بن سلمان +18 ، هل اغلق ملف خاشقجی ؟
مع اعلان السعودية عن اعتقالها لـ18 شخصا فيما يخص ملف خاشقجي ، حان الوقت لأن تعلن ايضا عن دور ولي العهد محمد بن سلمان في هذه القضية ؟
اخيرا وبعد مضي 18 يوما على اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بتركيا، ارغمت الرياض اخيرا على الاعتراف باصدار امر القتل وتنفيذ الجريمة في قنصليتها باسطنبول . رغم ان جميع من كان يتابع هذا الملف خلال الايام الماضية في داخل السعودية وخارجها، كان يعلم علم اليقين بان المتهم الاول والاخير في هذا الملف هو ابن سلمان والحكومة السعودية، لكن المحاولات التي كانت تبذلها الرياض للتهرب والتنصل عن مسؤولية هذه الجريمة، وكذلك الدعم الاميركي للمسؤولين السعوديين كانا السبب في اطالة امد هذه القضية . وفي هذا البين فان المخرج الذي وضعه ترامب امام آل سعود فيما يخص اتهام اشخاص غير منضبطين بقتل خاشقجي، غيّر مسار الملف من تقديم ابن سلمان باعتباره المسؤول عن جريمة التصفية الى عناصر اخرى كقرابين له ، وبالطبع فقد نجح في هذا الامر لحد الان .
لقد نجح ابن سلمان لحد الان، لانه يشعر بانه حقق هدفه . فمن جملة اهداف ابن سلمان في قضية قتل خاشقجي هو انه كان يريد من خلال قتل هذه الشخصية المعارضة توجيه رسالة الى الداخل السعودي مفادها بان المعارضين للاصلاحات وبالطبع تصديه لسدة الحكم لا حصانة لهم ولا امان، سواء كان هؤلاء المعارضون في الداخل او في الخارج، وسواء كانوا مثل خاشقجي من الاصدقاء السابقين او لا يكونوا، كسائر المفتين واصحاب الراي والمثقفين القابعين في السجون و...
لقد نجح ابن سلمان لحد الان، لانه اوصل رسالته الى المعارضين واثبت ايضا ان اميركا تدعمه وتدعم حكومته وسياسة بلاده في اسوأ الظروف ايضا. فالامير الغر وفي ظل قضية خاشقجي استطاع تهميش مسألة اهانات ترامب للحكومة السعودية من جهة، وافهام ترامب بالحاجة المتبادلة للجانبين الاميركي والسعودية الى بعضهما بعضا. وان كانت الحقيقة هي ان ابن سلمان استوعب جيدا بان حكومته لن تستمر اكثر من اسبوعين بلا دعم اميركا .
وان كان يزهو كل من ابن سلمان والنظام السعودي بالنصر لحد الان، لكن ملف المغامرة لم ينته بعد، فعلى ابن سلمان وبالطلبع ترامب ان يردا من هنا فما بعد على بعض التساؤلات المطروحة. اولا، لو افترضنا بان قتل خاشقجي نتج عن شجار بينه وبين الموظفين السعوديين في القنصلية، فلماذا اخّر النظام السعودي مسألة الاعلان عن هذه الجريمة لمدة 18 يوما، بل وتنصل عنها فيما كان يعلم بحقيقة الامر منذ اللحظات الاولى؟ .
ثانيا، ان قبلنا كما يزعم بان جريمة قتل خاشقجي نفذت من قبل مجموعة غير منضبطة دون علم القادة السعوديين لاسيما ولي العهد، كيف يمكن التصديق بان تقوم هذه المجموعة بلا علم كبار قادتها لاسيما بن سلمان بارتكاب هذه الجريمة، في نظام استبدادي مئة بالمئة، حيث جميع تحركات وتصرفات المعارضين تخضع للرقابة؟.
السؤال الثالث هو حول الصمت الاميركي حيال هذه القضية ؟ لا شك انه لا يوجد من يصدق بان ترامب والادارة الاميركية لم يكونا على علم بما كان يعلمه الراي العام؟ ان قبلنا جدلا بان هذه المسالة تمت بلا علم ترامب ، فحين ذاك يجب ان نكون بانتظار عقوبات اميركية قاسية ضد السعودية ، لكن ما شاهدناه خلال الايام الـ18 الماضية وكذلك بعد الاعتراف الرسمي السعودي فجر اليوم السبت بجريمة القتل ، هو ان ترامب تعامل ولا زال يتعامل مع هذا الملف بمرونة وبلكل هدوء. بناء على ما سبق وفي الظروف الراهنة، على سلمان ان يكشف عن الثمن الذي دفعه لشراء صمت ترامب والادارة الاميركية او تغافلها عن هذه الجريمة؟
اخيرا وليس آخرا في هذا المجال، هو انه في الظروف الراهنة يسعى الملك الى تنزيه نجله، وهذا ما يمكن فهمه من خلال تقديم خراف الاضحية الـ18 قربانا له، وخير دليل على ذلك اناطة مسؤولية اعادة هيكلة المخابرات العامة الى المجرم الحقيقي. والان، السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو، هل سيصمت الراي العام حيال دور ابن سلمان في قضية قتل خاشقجي؟ وفي نفس الوقت، كيف سيواصل ترامب تبرير سلوكه وتعاملة مع مثل هذه الحكومة الاجرامية وولي عهدها الذي ينتظر صعود سلم الحكم، وبالطبع مع علامة ارهابية، والتعامل معها؟