قبل 2 شهور
أحمد عبد الرحمن
41 قراءة

أي علاقة لهجوم "البيجر" في لبنان بضربة حزب الله على "غليلوت"؟

بعيداً عن التداعيات التي يمكن أن تنشأ عاجلاً أو آجلاً عن العملية "الإسرائيلية" العدوانية غير المسبوقة، والتي استهدفت المئات من المدنيين والمقاومين في لبنان، وبغض النظر عن الطريقة التي نُفّذت من خلالها، والإمكانيات والأدوات المستخدمة فيها، والتي ستحتاج إلى مزيد من الوقت والتحقيقات، فإن هناك قطبة مخفية في هذا الحادث الأليم ربما لم تنل حظها من التحليل أو ضاعت في غمرة الكم الهائل من المعلومات والأخبار العاجلة التي رافقت هذا الحدث الضخم والمهول.

والحديث هنا عن أسباب هذا الهجوم "الصهيوني" المروّع الذي يخالف كل القوانين الدولية، ويضرب عرض الحائط بكل ما نصّت عليه الشرائع السماوية والمقررات الأممية والدولية المتعلّقة بحق الإنسان في الحياة، بغض النظر عن لونه وعرقه وديانته وطائفته، بل ذهبت هذه "الدولة" المارقة والمجرمة إلى أكثر من ذلك باستخدام وتطويع كل ما توصّل إليه العلم الحديث من ابتكارات وإنجازاتلخدمة البشرية في سبيل إزهاق أرواح الناس، وتجريدهم من كل ما كفلته لهم قوانين حقوق الإنسان، وحماية المدنيين حتى في أوقات الحرب.

في نظرة سريعة إلى قد يبدو العدوان الإلكتروني الواسع على لبنان من وجهة النظر تلك يهدف إلى إشعال الجبهة الشمالية، وتوسيع مساحة القتال فيها، بما يضطر "الجيش" إلى سحب جزء كبير من قواته في قطاع غزة، ولا سيّما وهو يعاني من نقص كبير على مستوى القدرة البشرية،ما حدث في العديد من المدن اللبنانية من تفجيرات متزامنة أصابت أجهزة المناداة اللاسلكية، وهو الأمر الذي امتد ليصل إلى ضواحي العاصمة السورية دمشق، يمكن توقّع العديد من الأسباب التي دفعت العدو إلى الإقدام على هذا "الجنون" الذي يمكن وصفه بالأحمق والبالغ الخطورة.

هذا الفعل لا يشير فقط إلى أن "إسرائيل" تعتمد سياسة حافة الهاوية، بل تذهب إلى نقطة أبعد بكثير بالتحليق الحر فوق الهاوية نفسها، متسلّحة بإمكانيات وأدوات عسكرية ودبلوماسية كثيرة، إضافة إلى الغطاء الأميركي والغربي الذي تعتقد أنه سينقذها مما ورّطت نفسها فيه، كما جرت العادة، وهي بذلك تكرّر الخطأ نفسه الذي ارتكبته حين اغتالت السيد فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، وعند اغتيالها رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد إسماعيل هنية في طهران، إلى جانب عدوانها على ميناء الحديدة اليمني. 

"إسرائيل" المأزومة والغارقة في دوامة من الفشل الميداني والعملياتي في قطاع غزة، والمحاصرة بجبهات الإسناد والإشغال من أكثر من اتجاه، والتي تعاني انقسامات داخلية فريدة من نوعها تهدد بانهيار النظام السياسي والاجتماعي والقضائي للدولة، اختارت كما يبدو الهروب إلى الإمام، سعياً للخروج من مجموعة كبيرة من الأزمات التي لا تتعلّق فقط بالحفاظ على هيبة "الدولة" أو استعادة جزء من قدرة الردع التي تآكلت بشكل هائل خلال السنوات العشرين الماضية، وتعرّضت لانتكاسة غير مسبوقة في صباح السابع من تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، بل للحفاظ أيضاً على استقرار وتماسك الائتلاف الحكومي المتطرّف بزعامة بنيامين نتنياهو، الذي يواجه الكثير من التحدّيات، التي ربما في حال توافرت بعض الشروط الداخلية أو حدثت بعض التطورات الدولية والإقليمية ستؤدي إلى انفراط عقده وتفكّكه، وهو ما يعني بالضرورة حينها نهاية المستقبل السياسي لنتنياهو تحديداً، إلى جانب الكثير من الرؤوس الحامية، أمثال المتطرّف بتسلئيل سموتريتش، والأحمق إيتمار بن غفير.

هذا الهروب إلى الأمام، وبهذا الحجم الكبير، يتطلّب حتماً مساعدة من الكثير من الأطراف، في المقدّمة منهم رأس الشر في العالم الولايات المتحدة الأميركية، التي بادرت فور هذه الجريمة الموصوفة إلى الإعلان عن زيارة مرتقبة لوزير حربها لويد أوستن إلى الكيان العبري، في زيارة وصفتها بأنها مقرّرة سلفاً، وإن كنّا نعتقد أنه قد تم اتخاذ القرار بشأنها بعد الهجوم "الإسرائيلي" مباشرة، لتوجيه رسالة إلى محور المقاومة عموماً، وحزب الله على وجه الخصوص، بأن العدو لن يكون وحده في حال تعرّض لهجمات انتقامية، كما حدث تماماً بعد جريمتي الاغتيال في ضاحية بيروت الجنوبية وطهران.

من هذه الأسباب التي يعتقد البعض بوجاهتها الصراع الحاصل بين المستويين السياسي والعسكري في "الدولة "العبرية، وتحديداً بين رئيس الوزراء الصهيوني وائتلافه المتطرف من جهة، وبين وزير الحرب يؤاف غالانت ومؤيديه من الجنرالات والقادة العسكريين من جهة أخرى، إذ إن هناك توجّهاً بدا واضحاً للغاية خلال الشهور الماضية حول رغبة الجيش الصهيوني في إنهاء عملياته العسكرية في قطاع غزة، وهو ما أعلنه غالانت ورئيس الأركان هاليفي في تصريحات صحافية أكثر من مرة، وتم تسريب الكثير من الأخبار المتعلّقة به في معظم الصحف الإسرائيلية، وأنه يجب نقل الثقل العسكري إلى الجبهة الشمالية التي تشكّل بحسب الكثير من القادة العسكريين الصهاينة التحدّي الأهم في هذه المرحلة بالذات.


لا تتبنى الإشراق بالضرورة الآراء والتوصيفات المذكورة

إقرأ أيضاً

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP