قتل خاشقجي، الاصلاحات الصورية (او ما باتت تعرف بالاصلاحات المنشارية)، اقصاء المعارضين عبر السجن والتعذيب والقتل، هوس شراء الاسلحة و.. هي غيض من فيض المعلومات المتاحة امام خبراء علم النفس لدراسة شخصية هتلر الحديث وصدام العصر وجنكيز خان قرن الحادي والعشرين .
يمكن دراسة شخصية ابن سلمان وفق اسس علم النفس من عدة جهات منها جنون الارتياب، اضطراب القلق الاجتماعي، النرجسية، السادية و.. طبعا هناك مؤشرات كثيرة تثبت ابتلاء ابن سلمان بهذه الانحرافات الشخصية.
فيما يخص جنون الارتياب، يشير خبراء علم النفس الى ارتياب وسوء ظن المستبد حيال اقرب المقربين منه. في ضوء هذه النظرية فان الديكتاتور لا يطيق سماع اي صوت منتقد او معارض ويصنف هذه الاصوات في خانة الاعداء الذين يجب تصفيتهم وقتلهم. اعتقال عدد كبير من الامراء السعوديين وحبسهم منذ اكثر من عام يمكن فهمها وفق هذه النظرية . يشار الى ان اطلاق سراح بعض المعتقلين في فندق ريتز كارلتون لم يأت الا بعد ان تأكد الديكتاتور بان المطلق سراحهم لم يعودوا يشكلوا اي خطر لصعوده سلم الحكم. اما مصير الذين لازالوا يقبعون في السجن فهو رهن بالفترة التي ستستغرق لكي يستعيد الديكتاتور ثقته بهم.
فيما يخص السمة الثانية فيرى خبراء علم النفس ان الشخص المستبد يتهرب من التواجد في الاجتماعات والسبب في ذلك يعود الى خوفه من الرد على التساؤلات التي تثار بشان سياساته وقراراته . رغم انه تم نشر بعض الصور لتواجد ومشاركة ابن سلمان في بعض الاجتماعات الانتقائية في نيوم والقصيم و.. في اطار مشاهد تمثيلية مثل تفقد جرحى حرب اليمن او شرب القهوة مع عجوز و.. الا ان وسائل الاعلام ترى بان هذه المسرحيات تاتي لتلميع صورة الديكتاتور وتقديمه على انه شخصية شعبوية وان مفعول هذه التمثيليات سينتهي بمجرد وصول الديكتاتور الى سدة الحكم . المستبدون لديهم رهاب من الحضور في الاجتماع.
النرجسية هي السمة الثالثة التي يتصف بها المستبدون وابن سلمان لا يخرج عن هذه القاعدة . في الواقع ان الديكتاتور يرى نفسه محور الجميع ويتوق الى سماع كلمات الاطراء والاشادة على الدوام . انه يعتبر نفسه خبيرا في جميع المجالات انطلاقا من العلوم وحتى التنظير والتنفيذ ويعتبر وجهات نظره بانها الاصوب من بين الجميع . لو غضينا الطرف عن ارائه السخيفة بشان المذاهب الدينية الاخرى ومنها الشيعة، فاننا نرى بان الشخص الوحيد الذي لا يشك في الاصلاحات التي اعلن عنها ووصفها غالبية الموافقين والمعارضين بانه صورية وغير مجدية، هو ابن سلمان نفسه .
شخصية الديكتاتور على صعيد الثقة بالذات ممزوجة بضرب من الوهم تجعله لا يطيق اي نصح او ارشادات اصلاحية وخير دليل على ذلك جريمة تصفية المعارض السعودي جمال خاشقجي صديق البلاط السابق والمعارض اللاحق لاصلاحات ابن سلمان .
وبشان سادية الديكتاتور الغر يكفينا الاشارة الى الحرب التي فرضها منذ اكثر من اربع سنوات على الشعب اليمني والحصار الذي يفرضه على هذا البلد ما نتج عنه المجاعة وانتشار الامراض الوبائية ليزيد من معاناة هذا الشعب الذي يعيش في الفقر المدقع اساسا. وفي هذا الاطار يمكن الاشارة الى اثارة الملفات المعروفة بالخلافات الحدودية مع الجيران بين فترة واخرى وملفات المفكرين وعلماء البلاط الذين يقبعون في السجون السعودية. اولئك الذين لا تتطرق وسائل الاعلام سوى الى خبر مقتضب عن اعتقالهم وفي بعض الاحيان يتم اختصار نبأ اعتقالهم ونهاية حياتهم في خبر واحد .
الكذب، التهرب من الواقع، العيش في الاوهام، الشعور بوجود هوة كبيرة بينه وبين الشعب من الناحية الفكرية والاجتماعية، الثقة بالذات في التعامل مع تداعيات تصفية وقتل المعارضين و.. جميع هذه السمات تجمع بين ابن سلمان وسائر المستبدين الذي سبقوه في التاريخ ، ولكن هل سيكون مصير ابن سلمان كاسلافه ، هذا ما يجب ان ننتظره ونرجعه للمستقبل وحكم التاريخ.