قبل 6 سنە
د. نبيل نايلي
482 قراءة

واشنطن وباعها الطويل في اختلاق الذرائع لشنّ الحروب!

“إنّ الولايات المتحدة وحلفائها على أعتاب تحقيق الانتصار ضد تنظيم داعش الإرهابي. إنّهم لا يرغبون في التخلّي ببساطة عن سوريا بينما لا تزال بحالة حرب”. وزير الدفاع الأمريكي، جيم ماتيس.
عمدت المؤسسة العسكرية الأمريكية كما لجأ أولئك المرتبطون بها إلى التلاعب واختلاق “الحقائق” مرات عديدة في خدمة أجنداتهم العسكرية وشنّ حروب ومعارك ربما ما كانت لتقوم. وفي الشرق الأوسط وحده، أدت هذه التدخلات إلى مقتل الملايين من المدنيين الأبرياء، وإغراق كلّ من العراق وليبيا وسوريا وغيرهم في فوضى عارمة، وأدت إلى “تطهير عرقي” أسفر عن طرد حوالى مليون مسيحي من المجتمعات التي عاشوا فيها منذ العصور التوراتية.
من أشهر هذه الأباطيل بالطبع، تأكيد الحكومة الأمريكية للعالم على مزاعم “أن العراق كان يمتلك أسلحة دمار شامل”، مما شكّل الأساس القانوني والمبرّر الأخلاقي لغزو العراق عام 2003. كما أصرت الإدارة الأمريكية يومها “أن الرئيس العراقي صدّام حسين كان على علاقة بتنظيم القاعدة”! الأمر الذي دعم حجة الدعوة للحرب. ليكتشف العالم بعدها أن كلّ ذلك كان مجرّد الأكاذيب السمجة التي انطلت على من كان مستعدا لتصديقها!
ولكن حتى قبل ذلك كانت هناك حرب العراق الأولى في عام 1991، والتي تم تبريرها جزئياً بقصة الجنود العراقيين الذين قيل “إنهم قاموا بإغراق الأطفال خارج الحاضنات للموت في مستشفى كويتي”. وجيء بابنة السفير الكويتي البالغة من العمر 15 عاما لتسرد هذه الرواية أمام لجنة للكونجرس.
أيضًا كانت هناك الأكاذيب المتداولة حول استعداد الجيش العراقي لغزو المملكة العربية السعودية. السبب الظاهري لقيام الولايات المتحدة بإرسال قوات إلى الكويت دفاعا عن السعودية!
قبل ذلك، كانت هناك حرب كوسوفو حيث هاجمت واشنطن صربيا على أساس أكاذيب أيضا مدعية أن الصرب ارتكبوا ضد 100000 كوسوفي وقمع حربهم الأهلية. ذلك ما برّر القصف الأمريكي الضخم، والدمار الوحشي للبنية التحتية المدنية وللمصانع في تلك الدولة، بل وجميع الجسور، باستثناء واحد فوق نهر الدانوب. وفرض الأمريكيون “السلام”، ثم طردوا معظم الصرب من إقليمهم السابق! في وقت لاحق، تم تدمير منهجي لمئات الكنائس القديمة وخلق جيب أوروبي محشوّ بالمال السعودي والتعليم الوهابي.
في الآونة الأخيرة كان الهجوم البريطاني والفرنسي والأمريكي على ليبيا بتعلة المزاعم أن الرئيس الليبي كان يعدّ لمذبحة المدنيين في بنغازي. وكان أن دمرت الولايات المتحدة قوات ليبيا المسلّحة وساعدت على الإطاحة به وتحوّل البلد إلى “الدولة الفاشلة”.
وطالعتنا مؤخرا قصص عن هجوم بالغازات السامة في سوريا. ونشرت “الكونشيرفتيف الأمريكية، The American Conservative” تحليلاً مفصلاً لمفتش الأسلحة السابق سكوت ريتر، Scott Ritter، الذي “شكّك في الحجج المقدّمة، من عدمها، وبرواية أنّ النظام هو من بدأ بالهجوم”. كما ألقت السفيرة البريطانية السابقة لدى سوريا “بظلال الشك حول هجوم الغاز السام ومصادره”. كما قام الصحافيان الاستقصائيان سيمور هيرش، Seymour Hersh، وروبرت باري، Robert Parry، بدراسة “خروقات” هجوم الكيمياوي. وأخيراً، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريراً مفصلاً أعربت عن شكوكها في استنتاجها السابق بأن “الخط الأحمر” عام 2013 قد تم تنفيذه بشكل نهائي من قبل الجيش السوري.
بعد كل مئات الآلاف من الأبرياء في الخارج الذين قتلتهم الحرب والبؤس واللجوء والمنفى الناجم عن التلاعب الأمريكي والأجنبي، لم يمنع ذلك من نتوقف عن ضرب سوريا ومواجهة الروس. مما قد يشعل نوعًا جديدًا من الحروب مع روسيا المسلحة نووياً – وكلّ ذلك تم دون موافقة الكونغرس.
وبالعودة إلى مائة عام خلت، كانت هناك أكاذيب بريطانية “ساعدت” هي الأخرى على “الزج” بواشنطن بالانضمام إلى الحلفاء في الحرب العالمية الأولى. وحين كانت إنجلترا تتحكم بمعظم “أخبار” الحرب. هذا التدخل تمخّض عن معاهدة فرساي بدلاً من التوصل إلى حلّ وسط بين ألمانيا وإنجلترا / فرنسا ويحول دون تحطّم أوروبا وصعود الشيوعية والنازية.
لا يزال الحبل على الغارب وكلما قرّروا حربا أوجدوا لها ظروفها الموضوعية واختلقوا لنا الأعذار لا يهمهم كثيرا مصير “الخسائر الجانبية” ولا مستقبل بلد بأسره ما داموا سيتكفّلون بـ”إعماره”. الأنكى والأمر أن المسوّغات ذاتها والجيوش ذاتها والإسطوانات المشروخة ذاتها تعاد على مسامع ضحايا لا يتّعظون!
أيّ هوان هذا؟؟؟؟

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP