لبنان: أنهوا مهزلة تشكيل الحكومة.. قبل أن يصلنا طوفان الدم!
يجب أن تنتهي هذه المهزلة المهينة والمحقّرة لعقول اللبنانيين وكراماتهم والمسيئة إلى رصيدهم المعنوي ومصالحهم الحيوية في عالمهم العربي.يجب أن تتوقف الإهانات اليومية المتعمّدة التي تصوّر لبنان كائناً خرافياً من خارج هذه الدنيا، كل ما فيه «مختلف» و«غير طبيعي»، تمارس «طبقته السياسية» الموبقات جميعاً، من الابتزاز إلى الرشوة، عبر الاتجار بالطائفية والمذهبية، وتقود قطعاناً من المأفونين والمتعصبين والقتلة الذين يمكن دفعهم إلى التذابح ببعض الخطب المهيّجة أو بعض الفتن المدبّرة، تمهيداً لعقد الصفقات الجديدة في توزع المغانم والمكاسب ومواقع السلطة…
يجب أن يتم تشكيل الحكومة الخرافية، التي يتم تصويرها تارة وكأنها إنجاز القرن، وطوراً وكأنها المستحيل الرابع بعد الغول والعنقاء والخل الوفي، بينما هي في حقيقة الأمر مجرد حكومة فاشلة أخرى لن تنجح في ابتداع المعجزات: فلا هي ستكون مؤهلة للقضاء على الطائفية، والطائفية هي الوالدة والقابلة، ولا هي ستكون قادرة على الإصلاح المنشود، فالمساومات على المقاعد والحقائب بحسب «غلتها» تستبق الاتفاق وتلغي الأمل في وقف الانهيار… ثم إن هذه الطبقة السياسية عاقر، لا تهتم إلا بمصالحها ولو على حساب الشعب والدولة والوطن جميعاً.
إنها مجرد حكومة، يستولدها ظرف انتقالي يعيشه لبنان، بفضل هذه الطبقة السياسية، وكأنه فاصل بين جولتين في حرب أهلية لا تنتهي!
لسنا نملك ترف العيش في ظل الفراغ القاتل في السلطة، أو الصدام من حولها، بينما خزينة الدولة مثقلة بديون سوف تستهلك جيلاً أو جيلين من الرعايا الصالحين…
ومن حقنا على هؤلاء الذي قفزوا إلى مواقعهم المؤثرة على أكتافنا، وبفضل العصبيات التي استثاروها فينا، أن يوقفوا لعبتهم العبثية التي تنذر بأن تتحوّل دموية، والتي تكلفنا ما هو فوق طاقتنا من سمعتنا ومن رصيدنا ـ كمجاميع أفراد ـ في دنيانا العربية أو في العالم البعيد.
إن طوفان الدم يغمر الأرض العربية، من حولنا، تفجيراً وقتلاً جماعياً وحروباً أهلية لا يفيد منها إلا المهيمن الأجنبي (وهو أميركي أساساً) وإلا الاحتلال الإسرائيلي الذي تجاوز في عنصريته وفي ولعه بالدم، كل الحدود.
إن أنظمة عربية عديدة تنهار في ظل مذابح يرتكبها الحاكم الفرد ضد شعبه، وتمزقات تهدد كيانات سياسية قامت بالأمر وباتت حقيقة سياسية لا بديل عملياً منها إلا التشتت والضياع عن الأهداف الأصلية.
…
لقد آن أن تنتهي المفاوضات للمفاوضات، بين «الأقطاب» وحفلات الحرد والامتناع عن التلاقي، ثم تجديد «الحكي». انصرف عنا المهتمون برعاية التوافق بين أقطاب «الطبقة السياسية» التي باتت تملك مزيداً من المال وفائضاً في الوقت، وتهرب من المسؤولية عن نظامها الذي يوفر لها المنافع والفوائد والزعامة بإذلال رعاياها.
…
كفى أيها السادة المتحكمون.
إنها، في نهاية الأمر، «حكومة». مجرد حكومة ستسرع في انهيار البلاد بالإفلاس أو بالحرب الأهلية، وهما متكاملان ومتلازمان. والتأليف قد يمنح فرصة لالتقاط الأنفاس في انتظار ما يقرره «الكبار» فهل من الضروري أن يتم اغتيال لبنان بحكومته، قبل ذلك الموعد المرتقب؟!
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الاشراق وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً