قبل 4 سنە
منيب السائح
411 قراءة

العراق وحقيقة تحوله الى 'ساحة لتسوية الحسابات'

ليس هناك في العراق بشكل خاص ولا في محور المقاومة بشكل عام، من يرضى ان يتحول العراق الى ساحة لتسوية الحسابات بين قوى اقليمية ودولية لا ناقة لبغداد فيها ولا جملا، فسيادة العراق واستقراره وأمن شعبه هي في سلم اولويات جميع العراقيين وفي مقدمتهم الحشد الشعبي وكذلك حلفاء العراق في المنطقة.

حقيقة ان العراقيين يرفضون تحويل بلادهم الى ساحة لتسوية الحسابات بين قوى اقليمية ودولية، هي من البداهة التي لا تحتاج الى توضيح او تاكيد، فليس هناك من يتمنى ان تتحول بلاده الى ساحة حرب تتقاتل فيها قوى تتجاهل المصلحة العراقية من اجل مصالحها، ولكن رغم ذلك مازالت هناك جهات تؤكد على عدم تحويل العراق الى ساحة لتسوية الحسابات، تُرى ما المقصود من وراء هذا التاكيد؟! ومن هي القوى التي تتقاتل على ارض العراق؟ وهل هناك جهة عراقية مقصودة من وراء كل ذلك؟.

من الواضح ان المقصود من القوى الاقليمية والدولية التي تتقاتل على ارض العراق هي امريكا وايران، اما المقصود من الجهة العراقية التي تساعد على تحويل العراق الى هذه الساحة فهي الحشد الشعبي، ومن الواضح ايضا ان الجهات المشبوهة التي تقف وراء كل هذه القضية تسعى جاهدة الى وضع ايران وامريكا في خانة واحدة.

بدون ان ندخل في تحليلات معمقة ونضيع في متاهات التفاصيل نقول ان الجهات العراقية، طبعا نستثني هنا اصحاب النوايا الطيبة، التي ما انفكت تكرر مقولة العراق وتحوله الى ساحة لتسوية الحسابات، تعرف حق المعرفة انه ليس لايران اي وجود في العراق حتى تقاتل به امريكا، بينما العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه يئن تحت وطأة جيوش امريكا وقواعدها وطائراتها ورادارتها وشركاتها الامنية وسفارتها التي تعتبر قاعدة عسكرية ضخمة في قلب بغداد، اما الجهة العراقية التي تتوجه اليها كل السهام لانها تمثل ايران في العراق فهي قوات الحشد الشعبي التي تضم خيرة ابناء العراق من شيعة وسنة واكراد ومسيحيين، الذين رملوا نساءهم ويتموا اطفالهم وافجعوا امهاتهم واباءهم بإستشهادهم، دون اي مقابل، دفاعا عن شرف العراقيات وخاصة العراقيات من اهالي الموصل واهالي المناطق الغربية بعد ان تحولن الى فريسة بقبضة وحوش "داعش".

الجهات التي تحاول اقناع العراقيين بأن بلادهم تحولت الى ساحة لصراع ايراني- امريكي، تحاول وبإصرار ملفت الصاق "تهمة ايراني" بكل ردة فعل عراقية على جرائم امريكا المتكررة ضد الحشد الشعبي، واخرها الجريمة الارهابية الكبرى التي ارتكبتها والمتمثلة باغتيال رمز عراقي كبير بحجم القائد الشهيد ابو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي في وسط بغداد، في محاولة واضحة لشل العراقيين ومنعهم من الرد على الجرائم الامريكية المتكررة ، خوفا من اتهامهم بتحويل العراق الى ساحة لصراع ايراني- امريكي!.

