قبل سنە
أيمن الرفاتي
181 قراءة

حرب غزة تكشف الزيف العالمي والأوروبي

الاشراق | متابعة.
كشفت الحرب الأخيرة على قطاع غزة الزيف والنفاق العالميين تجاه قضايا حقوق الإنسان، فبخلاف كل المواثيق والمعاهدات الدولية جاءت تصرفات غالبية دول العالم الغربي منحازة إلى الكيان الصهيوني ومؤيدة لارتكاب مجزرة وعقاب غير إنساني ضد الفلسطينيين، وقد كان الاتحاد الأوروبي أبرز الجهات التي سقطت في هذا الرهان.

لقد أظهرت الحرب على غزة الوجه الحقيقي للغرب، الذي يغمض عينيه عن الجرائم عندما يتعلق الأمر في المنطقة بـ"إسرائيل"، بل ويتعامل كأن شيئاً لم يكن، ويقدم الدعم المطلق لآلة الحرب الإسرائيلية، فمنذ اليوم الأول للحرب، أطلقت دول الغرب يد الاحتلال من دون حدود أو شروط للانتقام من الإنسان في قطاع غزة، بعدما شعروا أن هناك تهديداً لبقاء هذا الكيان في فلسطين المحتلة.

من كان يتخيل أن اليابان التي تعرضت للإبادة بالقنابل النووية ترفض وقف إطلاق النار في غزة وتؤيد المجزرة ضد المدنيين، ومن كان يتخيل أن سويسرا التي تصف نفسها بأنها صاحبة الحياد تمتنع عن التصويت لإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة المنكوب.

ناهيك بأن هذه الحرب كشفت ازدواجية المعايير فقد ظهر العالم بعين واحدة لا يرى في غزة ما يراه في أوكرانيا، وقد أظهرت تصريحات وزير الخارجية الأميركي اليهودي، أنتوني بلينكن، عندما دان منع وصول المساعدات والماء والأدوية لأوكرانيا بينما سكت وأعطى "إسرائيل" الحق في ذلك أمام غزة، وكأنه يصدق القول العنصري بأن أهل غزة "حيوانات بشرية".

المواقف الغربية والأوروبية بمعظمها تكشف زيف الغرب؛ فما كان إجراماً بحق أوكرانيا تراه هذه الدول دفاعاً عن النفس عندما يتعلق الأمر بـ "إسرائيل"، ولنا في المواقف البريطانية والفرنسية خير دليل فوسائل الإعلام الدولية تضج بالتصريحات تجاه أوكرانيا بينما يصيب الخرس أو الإدانة للفلسطينيين من المستويات ذاتها في أوروبا والغرب.

الموقف الأوروبي عامةً ما زال مخزياً وضعيفاً، فبرغم تأييده لجرائم الاحتلال، فإنه لم يقدم إدانة واحدة للجرائم التي يرتكبها الاحتلال تجاه المدنيين والمستشفيات وطواقم الإسعاف والدفاع المدني، ولم يدن قصف المنازل على رؤوس ساكنيها من دون إنذار مسبق، وعلى خجل بدأ يظهر موقف الإدانة بعد مجزرة الاحتلال تجاه الآمنين في المستشفى الأهلي المعمداني بغزة التي راح ضحيتها قرابة 500 شهيد.

الحرب الأخيرة كشفت أن دول العالم بغالبيتها ليست صاحبة قرار أو موقف خاص بها، بل هي تابعة في كثير من الأحيان للموقف الأميركي حتى وإن كانت القضية تحتاج موقفاً إنسانياً، بل إن الخزي الغربي ظهر بتجريم التعاطف مع الشعب الفلسطيني، وهو ما حدث في فرنسا وبريطانيا وعدد من الدول الأوروبية.

لا شك أن الموقف الأوروبي منقسم تجاه ما يجري في قطاع غزة من جرائم، فمنهم من يعطي "إسرائيل" الحق لقتل كل ما هو موجود في قطاع غزة للانتقام مما حدث للعسكريين الإسرائيليين الذين مارسوا الحصار والقتل بحق الفلسطينيين على مدار سنوات طويلة، ومنهم من يقول على استحياء بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة من دون وقف الحرب قبل تحقيق أهدافها، وآخرون مثل بريطانيا يتبنون الموقف الإسرائيلي بالكامل، بل ويقدمون الدعم لـ"الجيش" الإسرائيلي لقتل مزيد من الفلسطينيين.

الموقف الأوروبي المنحاز إلى "إسرائيل" ينطلق من نقاط عدة ترى أن أمن "دولة" الاحتلال ضرورة أوروبية ذات أبعاد عدة، أولها أن هناك تياراً  كبيراً داخل الدول الأوروبية يرى أن "إسرائيل" جزء من أوروبا، فيما يرى اليمين المتطرف في أوروبا أن "إسرائيل" هي خط الدفاع الأول عن أوروبا بوجه الإسلاميين وموجات الهجرة، فيما يفسر المتعقلون أن الانحياز الإسرائيلي يأتي كالتزام أوروبي لليهود بعد الحرب العالمية الثانية كتعويض بعد ما يسمى المحرقة بحق اليهود التي ارتكبها النازيون، فيما يرجع البعض الموقف الأوروبي إلى وجود سيطرة من قبل اللوبي اليهودي الاقتصادي والإعلامي على مفاصل وشركات هامة في أوروبا.

الفضيحة التي ستصيب العالم، وخاصة الاتحاد الأوروبي، بعد حرب غزة ستكون كبيرة ومدوية، فبعد اليوم، لا يحق لأوروبا التشدق بحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، فقد ظهر كيف خرقه الأوروبيون بشكل فاضح.

لقد فضح الموقف الإسباني غالبية مواقف دول الاتحاد الأوروبي، التي صمتت إزاء قضية تهجير الفلسطينيين والحصار المطبق على غزة ومنع دخول المساعدات، إذ وصفت مدريد الإجراءات الإسرائيلية بأنها لا تحترم القانون الدولي عبر إصرارها على قطع إمدادات المياه والخدمات الاساسية.

لا شك أن هناك تحركاً بدأ يتبلور بعد جريمة الاحتلال تجاه المستشفى المعمداني لكنه مازال متدنياً، وغير قادر على القول لـ"إسرائيل" كفى للجرائم التي تمارسينها في غزة، وهنا سؤال مهم أمام الموقف الدولي من جهة وأمام الأوروبيين من جهة أخرى، كم من الجرائم التي يجب أن ترتكبها "إسرائيل" وكم من الأطفال والنساء يجب أن يقتلوا حتى تقولوا لـ"إسرائيل" كفى.

كم من الجرائم بحق الإنسانية يجب أن ترتكب "إسرائيل"، وخاصة استهداف المستشفيات وطواقم الإسعاف والدفاع المدني والبيوت الآمنة وتدمير البنية التحتية حتى يقول الأوروبيون لـ"إسرائيل" كفى، وكم من الدماء يجب أن تسيل حتى يتحرك المدافعون عن حقوق الإنسان في أوروبا؟

لا تتبنى الاشراق بالضرورة الآراء والتوصيفات المذكورة

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP