قبل 5 سنە
محمود الهاشمي
373 قراءة

السعودية و "عزاء " القمم

ان الافراط في الاعتماد على الارادات الدولية في توفير الحماية لاي دولة في العالم ،امر في غاية  الخطورة ،وعلى الدولة المؤمنة بهذا المبدأ  ان تتوقع المزيد من المفاجآت.

 يقول احد كبار الكتاب اليابانيين " ان الشعب الياباني لا يشعر ، في لحظة انه في مامن من اي خطر، فالقواعد الامريكية الموجودة على ارض بلادنا وفرت الحماية للمصالح  الامريكية وليس لحماية شعب اليابان".
يمكن ان يكون هذا الراي خلاصة راي جميع الدول التي تتواجد على ارضها قواعد عسكرية اجنبية وهذا الراي لم يات جزافا،  انما انتجته الحقائق على الارض فالدولة الاجنبية عندما تضع قواعدها في اي دولة من العالم يفرض عليها  التدخل بالشان السياسي والاقتصادي والامني لذلك البلد، خشية ان تقع هذه القواعد في يد "الثوار "مثلا او اي جهه تقود "التغيير" لذا فان هذه الدول ستبقى اسيرة الارادات الاجنبية مهما تقدمت في جوانب حضارية وغيرها..
 هذه المقدمة سقناها بعد ان تلقت السعودية و الامارات ضربات في مواقعها الاقتصادية النفطية رغم تواجد قواعد اجنبية على ارضها !! السعودية ،مثلا،كانت تعتقد قبل ضربة "الفجيرة "او "مجمع ضخ النفط في الرياض "انها الاكثر امانا في العالم باعتبار انها تحظى بحمايه امريكية اوروبية مطلقة ، وانها سخرت الاكثر من اموال النفط لاجل ذلك ،لكنها وجدت اراضيها الاضعف في الرد على قصف الطائرات المسيرة او الصواريخ التي  أطلقها مجموعة من الثوار من دولة مجاورة عجزت عن كشفها ادق اجهزة الكشف الراداري والتي دفع من اجلها ملوك السعودية المليارات...
السعودية ورداً على هذه "الصدمة "هرعت الى القمم الثلاثة "العربية والخليجية والاسلامية" و دفعت ما دفعت الى رؤساء هذه الدول لغرض كتابة بيان نيابة عنهم ورد فيه اسم ايران 20 مرة،  وورد ما يعادله من كلمة "الحوثيين".
 امراء السعودية لم يسالوا انفسهم عن حجم هؤلاء "الرؤساء "في الدفاع عنهم، فقد نهشتهم  اقلام الصحافة ووسائل الاعلام قبل ان يعودوا الى بلدانهم بعد ان اتفق الجميع على فشل القمم الثلاثة، وان خطابها لا يتعدى جدران قصر"الصفا "بمكة الذي عقدت فيه المؤتمرات..
 امراء السعودية ارادوا بهذه القمم ان يعزّواانفسهم بانهم قادرون على التحشيد ضد ايران وان القرار العربي والخليجي والاسلامي مازال بايديهم ونسوا ان اغلب دول هذه العناوين اما منشغلون داخل بلدانهم الممزقة، وخاصة دول "الربيع العربي" او في خلافاتهم مثل دول الخليج.
او في قناعاتهم ان السعودية لم تعد رقما فاعلا في الوسط الاسلامي مثل الدول الاسلامية، لذا فان القمم كانت وبالا على المملكة وحكامها، لانها جعلت من امراء ال سعود تحت المجهر الاعلامي فاستعرضوا تاريخهم، وصولا الى اتهامهم بانهم من اصول "يهودية "الى انهم كانوا وما زالوا عنواناً للتامر عن القضية العربية و الاسلامية.
السؤال الذي يشغل المهتمين بالشان العربي والاسلامي: لماذا تصر السعودية على ان القواعد الاجنبية توفر الحماية لها دون الاعتماد على النفس.؟
 من يجيب  عن هذا السؤال: الموقع الخاص بوزاره الدفاع السعودية يؤكد ان المملكة هي الاكثر شراء للاسلحة بالعالم ،  وان الميزانية العسكرية. هي الثالثة بعد الولايات المتحدة والصين، وان واشنطن هي المسؤولة عن تدريب الجيش في كافة المجالات،  وتصف وزارة الدفاع الجيش السعودي على انه الاقوى في الشرق الاوسط والذي يصل عدده الى 500 الف مقاتل لكافة الصنوف..
وفقاً لموقع الوزارة وما تورده ال"ويكيبيديا" من معلومات والصحف والمجلات المختصة بالشان العسكري، فان السعودية تعد حصنا منيعا و قوة ضاربة في المنطقة.
 الحرب التي قادتها السعودية ضد اليمن كشفت ان المملكة مجرد ارقام ومبالغ وهمية والا وفق هذه الامكانيات لابد ان تحسم المعركة خلال عشرة ايام..
الحرب هذه كشفت ايضا، امرين مهمين الاول ان ليس للمملكة مثل هذا العدد من الجيش ولا هذا الكم من الاسلحة ولا التقنية الكافية لحماية سماءها، مثل ما كشفت سياسياً انها غير قادرة على التحشيد واستخدام نفوذها لاستقدام جيوش صديقة للقتال معها.
تحاول السعودية" الان" وبعد هذه الصدمة ان تتعامل بواقعية مع الامور فمثلا اصدرت قرارا بالخدمة الاجبارية بعد ان احست ان المتطوعين من جيشها هم معظمهم اجانب ونصفهم من اليمن والاخرين من دول اسلامية مثل باكستان،  وهؤلاء غير مستعدين في المغامرة بارواحهم في حرب طاحنة..
لا نعرف مدى استجابة الشباب السعودي الى قرار الملك في الخدمة الاجبارية المعطل منذ عشرات السنين بسبب عدم الرضا عنها من قبل المؤسسة الدينية والاجتماعية حيث وكلاهما لا يرغب ان هذا القرار الذي يجعل ابناءهم  جزء منه.
في الجانب الاخر فان امريكا وبدلا من ان تجد لهم مخرجا لحماية اجوائهم من الطيران و الصواريخ الحوثية دفعتهم للمزيد من شراء الاسلحة واخرها صفقة الثمانية مليارات.

نقول بعد  سلسلة الصدمات هذه التي تلقتها السعودية اما تكفي بان تتعض و ان تستفيد من عائدات النفط الهائلة التي تصدر بمعدل 11 مليون برميل يوميا ناهيك عن واردات الحج والعمره و المعادن الاخرى؟.
الغريب ان امراء السعودية لم يستطيعوا باموالهم الطائلة هذه حتى ان يحافظوا على كرامتهم،  وهم الذين يتعرضون يوميا للاهانات والهزو من قبل المسؤولين الامريكان إذاً  انها فرصة جيدة بان يستجيبوا لمبادرة ايران بمقترح معاهدة "عدم الاعتداء" مع دول مع دول الخليج ، او ان يستجيبوا للنداء الاخر من قبل قادة عسكريين ايرانيين بان يتم اتفاق لحماية المنطقة من قبل دولها دون الاعتماد على الحماية الاجنبية،  وبذلك لاتتعرض دول الخليج  وغيرها الى "الابتزاز" والى انهاك اقتصادها لشراء المزيد من الاسلحة، لعدو "وهمي"  تفترضه امريكا ، خاصة وان دول المنطقة لديها مشتركات كثيرة تؤهلها للمزيد من المعاهدات والاتفاقيات الضامنة لامنها ومستقبلها.

 

ملاحظة/ المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة يعبر عن رأي المؤسسة.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP