“الناتو العربي” حقبة أمريكية جديدة لقيادة الأزمات..
يبدو ان قمة هلسنكي التي جمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين و الأمريكي دونالد ترامب ، لم تكن إلا ترجمة لانتصار روسيا في ملفات الشرق الأوسط السياسية و الميدانية ، لكن ما يخبئه ترامب ليس بالضرورة أن يبوح به ، خاصة أمام بوتين المنتصر في سوريا ، هي حقيقة يدركها ترامب و بيادقه في المنطقة ، و بالتالي لابد من استراتيجية تكون سبيلا لخلق المزيد من التوترات في المنطقة ، لتتمكن واشنطن من العودة للإمساك بملفات الشرق الأوسط الأكثر حساسية ، و التي تؤدي إلى إحداث ضغط و توتر يسلب مفاعيل الانتصار الروسي في المنطقة ، و يجعل من المحور الروسي يتخبط في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة ، و بطبيعة الحال هي استراتيجية تستهدف ايران عبر روسيا ، و بهذا سيتم تمرير ملفات واشنطن في المنطقة لجهة احتواء روسيا و مقايضاتها .
إذاً ، تسعى أمريكا من جديد لخلق حقبة سياسية و ميدانية تكون تعويضا لخسارتها في المنطقة ، تحت ذريعة التمدد الإيراني و احتواءه و المحافظة على آمن اسرائيل ، هنا بدأت الاتصالات الأمريكية لإنشاء ” ناتو عربي ” ، و ليس مستغربا حين نقول بأن السعودية و مصر و الأردن هم عِماد هذا الناتو الوليد ، حيث أن حرب التصريحات و التهديدات بين واشنطن و ايران بلغت حدا سيؤدي حتما إلى انفجار كارثي لن يسلم منه أحد ، و عليه سيكون يومي 12 و 13 تشرين الأول في واشنطن و هو تاريخ القمة المقررة بين ترامب و زعماء دول تُمثل أدوات واشنطن في المنطقة ، نواة لتأسيس حلف ناتو عربي ، و من المفيد أن نذكر بأن هذه الاستراتيجية الأمريكية تتزامن مع تقرير استرالي تنبأ بعمل عسكري ضد ايران في المستقبل المنظور، ونقل عن مسؤولين استراليين قولهم ان واشنطن مستعدة لقصف منشآت نووية في ايران ربما في الشهر المقبل.
في إطار حرب التهديدات التي تطلقها أمريكا ضد إيران ، تسعى واشنطن إلى اصطياد صفقات سلاح جديدة مع حكام الخليج من جهة ، إضافة إلى زيادة منسوب الرعب لدى أدوات أمريكا ، ما يبرر الانخراط في ناتو عربي مع ميزة دفع التكاليف كاملة من جيوب هؤلاء الحكام ، مع العلم الكامل لواشنطن بأنهم غير مؤهلين للانخراط في حلف كهذا ، فالمثال القريب يتمثل في التحالف العربي ضد اليمن و الذي فَشل على أبوابها ، و بالتالي لن يكونوا قادرين على تأسيس ناتو عربي و تنفيذ برامجه العسكرية و السياسية ، و هناك مسألة يجب التوقف عندها طويلا ، إلا و هي البدء بإجراءات الحصار الاقتصادي ضد ايران ، وابرز اعمدته منع تصدير النفط الإيراني ووقف كل اشكال التبادل التجاري مع طهران ، فهل ستكون دول الخليج قادرة على تحمل تبعيات فرض هذا الحصار الأمريكي الذي سيؤثر عليها بشكل مباشر ؟ .
الأمر الخطير الذي يجب الإضاءة عليه ، اسرائيل ستكون بشكل سري ضمن صفوف هذا الناتو ، كيف لا و اسرائيل التي ترى في ايران العدو الأول في العالم الذي يهدد وجودها ، و هذا حقيقة ما تسعى إليه واشنطن و تل ابيب ، حيث يسعون إلى ” حَلبِ ” حكام الخليج و أخذ مليارات الدولارات من خزائنهن ، و القمة المرتقبة في واشنطن ستؤكد بما لا يدع مجالا للشك تبعية هؤلاء الحكام للبيت الأبيض ، فهذه الدول لا تستطيع رفض طلبات ترامب و إلا ستختفي عروشهم خلال اسبوع واحد فقط .
في المحصلة ، سيتسابق حكام الخليج الى الانضمام لناتو امريكا العربي ، و سيكونون الممولين لهذا الحلف و اي حرب ستأتي برعايته ، لكن ايران لن تقف مكتوفة الصواريخ ، و سترد بحزم على أي حلف يهدد امن ايران و الايرانيين .