ايلول ساخن في سوريا.. والقوى المتصارعة على موعد مع اشتباك كبير
كل شيء في سوريا يوحي بان احداثا كبيرة ستحصل على ارضها والاحداث تداخلت بشكل لم يكن بالحسبان. فالتوتر الروسي الاميركي وصل لذروته، خصوصا في ظل اصرار مراكز القوى في واشنطن على اتهام موسكو بالتدخل في الانتخابات الرئاسية. التي هي بمثابة شماعة لقطع العلاقات مع موسكو اما السبب الرئيسي فهو وجود عدد كبير من رجال الاعمال الروس في الولايات المتحدة والمقربين من الرئيس فلاديمير بوتين ودائرة صنع القرار في البلاد. اضافة الى ان روسيا بدأت فعليا ببيع اسلحتها لدول واسواق كانت محرمة عليها في السابق بفعل الفيتو الاميركي لهذه الدول وعلى راسها دول الخليج ودول افريقيا الوسطى وبعض الدول الاسيوية مثل الفلبين واندونيسيا وماليزيا والهند.
هذا الخلاف انعكس على الارض السورية فقد بدأت موسكو تشدد على ضرورة اخراج القوات الاميركية من سوريا، وان قواعد واشنطن هي الحامي الوحيد لما تبقى من “داعش” و”النصرة” في الجنوب السوري. وهذا ليس بمعزل عن التصريح الروسي بان دمشق ستتصدى لاي عدوان ثلاثي محتمل عليها، وذلك بعد ان ترددت الانباء عن نية الولايات المتحدة شن عدوان على سوريا بمشاركة فرنسا وبريطانيا، في محاولة لاخراج الرئيس الاميركي دونالد ترامب من ازمته السياسية مع قيادات الضغط الاميركية. والتصريح الروسي بخصوص التصدي جاء هذه المرة بنبرة مرتفعة وواثقة اكثر من اي وقت مضى، وهو ما يوحي بان موسكو قد سلمت دمشق منظومة الدفاع الجوي S300 وهو ما سنشاهده ان شن هذا العدوان. ولكن بحسب المعلومات الواردة وقراءة ما بين سطور هذه التصريحات، فقد بات من المؤكد ان التصدي هذه المرة لن يكون للصواريخ بل للطائرات والعمل على انزالها ان سنحت الفرصة.
اما واشنطن فقد بدأت بخطوات استفزازية لدمشق وموسكو وطهران وانقرة على حد سواء، وذلك بعد زيارة ممثل عن وزارة الخارجية الأمريكية ويليام روباك، الى الاراضي السورية التي تحتلها جماعة “قسد” واكد منها بان وجودهم في سوريا دائم ولا حدود له، وان هذا الوجود مرتبط بـ”داعش” وايران. لكن دمشق تعول على الشارع السوري من اجل خروج واشنطن، لان المناطق التي تنتشر فيها القوات الكردية تحت اسم “قسد”، وحتى محافظة الحسكة ومدنها مثل القامشلي وعين العرب والشدادي سكانها عبارة عن خليط من عرب وكرد وارمن، والانتشار الى الرقة ودير الزور سيعرض “قسد” ومن معها لمخاطر الاقتتال مع سكان هذه المناطق لاسيما في ظل الخلافات القديمة بينهم.
اما الخلاف التركي الاميركي فهو ليس اقل منهم، خصوصا بعد الحرب الاقتصادية القاسية التي شنتها واشنطن على انقرة وهو ما جعل الرئيس رجب طيب اردوغان، يخرج بتهديد كبير لواشنطن ويؤكد ان قوات بلاده قد تدخل المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الارهابية في الشمال السوري، ويقصد هنا قوات “قسد”. وهذا الخلاف هو نتيجة تراكمات من الازمات بين الجانبين منذ رفض واشنطن تسليم انقرة الداعية فتح الله غولن وما تبعه من احداث.
في ظل هذا الصراع بين القوى يحضر الجيش السوري نفسه منذ اسابيع طويلة لمعركة الحسم في ادلب، دافعا بذلك بعتاد عسكري كبير للمنطقة. والاسابيع الماضية شهدت فيها مناطق التماس في ادلب قصف شبه يومي، وعلى الطرف الاخر تنشط النصرة بشكل كبير وفي اول ايام العيد تجول زعيمها ابو محمد الجولاني، على مناطق تعتبر بحسب الغرب تنشط فيها “المعارضة المعتدلة” وهو ما يؤكد بان لا اعتدال في اجندة النصرة ومن معها، ومن يمولها ويغطيها سياسيا.
اذا هو ايلول ساخن تنتظره سوريا واشتباك بين جميع القوى قد يحدث بين الحين والاخر على ارضها.