قبل 6 سنە
ربى يوسف شاهين
474 قراءة

تركيا.. بين سندان البقاء في سوريا ومطرقة التعهّدات الدولية

 

منذ بداية الحرب المفروضة على سوريا، برزت تركيا كلاعبٍ أساسي في المشهد السوري، وعمدت إلى رسم خطوطٍ عريضةٍ لتدخّلاتها في سوريا،  فمن التصريحات السياسية إلى التدخّل العسكري المباشر مُستغلّة بذلك وجود الكرد في الشمال السوري، والذي بحسب مزاعمها يهدّد الأمن القومي لها، وبدأت بتنفيذ خطّتها عبر عمليات أطلقت عليها "درع الفرات" و"غصن الزيتون" مع أدواتها المسلّحة "الجيش الحر"، لتحتل إدلب وجرابلس وعفرين والباب وأعزاز، وتُطبق على منبج لولا التواجد الأميركي هناك، وذلك عبر التحالف الأميركي الكردي في منبج السورية.

تركيا على الأرض فعلياً

ففي محاولة من الرئيس أردوغان، وخصوصاً بعد الانتصارات الكبرى التي حقّقها الجيش السوري، أن يرسّخ الوجود التركي في الشمال السوري، وبحسب ما كتب رئيس مركز تحليل المعلومات في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، نيكولاي بلوتنيكوف، عن إنشاء مؤسّسات تعليمية حكومية في مدينة الباب لتعليم ثلاث لغات العربية والتركية والإنكليزية، وأن الأراضي الشمالية من سوريا والتي أصبحت تحت سيطرة تركيا، وهي أكثر من 4 آلاف كم متر مربع ، فقد تم إنشاء سلطات محلية ومحاكم وخدمات بريدية... وبدأت الدالات تظهر باللغة التركية على الطُرُق.. ويتم جَمْع أموال الضرائب المحلية والإيجارات والرسوم البلدية لتمويل السلطات المحلية. كما بدأ السكان المحليون بالاعتياد على فكرة أن الاعتماد على تركيا طبيعي وتاريخي.

وهذا يفسّر تماماً الأكذوبة التي اختلقتها تركيا للتدخّل في سوريا.

ولم تقتصر الأفعال على ذلك بل قامت بالنَهْبِ والسرقة عبر إرهابييها للتاريخ السوري المُتمثّل بآثار الشمال السوري.

وحتى هذه اللحظة وعلى الرغم من الاتفاق الذي تم بين بوتين و أردوغان في اللقاء الأخير، وتنفيذ مخرجات سوتشي، إلا أن تركيا وعلى الأرض مازالت تزجّ بقوّاتها إلى الأراضي السورية، تحت ذريعة تطبيق ما وعدت به لتبرِّئ نفسها أمام المجتمع الدولي.

أهداف الرئيس التركي...

منذ تقديم الفرنسيين لواء إسكندرون لتركيا والأطماع التركية لم تنته، وما يعمل عليه الرئيس أردوغان هو توسيع نطاق سيطرته واحتلال أراضٍ أخرى من الدولة السورية، ولاستكمال طموحاته يعمد إلى إطالة الحرب بافتعال الأكاذيب حول تنازع الفصائل المسلّحة في الشمال السوري ، صحيح أن الشقاق والاقتتال بين الفصائل يُمثّل المشهد القديم الجديد بين الفصائل، وذلك نتيجة للخسارة الكبيرة التي تكبّدوها من قِبَل الجيش السوري، إلا أن تعهّده لروسيا بأنه قادر على الحل السياسي في إدلب ما هو إلا ليترك لنفسه أمام المجتمع الدولي موقفاً مُشرّفاً، وعليه إن إيّ تأخّر في تنفيذ اتفاق مناطق خفض التصعيد من قِبَل الجماعات المسلّحة، ما هو إلا بإيعاز مباشر من أردوغان،  والشواهد على الأهداف كثيرة كما أسلفنا سابقاً.

 تركيا باتت تدرك تماماً أن الشمال السوري سيعود إلى السيادة السورية عاجلاً أم آجلاً، وهذا ما أكّد عليه الرئيس السوري "بشّار الأسد" حين قال "إدلب ستعود إلى كنف الدولة"، وأضاف الأسد خلال اجتماع للجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي "إن ما شهدناه مؤخّراً من هستيريا غربية قبل معركة إدلب، نابع من كونها تشكّل أمراً مصيرياً بالنسبة لهم، لأن انتصار السوريين فيها سيؤدّي إلى فشل خططهم إزاء سوريا، وعودتها إلى الدولة السورية وهذا سيشكّل خطراً كبيراً على مشروعهم في المنطقة، سواء أكان مشروع "صفقة قرن" أم غيرها من الصفقات".

بالتوازي لا يمكننا أن نتغاضى عن طموح أردوغان في سوريا، وبالرغم من أنه أعلن أن تركيا لن تخرج من سوريا حتى إجراء الشعب السوري انتخابات في البلاد، ما يُفسّر كلامه على اعتبار تقديم ذريعة جديدة للبقاء في سوريا، لكن بحسب المواثيق الدولية فإن الوجود التركي في الجغرافية السورية غير شرعي، وعليه فقد أكّدت الدولة السورية أن أية قوات تتواجد في سوريا من دون موافقة دمشق فهي قوات غازية، وسيتم التعامل معها على هذا الأساس، وهذا أيضاً ما أكّد عليه جميع المسؤولين السوريين.

مسألة الشمال السوري وإن اتّخذت الحل السياسي لحقن الدماء، إلا أن الكلمة الفصل ستكون نهاية للجيش العربي السوري في حال لم يتم تطبيق الاتفاق كما ورد في مؤتمر سوتشي، والذي رأت فيه القيادة السورية حلاً لإرضاء جميع الأطراف، على أن لا تَمس هذه الحلول بسيادة سوريا.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP