الحديدة وإتفاق ستوكهولم.. هل يتحقق السلام؟
لم يجف حبر الإتفاق الموقع بين الأطراف اليمنية في العاصمة السويدية ستوكهولم حتى عاد النظام السعودي والاماراتي للتصعيد في الحديدة. المشاورات التي استمرت اسبوع وفشلت في التوصل الى حلول عملية في أغلب القضايا ومنها إيقاف العدوان على اليمن والتوصل الى إطار سياسي يُنهي الازمة اليمنية، توصلت الى إتفاق بشان محافظة الحديدة وميناءها ومدينتها.
هذا الاتفاق الذي لم ينفذ حتى الآن سبقته معارضة كبيرة من قبل الوفد الذي مثل حكومة هادي ولم تاتي موافقته الا بعد ضغوط قادها المبعوث الاممي على السعودية ما ادى الى صدور اوامر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لهادي ووفده تامرهم بالتوقيع والموافقة على الاقتراح الذي قدمه المبعوث الاممي الى اليمن مارتن غريفيث حول الحديدة.
الاتفاق هذا يبدو انه لم يعجب الكثير خاصة الامارات والقوات المرتبطة بها المتواجدة في اطراف مدينة الحديدة، حيث كانت الامارات ترغب في إسقاط المدينة ومحاصرة الشعب اليمني وتسليم الحديدة للجماعات المرتبطة بها خاصة قوات طارق عفاش، غير ان صمود الجيش واللجان الشعبية افشل الخطط الاماراتية رغم الدعم الامريكي اللامحدود خلال العامين او الثلاثة اعوام الماضية، خاصة في جبهات الساحل الغربي.
الاتفاق في موضوع الحديدة والذي تم ابرامه في السويد، اذا تم تنفيذه فانه سوف يحيد الساحل الغربي لليمن من استمرار القتال ويضمن تدفق البضائع وما يحتاجه اليمنيين عبر الموانئ، كما انه يرفع الحصار السعودي الاماراتي عن ميناء الحديدة وغيرها من الموانئ اليمنية في الساحل الغربي.
ويعتبر العديد من المحللين هذا الاتفاق فرصة حقيقة للسلام في اليمن وخطوة في الاتجاه الصحيح لافشال الذرائع التوسعية للامارات والسعودية. كما انه قد يساعد على تلافي الازمة الانسانية التي خلقها هذا العدوان.
نائب رئيس الوفد الوطني المفاوض اللواء جلال الرويشان، خلال مؤتمر صحفي عقده في مطار صنعاء بعد عودة الوفد من السويد، اعتبر ان مشاركة الوفد في المشاورات خطوة أولى على طريق السلام للشعب اليمني. مضيفا انهم ارسلوا رسالة للعالم انهم مع السلام ويبحثون عن السلام بصدق وشفافية ووضوح، مشيراً ان هذه شهادة سمعوها خلال اجتماعاتهم مع سفراء الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة ووزير الخارجية البريطاني، والذين أشادوا بمبادرة السلام التي قدمها الوفد والمجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ في صنعاء.
وشدد الرويشان ان هدفهم من هذه المشاورات أن يثبتوا للعالم أنهم يسيرون في ثلاثة اتجاهات، الأول أنهم صامدون ولا يمكن أن يتراجعوا مهما كانت الصعوبات والعراقيل، والاتجاه الثاني انهم يمدون أيديهم للسلام مع إخوانهم أولا ثم مع العالم، والاتجاه الثالث أن المأساة الإنسانية في اليمن أصبحت فوق قدرة المجتمع الدولي وكذا فوق مفهوم الإنسانية لديهم، مشيرا ان هذه الرسائل الثلاث وصلت للعالم وانهم مصممون عليها.
هذا ورحبت العديد من الدول بهذا الاتفاق وتمنت ان تكون مقدمة لإنهاء الحرب والصراع في اليمن، كما رحّبت اللجنة اليمنية لدعم السلام بمخرجات مشاورات السويد، وشدّدت على تواصل لجهود لوقف الحرب وفك الحصار.
وجاء في بيان أصدره الرئيس اليمني الأسبق علي ناصر محمد، نيابة عن "اللجنة"، أنها ترحب بالاتفاق المعلن وتامل ان تتواصل الجهود لإيقاف الحرب وإحلال السلام بشكل كامل، ورفع الحظر الجوي والبحري والبري من أجل رفع معاناة الملايين من أبناء الشعب اليمني.
هذا ودعا الموفد الخاص للأمم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث الجمعة أمام مجلس الأمن إلى العمل سريعا على إنشاء "نظام مراقبة"لمراقبة تطبيق الإتفاق الذي تم التوصل إليه بشأن الحديدة، مضيفا ان انشاء هذا النظام ليس ضروريا فحسب بل هناك حاجة ماسة اليه وقد أبلغه الطرفان انهما سيقبلان ذلك.
وتوقع مندوب هولندا الدائم لدى الأمم المتحدة السفير كارل أوستريم، اثناء اجتماع لمجلس الامن بشان اليمن أن يصوت مجلس الأمن على قرار يدعم اتفاق السويد بحلول الإثنين أو الثلاثاء المقبلين. مشيراً إلى أن بلاده ترغب في اعتماد قرار من مجلس الأمن الدولي بشأن اتفاقات ستوكهولم.
وأوضح السفير الهولندي أن أهم البنود التي سوف يتضمنها القرار، يجب أن تشمل تأكيد وقف إطلاق النار، والوصول الإنساني إلى المدنيين، وتمويل العمل الإنساني، وتنشيط الاقتصاد اليمني، إضافة إلى تأكيد دعم جهود المبعوث ألأممي الخاص الى اليمن.
وفي ظل الجهود التي تبذل لتثبيت هذا الاتفاق، عادت القوات المرتبطة بالامارات الى التصعيد في اطراف المدينة واطلاق القذائف نحو المدنيين.
وقالت مصادر يمنية ان قوات المرتزقة شنت عدد من الهجمات باتجاه المدينة، كما قامت بقصف مكثف بالاسلحة الثقيلة باتجاه فندق الإتحاد والأحياء المجاورة له بمنطقة 7 يوليو السكنية بمديرية الحالي.
وأوضح المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع أن طيران العدوان شن عشرات الغارات في الحديدة بالتزامن مع اختتام مشاورات السويد.
ويرى العديد من المراقبين ان الاتفاق قد لا ينفذ ولا تلتزم به الامارات والسعودية الا اذا كان هناك دعم حقيقي من قبل الادارة الامريكية وضغط حقيقي على حلفائها الاماراتيين والسعوديين، حيث لازالت الادارة الامريكية رغم الموقف الاخير من قبل الكونغرس ترفض التخلي عن دعم النظام السعودي في حربه على اليمن، ولازالت تتجاهل هذه المعاناة الانسانية التي ليس لها مثيل في العالم، التي صنعها النظام السعودي والاماراتي في اليمن.
لكن وعلى اي حال فإن الشعب اليمني قد كسب هذه الجولة من المفاوضات.
ويرى الكاتب والاعلامي اليمني محمد القاعدي ان المهم في الأمر بشان هذه المشاورات وكذلك الاتفاق حول الحديدة، هو أن الجميع أيقن أن الحل في اليمن سياسي بحت، بعد فشل العدوان عسكريا، وان القوى السياسية في صنعاء مع الحلول السياسية واهلا لذلك، مشيرا ان الجميع بات يدرك أيضا أن وفد الرياض وحكومة هادي لا يملكون قرار وقف العدوان والدخول في مشاورات جادة للحل.
واضاف ان الأهم من ذلك أن المجتمع الدولي أدرك حرص الوفد الوطني لوقف العدوان ورفع الحصار وتكشفت للجميع ان وفد الرياض يحاول توظيف الملفات الإنسانية لمكاسب سياسية لا تخدمه بقدر ما تخدم السعودية والإمارات.
اما رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام فقد قال ان وفدهم كسب الجولة السياسية والدبلوماسية في هذه المشاورات كما انه كسب رضى الشعب اليمني من خلال تفهمه للوضع الانساني الصعب ومحاولته إيجاد حلول لها من خلال تقديم التنازلات، مشدداً أن الكرة أصبحت في ملعب أطراف العدوان إذا أرادوا السلام والمصالحة وإيقاف عدوانهم على الشعب اليمني.
A.Z