أطفال العراق.. الساقطون سهوا في غمرة الاحتفالات!
“هناك ضرورة أخلاقية لمساعدة الأطفال العراقيين على أن يعيشوا حياة طبيعية. لقد تسببت الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في أضرار جسيمة للبنية التحتية للصحة العامة والنسيج الاجتماعي في البلاد. إن الاعتداء غير الرحيم على الأطفال العراقيين ما يزال مستمرا.” الدكتور ومستشار الصحة الدولية سيزار تشيلالا، Cesar Chelala.
رغم أن العراق “السابح على بركة من النفط” على حد قول رامسفلد، كان ثريا وحصل على جائزة الصفر أمي منذ 1982، إلاّ أن عراق جيمس بيكر وعراق من قدموا على دبابات المستعمر حوّلوه في ظرف وجيز من البلد الغني المعطاء إلى متسوّل يعيش على فتات “مساعدات” من نهبوا ثرواته وحولوه إلى البلد الفاشل ونصبوا لحكمه نخبة فاسدة ودستورا طائفيا وربطوا مصيره باتفاقية أمنية وسكرية مخزية مذلة!
لا يزال أطفال العراق هم الضحايا الذين يدفعون ثمنا باهظا لما آل إليه البلد من استعمار وحالة سياسية متعفنة وطبقة حاكمة مهترئة وحروب متعاقبة فضلا عن فظاعات تنظيم داعش ووو. فظاعات بدأت آثارها السلبية على الأطفال تظهر بشكل جلي وملموس.
لا يكاد يمر أسبوع واحد في العراق دون حدوث عنف ما خلف عند الأطفال والبالغين على حد سواء ندوب بدنية ونفسية دائمةّ حتى أن الدكتور هيث السادي أحد خبراء مركز البحوث النفسية في جامعة بغداد، حذّر “من ارتفاع عدد الأطفال الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). علما أن اضطرابات ما بعد الصدمة لها آثار مدمرة على أدمغة الأطفال، ويؤثر سلبا على نموهم في المستقبل. وإذا لم يعالج في حينه يمكن أن يؤدي إلى خلق مجموعة من مشاكل الصحة العقلية.
ولنأخذ بعين الاعتبار أن معظم الأطفال العراقيين الذين يعانون من مشاكل نفسية لن يتم علاجهم الآن، لأن عدد الأطباء النفسيين الأطفال في البلاد غير كاف للتعامل مع أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة. والدكتور حيدر المالكي، هو طبيب نفسي للأطفال في مستشفى أبن رشد في بغداد، واحد من عدد قليل وقليل جدا من الأطباء النفسيين الأطفال المتبقيين في العراق.
تقرير اليونيسف بعنوان “لا مناص”، كشف عن تفاصيل آثار العنف المستمر على الأطفال العراقيين. كما يؤكد هذا التقرير أن 5 ملايين طفل من مجموع الأطفال البالغ عددهم 20 مليونا يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية. و1 من كل 5 أطفال قد توقف عن النمو وأكثر من 7 في المئة من الأطفال دون سن 5 سنوات يعانون من الهزال!
كما يتعرض الأطفال العراقيون لآثار الأسلحة المصنوعة من المعادن الثقيلة وإلى سموم المواد العصبية الناتجة عن انفجارات القنابل وغيرها من الذخائر، لأن تلك الأسلحة لا تؤثر فقط على أولئك المستهدفين بل على كل من يعيشون في الجوار. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التلوث الناجم عن اليورانيوم المستنفد وغيره من التلوث ذي الصلة بالعمليات العسكرية هو على الأرجح سبب في ارتفاع التشوهات الخلقية عند الولادة والسرطان.
أثرت الحرب واستمرار العنف في البلد أيضا وأحدثا أثرا ومضاعفات خطيرة على تعليمهم ودراستهم. ووفقا للدراسات التي أجرتها اليونيسيف، فإن 3 ملايين طفل لا يلتحقون بالمدارس بانتظام، كما أن 1.2 مليون طفل غير ملتحقين بالمدارس. وبالإضافة إلى ذلك، فإن نصف المدارس في العراق بحاجة إلى إصلاحات عاجلة!
البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، هي الأخرى، والتي تضررت جراء القصف العنيف، ولم يتم إصلاحها بعد، أدت إلى ضعف نظام الرعاية الصحية الذي يعرض صحة الأطفال وبقائهم تحت طائلة الخطر. ما لا يقل عن 70 في المائة من الأطفال النازحين (من مجموع 1.5 مليون طفل مشرد) تغيبوا سنة كاملة من الدراسة! ولا يحصل الأطفال ذوو الإعاقة على التعليم.
وفي الفترة ما بين كانون الثاني / يناير 2014 وأيار / مايو 2017، قتل 1.075 طفلا وأصيب 1.130 بجراح. وبالإضافة إلى ذلك، تم تجنيد 231 طفلا في القتال. وعلى الرغم من قوانين مكافحة عمل الأطفال، فإن أعدادا كبيرة من الأطفال يضطرون إلى العمل لكي يتمكنوا من تلبية احتياجاتهم الأساسية ومساعدة أسرهم.
ولقد فشلت كل من قوات الاحتلال الأمريكية البريطانية في الوفاء بأبسط واجباتها الأساسية تجاه أطفال العراق، التي نصت عليها اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل. اتفاقية وقعت عليها كل من العراق وبريطانيا العظمى والولايات المتحدة رغم من أن هذه الأخيرة هي الدولة الوحيدة العالم التي لم تصادق عليها!
هذا عن أطفال العراق فماذا عن أطفال اليمن وسوريا وليبيا والسودان ووو وفي كل شبر من أواني هذا الوطن المستطرقة والمستباحة. أجيال بأسرها من ضحايا الحرب والدمار والتشريد والجوع والفقر ممن سقطوا سهوا من أمنيات السنة الجديدة وأعياد الميلاد…
كل عام وأنتم بخير!!!