ترى هل يملك العراق الحق بالرد على جريمة اغتيال القائد ابو مهدي المهندس ام لا؟، فاذا كان يحق له الرد، فكيف سيكون الرد دون ان تُتهم ايران بانها وراء هذا الرد وانها حولت العراق الى ساحة للصراع مع امريكا؟، واذا كان لا يحق له الرد، فلماذا؟، وهل تركت امريكا للعراقيين من وسيلة سوى المقاومة بعد ان ضربت بعرض الحائط طلب مجلس النواب خروجها من العراق؟ الم يهدد ترامب انه سيسرق 35 مليار دولار من اموال العراق ويفرض على الشعب العراقي حصارا يتضاءل امامه الحصار المفروض على ايران؟، ترى الا يحق للانسان العراقي ان ينتقم لكرامته ويدافع عن سيادته وثرواته امام جشع وعنجهية امريكا من دون ان يتهم "انه ينفذ اجندة ايرانية"؟!.

من الواضح ان هذه الجهات تعمل على وضع "خيار" واحد وحيد امام العراقيين في مواجهتهم للصلف والعنجهية والجشع الامريكي وهو "خيار الرضوخ والاستسلام"، وفي حال اختار العراقيون خيارا اخر غير الاستسلام، فانهم سيتحولون مباشرة الى "ايرانيين" او على اقل تقدير "وكلاء او اذرع ايران"، كما يُروج ضد الحشد الشعبي اليوم، وما رُوج بالامس ضد حركات المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن و..

الملفت ان ماركة "الوطنية" و"العراقية" تُلصق بالمقابل بكل من ارتضى بالذل والهوان الامريكي وانبطح امام بسطال المحتل واتهم شرفاء العراق وشجعانه بانهم يعرضون امن واستقرار وسيادة البلد للخطر.

البعض من المنبطحين للمحتل الامريكي اكتشف مؤخرا ان منطق الاشياء يرفض الترويج بهذا الشكل المخزي والعار للمحتل الامريكي، فقرر ان يضع امريكا الى جانب ايران في خانة واحدة ويدعو الى اخراج "الامريكيين والايرانيين" من العراق، دون ان يلتفت الى ان هذه الدعوة اكثر تناقضا للواقع من تبرير وجود المحتل الامريكي، فاين هم الايرانيون في العراق ليخرجوا؟!، فاذا كان قصد هذا البعض، وهو الصحيح، الحشد وشيعة العراق وكل المؤمنين من ابناء العراق سنة واكرادا ومسيحيين بخيار المقاومة، فهنا تكمن الطامة الكبرى، وهي الطامة التي اوصلت العراق الى ما وصل اليه اليوم، فاغلب الحكومات العراقية المتعاقبة منذ تاسيس العراق الحديث، وخاصة النظام الصدامي المقبور ومنظري حزب البعث الشوفيني بالاضافة الى الوهابية وكل ما تفرخ عنها من تنظيمات سلفية تكفيرية، شككت ومازال التشكيك قائما، بوطنية كل عراقي شريف يرفض الخضوع للمحتل ويرفض الفتنة الطائفية، وخاصة شيعة العراق، فهناك من يعتقد انهم "ايرانيون" وهناك من يرى انهم "هنود" او "باكستانيون"، ولن تُقبل من شيعة العراق "عراقيتهم" و"عروبتهم" حتى لو خرجوا من كل ثوابت المذهب وعملوا ضد مصالح بلدهم وابناء جلدتهم كما يفعل البعض اليوم في العراق.

يبدو ان الامريكي كان يعتقد انه تمكن من العراقيين بعد ان زرع بذرة الشقاق بينهم من جهة كما شهدنا خلال الشهرين الماضيين في وسط وجنوب العراق، كما تمكن من العلاقة التي تربط الشعبين العراقي والايراني من خلال الترويج لكذبة "التدخل الايراني" و"الدور الايراني" و"اذرع ايران" و"العراق الذي تحول الى ساحة لتسوية الحسابات"، فاذا بالدماء الطاهرة للقائد الشهيد قاسم سليماني والشهيد القائد ابو مهدي المهنس، تأتي على كل ما صنعته امريكا واذنابها ومرتزقتها في العراق، وتحولت مراسم التشييع المليونية للقائدين الشهيدين في العراق وايران الى ما يشبه الاستفتاء على نهج المقاومة والتلاحم والوحدة بين الايرانيين والعراقيين فصعق الامريكيون واذنابهم.. "إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى".

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP