حين يغيب "القرار الحكومي" تبقى "الردود "مفتوحة
تؤشر عملية اغتيال الحاج قاسم سليماني عند مطار بغداد الدولي، من قبل القوات الامريكية، ان امريكا لاترى في العراق بلداً، انما منطقة ((مستباحة ))تنفذ فيها اي عملية او اجراء عسكري او مدني، لذا لايمكن الاطمئنان على حياة اي عراقي، مثلما لايمكن الاطمئنان على حياة الزوار الاجانب ولا المؤسسات الدبلوماسية ايضاً.
الولايات المتحدة وعلى لسان كبار مسؤوليها اكدوا ان قصف موكب الحاج قاسم سليماني جاء بسبب عدائه لامريكا! ونقول: هل ان العراق اصبح "منطقة قتل" لاي شخص يختلف مع امريكا؟
الغريب ان الرئيس الامريكي ترامب يقول: كان قاسم سليماني يخطط لعمليات ضد امريكا ! وكأنهم يتخيلون ثم يتخذون الاجراء وفق مخيلتهم!! خاصة وان الامريكان لم يطلعوا العالم عن نوع ( (المخطط ))هذا !!
وبالقدر الذي يمثل به الحاج قاسم سليماني الرمزية لدى شعب ايران ولدى المقاومة في العالم، فان الحاج "ابو مهدي المهندس" يمثل نفس الرمزية بالنسبة للحشد الشعبي وللشعب العراقي ايضاً، وبذا فان عملية اغتيالهما لم تقف عند حدود اغتيال شخصين فقط، بل التجاوز على العمق لكلاهما.
في الجانب الاخر فان العملية تمت على ارض العراق وعند بوابة مطار "مدني" وبذا فان فيه تجاوز على سيادة بلد وكرامة شعب.
هذه المعادلة ولدت ردود فعل، كان من المفروض على "الحكومة العراقية" ان تغطي المساحة الرسمية والرد المناسب باستخدام كل الوسائل المتاحة سواء الدبلوماسية او المطالبة بمحاكمة الرئيس الامريكي باعتبار انه اشرف على "العملية" بنفسه، ثم استخدم الاجراءات القانونية ايضاً، ناهيك عن دعوة القوات الاجنبية الى الاسراع في جدولة خروجها.
الحكومة العراقية لم تقم بواجبها، واكتفت بالادانة والشجب. ان غياب "الموقف الحكومي الرسمي" فتح الابواب على كل الاحتمالات، حيث سارعت فصائل المقاومة الى اصدار البيانات والمطالبة بـ"الثار" .والسؤال : هل اخطأت المقاومة في اجرائها؟ الجواب "كلا "فحين يغيب الاجراء الرسمي، فهذا يعني امران، الاول "الرضا بالتجاوز" والثاني "الضعف" وكلاهما "خطران" على مصلحة البلد، والحفاظ على ارواح الناس، وبذا فان "المقاومة" وجدت "الشرعية" في الرد الذي تراه مناساً !! والشرعية هذه لم تكتسبها لمجرد الشؤون التي اسلفناها انما اكتسبتها ايضاً من قرار مجلس النواب الذي الزم الحكومة باخراج القوات الاجنبية، وقرار الشعب عبر "التظاهرة المليونية" في بغداد التي دعت فيها الجماهير الحكومة الى اخراج القوات الاجنبية.
وهنا نسال: حين يغيب القرار السياسي والحكومة ماذا يحل مكانه؟ لاشك "قرار الشعب".
البعض يتحدث عن "حكومة مستقيلة" وهذا صحيح، لكن هذا الامر لايتحمل مسؤوليته الشعب، فدماء الناس ليست "رخيصة" على اهلها، اذا ما ارخصتها الحكومات!
ان سلسلة الاحداث والاعمال العسكرية التي وقعت في العراق تؤكد ان الصراع يجري دون اي رعاية حكومية، فالمتظاهرون الذين قتلوا مازلنا نجهل قاتلهم، واغلب اعمال العنف التي رافقت التظاهرات نجهل فاعلها، فيما تؤكد امريكا انها وراء استهداف مقار الحشد الشعبي، ووراء استهداف شهداء المطار، وتعلن عداءها للحشد وقياداته وتنعتهم بـ"الارهاب" وتعمل باستمرار على استهدافهم، ولجميع هؤلاء "الضحايا" او المستهدفين عناوين قيادية واعوان واصدقاء واهل الخ.
ان اعتداءات امريكا المتكررة وعنجهيتها، وردود فعل المقاومة وما تمثل من روح وطنية وشجاعة يقابلها "غياب حكومي" تجعل الشعب العراقي يعيش حالة من القلق على مصيره، وفقدان الثقة التامة باي من طبقة السياسيين، كونهم في شغل عنه –تماماً- ولايريدون ان يتحملوا اي مسؤولية سوى ان يصدروا بيانات وكانهم "منظمة مجتمع مدني"!!.
لا اريد ان استنهض هممم السياسيين، كي يقوموا بواجباتهم، فقد نفختْ بقربتهم المرجعية من قبل فوجدتها مثقوبة، فاصيبت بخيبة امل كبيرة .!!
المشكل الاخر الذي فاتنا ان نتحدث عنه هو "الاعلام" حيث غلبت عليه الفوضى، وان زمن الرسائل التي يبعثها مجرد "فراغ" فيما الاعلام "المضاد" يعمل بمهنية لادخال العراق بمنطقة "الخراب" .
ان "الحاكم" الاهم في مستقبل حياة الشعب العراقي هو "المقاومة" لانهم "الفئة" التي ترى في التضحية من اجل الوطن عنواناً لادائها ورسالتها، ومثلما قاتلت المحتل من قبل، ومثلما قاتلت جيوش مصانعه "داعش" وارخصت الدماء فانها قادرة على قيادة المشروع السياسي وانتاج حكومة قوية، وان مقاتلة الاحتلال والارهاب يتمدد لمحاربة "الفساد" و"المفسدين" لذا لابد من وقفة شجاعة مع حماة البلد وابنائه البررة، بكل الوسائل المتاحة، بالكلمة والنصرة والدعاء والدعم اللوجستي فانهم خير من نأمنه على مصير بلدنا ومستقبلنا.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الاشراق وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً